الوقوع في فخ الاقتباس والملل.. هل خسرت دينا الشربيني في "لعبة النسيان"؟

الوقوع في فخ الاقتباس والملل.. هل خسرت دينا الشربيني الرهان بـ”لعبة النسيان”؟
الحلقات الأولى من المسلسل أصابت المتابعين بالملل لعدم وجود تصاعد درامي

ياسمين عادل

نجح مسلسل "لعبة النسيان" في حجز مقعد متقدم بالسباق الرمضاني، فمع الإعلان عن العمل قرر الجمهور وضعه على أولوية قائمة المشاهدة، من جهة لأنه بطولة دينا الشربيني التي تصدرت المشاهدات وحصدت لقب أفضل بطولة بعد دورها بمسلسل "زي الشمس"، الذي احتل المرتبة الأولى ضمن مسلسلات رمضان الماضي، ومن جهة أخرى كونه مقتبسا عن "فورمات" إيطالي مشوق باسم "حينما رحلت" "Mentre Ero Via".

وجاء السيناريو والحوار لتامر حبيب المعروف عنه لمساته الإنسانية وقدرته على تقديم دراما اجتماعية متميزة، والأهم أن هذه ليست تجربته الأولى لكتابة سيناريو لمسلسل مأخوذ من قصة أجنبية، إذ سبق وقدم "غراند أوتيل" و"حلاوة الدنيا".

دراما تشويقية بطعم الملل

يتمحور المسلسل حول رقية التي تدخل في غيبوبة وحين تفيق تفاجأ بأنها فقدت ذاكرتها لآخر ست سنوات في حياتها بل الأسوأ أن الجميع يخبرونها أنها السبب بمقتل زوجها، لتبدأ البطلة رحلة البحث عن الحقيقة، رافضة الاقتناع بأنها امرأة خائنة، في محاولة منها لتبرئة نفسها أمام الجميع خاصة ابنها.

بالرغم من قصة العمل الشيقة، فإن الجمهور أصيب بخيبة الأمل بعد الحلقات الأولى لعدم وجود أي تصاعد درامي، بل الأكثر إزعاجا كان احتواء معظم المشاهد على لحظات طويلة من الصمت أو بأفضل الأحوال بعض التمشية هنا وهناك، ليستمر الملل سيد الموقف وصولا للحلقة العاشرة التي بدأت بعدها المياه الراكدة تتحرك، بلوغا للذروة حين اكتشفت البطلة خيانة زوجها السابق لها.

وهي المشاهد الدرامية التي تألقت خلالها دينا الشربيني ليتصدر المسلسل بعدها مواقع التواصل، مستعيدا ثقة المشاهدين بعد أن صار لديهم بعض من قطع الأحجية منتظرين اكتمالها لمعرفة هل البطلة بريئة حقا؟ والأهم من عساه وراء تلك الكذبة وكيف ولماذا؟

وكعادة الأعمال المقتبسة عن قصص أجنبية، بدأ البعض تداول نهاية المسلسل الإيطالي باعتبارها حرقا للأحداث، قبل أن يخرج تامر حبيب ليصرح بأن النهاية ستكون مفاجأة للجمهور مؤكدا اختلافها عن النهاية الأصلية.

لعنة دينا الشربيني

مثلما حدث مع "زي الشمس" الذي انسحبت مخرجته كاملة أبو ذكري وحل محلها سامح عبد العزيز، فوجئ الجميع بإعلان هاني خليفة اعتذاره عن عدم استكمال إخراج "لعبة النسيان" قبل رمضان بأيام ليحل محله أحمد شفيق.

ورغم أن المواقع الفنية أرجعت ذلك لخوف خليفة من تفشي فيروس كورونا وتهديده لصحة الطاقم، فإن دينا أعلنت بمداخلة لها مع الإعلامي عمرو أديب أن ذلك ليس بصحيح، مرجحة اعتذار المخرج لضيق وقت التصوير، الأمر الذي ربما أشعره بأنه لن يستطيع إنجاز العمل.

لم يكن اعتذار خليفة المشكلة الوحيدة التي واجهها العمل، فالدور الذي قدمه أحمد صفوت كان قد أسند لأحمد فهمي الذي صور بعضا من مشاهده بالفعل، لكن مع تفشي كورونا وتوقف الطيران لم يستطع فهمي الحضور إلى القاهرة، مما اضطر المخرج للجوء إلى صفوت لإنقاذ الموقف.

وهو ما سبقه اعتذار أحمد السعدني وهنا شيحة عن المشاركة بالبطولة رغم موافقتهما المبدئية، مما دفع دينا لترشيح أحمد داود ليحل محل السعدني، ورغم قصر الوقت والاستعدادات لبدء التصوير فإنه وافق، ليصبح بطل المسلسل.

الصغار يتفوقون

وبالحديث عن التمثيل تنوع الأداء بين الإيجابي والسلبي، ففي حين جاء أداء دينا مناسبا للشخصية ليشيد بها الجمهور خاصة بعد المشاهد الدرامية الثقيلة التي قدمتها بالحلقات الأخيرة حد وصف البعض لها بالنضج وعدم المبالغة الدرامية، وجد آخرون تمثيلها أقل مما قدمته في "غراند أوتيل" و"زي الشمس".

كذلك جاءت بعض الأدوار الأخرى محبطة، أهمها دور إنجي المقدم التي نجحت أخيرا في استعراض قدراتها التمثيلية، مما جعل دورها هنا خطوة للخلف كونه لم يتضمن أي مشاهد مميزة بل بدا أقرب لدور شرفي عن مشاركة بالبطولة.

الأمر نفسه ينطبق على دور علي قاسم، الذي شارك بالمواسم الرمضانية الماضية لافتا انتباه الجميع، مما جعل الجمهور يستبشر به خيرا، لكن للأسف لم يحظ قاسم -حتى الآن- على مشاهد قوية وإن كان تمثيله جاء مقنعا.

وعلى ذلك تمكن آخرون من فرض موهبتهم أولهم "آدم وهدان" الذي لعب دور ابن البطلة، ورغم صغر سنه فإنه نجح بأداء الشخصية بكل ما تحمله من تعقيدات، حتى أن البعض وصفه بالحصان الأسود بالعمل وأفضل ممثل صاعد.

كذلك أشاد النقاد بأداء "هنا داود" التي تلعب دور تمارا، فمع أن المسلسل تجربتها التمثيلية الأولى لكنها تمكنت من الإمساك بخيوط الشخصية التي تقدمها علما بأنها تحوى عدة اضطرابات نفسية، الأمر نفسه جرى مع حسن مالك الذي يجسد دور ابن أحمد داود، والمفاجأة الكبرى كانت أنه شقيق أحمد مالك.

وبالطبع ليس علينا نسيان كون المسلسل عودة قوية لمحمود قابيل، كما أنه خطوة للأمام لصالح هديل حسن التي شاهدناها بمسلسل "سابع جار"، إذ يبدو أنها نضجت تمثيليا بشكل واضح يحسب لها.

رهان أخير

لكن رغم كل ما جاء بمسلسل "لعبة النسيان" من سلبيات، فإنه استطاع الاحتفاظ بجمهوره وإجبارهم على متابعة المشاهدة، آملين ألا يخيب ظنهم بالنهاية، وهو ما يضع مسؤولية جسيمة على عاتق صنّاعه لعلهم لا يخذلون المشاهدين.

وسواء جاءت نهاية المسلسل قوية أو محبطة، ربما صار على دينا الشربيني مراجعة خطواتها الفنية والخروج من عباءة "الفورمات" ودراما الجريمة والتشويق إذا ما أرادت ألا ينفض من حولها محبوها.

المصدر : الجزيرة