تلاميذ الشيطان.. صورة نمطية لأشرار مسلسلات رمضان دون نكهة إبداع

مسلسل البرنس- أشرار الدراما العربية
أحمد زاهر في دور الأخ الشرير بمسلسل "البرنس"

حسام فهمي 

تقاس قوة الحكايات ومدى تأثيرها في الوعي الجمعي للجماهير بقدرتها على تصوير تحولات درامية في شخوص الحكاية كأن يتحول ممثل الخير إلى شرير، أو يحظى الشرير ببعض الصفات التي تجعله مستحقا للتعاطف، أو تختفي الحدود الواضحة بين الخير والشر، فيندمج المشاهدون أو المستمعون بشكل أكثر واقعية مع هذه الشخصيات، ففي البشر عموما الخير والشر ممتزج دون أن يكون هناك أبيض أو أسود.

هذا تحديدا ما أدى إلى نجاح أفلام على شاكلة "العراب" قديما، حيث شاهدنا وجها غير نمطي لعائلات المافيا، وهو العامل نفسه الذي أدى إلى النجاح الضخم الذي حظي به فيلم "جوكر" العام الماضي، لكن هل استفاد صناع دراما رمضان 2020 من هذا الدرس أثناء كتابتهم وتجسيدهم الشخصيات التي تمثل الشر في مسلسلات رمضان؟

الضابط المستقبلي

في مسلسل "النهاية" للمؤلف عمرو سمير عاطف والمخرج ياسر سامي، ورغم كون العمل ينتمي لفئة الخيال العلمي فإن صورة أحد أشرار العمل ما زالت تعتمد على حيلة قديمة في عالم الدراما، ألا وهي إظهار الشرير في موقف غاية في الظلم أمام خصم ضعيف ومستحق للتعاطف، ولا خصم أفضل من طفل صغير في هذا الموقف، فأن تقتل إحدى الشخصيات في أولى مشاهدها طفلا لا نعرف عنه شيئا فهذا يكفي لتقديم الشخصية في زي شيطاني دون أي مجهود يذكر.

هذا بالتحديد ما يحدث مع الضابط مؤنس الذي يقوم بدوره الممثل أحمد وفيق، والذي يقدمه لنا العمل كضابط أمن في شركة "إنيرجي كو"، ضابط يرتدي الزي الأسود طوال أحداث المسلسل، يذهب للقبض على من يديرون مدرسة غير مرخصة في المشاهد الأولى من المسلسل، وحينما يحاول أحد الأطفال الهرب يقتله دون لحظة تردد واحدة.

ويتكرر الأمر في مشهد مشابه، حيث يذهب الضابط مؤنس إلى ملجأ يتعلم فيه الأطفال سرا، ويأمر من يعاونونه بقتل أي طفل يحاول الهرب، قتل دون مبرر لخصم غير قادر على الهرب، أعزل دون سلاح، يمكنك حتى القبض عليه والاستفادة منه، أو يمكنك حتى أن تشعر ببقايا من التعاطف لمرة واحدة على الأقل، هذا ما سيحدث مع أي إنسان، أما مؤنس فلا ندري لماذا يحدث هذا معه؟

لكن مع استمرار أحداث المسلسل تقل هذه الحدة في تصوير شخصية مؤنس، ويبدأ عنصر جديد في شخصيته بالظهور، حيث يتبادل الحوارات ويصنع الخطط بدلا من القتل المستمر دون تفكير، كما يقل استخدام مشاهد الأطفال النمطية.

الأخ الظالم

أعيد استخدام نفس الحيلة مرة أخرى، لكن في مسلسل آخر هو "البرنس" من بطولة محمد رمضان، وتأليف وإخراج محمد سامي، وهو المسلسل الذي يدور في العصر الحالي عن قصة مستوحاة من القصة القرآنية للنبي يوسف عليه السلام كما صرح مخرج العمل في أحد حوارته.

مرة أخرى يستخدم مؤلف مسلسل "البرنس" حيلة وضع إحدى الشخصيات في مواجهة طفل في مشهد غير مبرر، لتزداد كراهية الجمهور للشخصية، هذه المرة من خلال مشهد حصد ملايين المشاهدات على موقع يوتيوب، وهو المشهد الذي يترك فيه "فتحي" ابنة أخيه رضوان -الطفلة الصغيرة التي لم تكمل ست سنوات على الأرجح- في أحد الأسواق، فقط لأنه عندما ينظر لها يتذكر أشياء لا يريد تذكرها.

هذا المشهد النمطي يتماشى تماما مع شخصية فتحي الذي يصرخ طوال أحداث المسلسل ويسب الجميع، ولا نراه بشكل أقل شرا إلا في دقائق معدودة وذلك أثناء حديثه مع زوجته التي تقوم بدورها "روجينا".

هذا التقمص الكلاسيكي تماما لشخصية الشرير يدفع "فتحي" لوصف أفعاله هو شخصيا وبشكل منطوق بأنها أفعال لا ترضي شرعا ولا دينا.

الإرهابي الكوميدي

الشرير الثالث هو تجسيد لشخصية ضابط الجيش السابق هشام عشماوي الذي نراه في مسلسل "الاختيار"، من بطولة أمير كرارة وإخراج بيتر ميمي وتأليف باهر دويدار.

عشماوي الذي يجسده أحمد العوضي يظهر طوال أحداث المسلسل وهو مقطب الجبين ومعقود الحاجبين، هل من الممكن أن يظل إنسان بهذا الشكل طوال حياته؟ وتسببت هذه المبالغة في تصوير عشماوي في موجة من السخرية لدى المشاهدين، وتحول الأمر من تجسيد للواقع إلى كوميديا سوداء، وأصبحت صور أحمد العوضي تثير الضحك بدلا من أن يتفكر الناس في المغزى الحقيقي وراء المسلسل.

المصدر : الجزيرة