"النهاية" أول مسلسل خيال علمي عربي.. فن إهدار الفرص

مسلسل النهاية
مسلسل النهاية (مواقع التواصل الاجتماعي)

محمد موسى

يعتبر مسلسل "النهاية" الذي يعرض حاليا ضمن الموسم الرمضاني 2020 تجربة مبشرة في مجال الخيال العلمي الذي يتم إنتاجه بتكلفة مرتفعة جدا، ورغم الإشادات الإيجابية التي حصل عليها المسلسل منذ عرض الحلقة الأولى، وقدرته على جذب الجماهير إليه بحالة من الشغف، فإنه وقع في أخطاء أهدرت العديد من الفرص الجيدة.

القصة
قصة المسلسل متشعبة للغاية ولكنها مليئة بالفجوات والثقوب التي أدت بالضرورة لفقدان التفاعل في بعض الأحيان مع القصة نفسها، وبعد مرور 17 حلقة كانت فكرة المسلسل نفسها لا تزال غير واضحة بشكل كامل.

تدور القصة في زمن مستقبلي ديستوبي في العام 2120 عن المهندس زين الذي يعمل في شركة للطاقة. تحتكر هذه الشركة الطاقة بشكل كبير حيث تحولت العملة إلى طاقة تستنزف بشكل يومي للبيع والأكل والشرب وشحن مصادر الحياة بكل صورها، ويُصنع روبوت شبيه لزين يحمل أغلب ذكرياته، في الوقت نفسه الذي يجبر فيه زين على الانتقال إلى مكان آخر مبتعدا عن زوجته وابنه.

الاستسهال
سمة المسلسل العامة هي الاستسهال في جميع أركانه، اللجوء للحل السهل هو طريق المسلسل في علاج مشاكله، الشخصيات تلقي بمعلومات تبدو علمية ولكنها ليست علمية أو غير دقيقة بشكل كامل، لا يوجد بحث كاف عن المعلومات ولا بحث متكامل عن الآليات المتطورة وطرق عملها.

ولا توجد سوى معلومة واحدة عن المعدن الذي صنع منه الروبوت، أنه أقوى معدن على سطح الأرض، وهي معلومة تقال عرضا في الحوار دون فهم لطبيعة المعدن وخواصه التي تجعله أقوى معدن على سطح الأرض خاصة وأنها نقطة محورية في العمل.

كما اتجه صناع المسلسل إلى الشرح المباشر لدوافع شخصية زين من خلال حواره مع نفسه بشكل مباشر على مدار أربع حلقات، وكأن الشخصية تحاول أن تقنعنا بدوافع تحركاتها دون بذل أي مجهود حقيقي لعرضها من خلال أحداث المسلسل وخيوط القصة بطريقة فنية.

كما أن المسلسل يفترض أن أحداثه تدور في مستقبل انتصر فيه العرب وتسيدوا، ولكن اللغة المستخدمة في أغلب الآليات الحديثة هي اللغة الإنجليزية، وكذلك أسامي الشركات كلها بالإنجليزية، وهو أمر لا يوجد له سبب منطقي ولم يشرح خلال أحداث المسلسل.

التمثيل
يتراوح أداء أغلب الممثلين في العمل بين الجيد والسيئ، ولا يوجد أداء استثنائي إلا في بعض المشاهد للفنان عمرو عبد الجليل والفنانة ناهد السباعي، فالفنان يوسف الشريف بطل المسلسل يجسد شخصيتين وتعبيراته في كلتا الشخصيتين لا يمكن تفرقتها، ولولا وجودهما في مكانين مختلفين لما استطعت التفريق بينهما.

أما الفنانة سهر الصايغ فكانت حسب نقاد ومراقبين في أسوأ أداء ممكن لشخصية هستيرية ومهووسة، والأمر يكاد يكون مزعجا من صراخها في أغلب مشاهد ظهورها، كما كان أداء الفنان محمد لطفي مفتعل للغاية لتجسيد شخصية الخارج عن القانون.

فرص مهدرة وأخرى جيدة
أهدر المسلسل فرصا قوية للغاية للخروج بعمل جديد ومختلف، فرصة ربما كانت جعلته دافعا للدراما العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص لاقتحام عالم الخيال العلمي، ولكن يحسب للمسلسل أنه فتح الباب حتى ولو بشكل جزئي ولديه جرأة طرح العديد من الأفكار الجيدة التي لم يتطرق لها البعض في الدراما العربية، كفكرة تغول الشركات وسيطرتها على العالم الجديد.

كما أنه يعالج مسألة الاحتكار الاقتصادي وتأثيره على علاقة الأفراد بالمؤسسات الحاكمة وشكل هذه العلاقة وتطورها في ظل وجود الفساد من المؤسسات الأمنية التي يفترض أن يكون دورها هو الحماية وليس التجارة واستغلال المؤسسات الأخرى لتحقيق ربح مادي.

في النهاية مسلسل "النهاية" ربما يكون بوابة لمسلسلات وأعمال درامية أخرى في فرع الخيال العلمي حتى وإن شاب المسلسل العديد من الأزمات والمعوقات والمشكلات، فربما تكون هناك فرصة لعلاج هذه الأخطاء والمشكلات في المستقبل بطريقة أفضل.

المصدر : الجزيرة