عربي مخادع وممثلة إسرائيلية تنقذ العالم.. خلطة هوليود النمطية في "المرأة الخارقة"

1984 wonder woman
غال غادوت بطلة فيلم "المرأة الخارقة 1984" (الصحافة الأجنبية)

رغم الدعاية الهائلة للجزء الثاني من أفلام "وندر ومن" (المرأة الخارقة 1984) (1984 Wonder Woman) وبثه في ذروة أوقات المشاهدة في أيام عطلة أعياد الميلاد في الولايات المتحدة، فإن الفيلم -الذي كلف إنتاجه 200 مليون دولار- واجه انتقادات واسعة، لضعف الجودة الفنية والملل الذي طال تسلسل أحداثه، إضافة إلى تقديم صورة نمطية قبيحة عن العرب.

تبلغ مدة عرض فيلم "وندر ومن 1984" ساعتين ونصفا، وبدأ بثه عشية أعياد الميلاد على منصة البث الرقمي المباشر "إتش بي أو ماكس" (HBO MAX) المملوكة لشركة "ورنر براذرز" (Warner Bros. Entertainment)، وفي بعض دور العرض الأميركية.

الفيلم من بطولة الممثلة وعارضة الأزياء الإسرائيلية غال غادوت، البالغة من العمر 35 عاما، والتي كانت قد حازت لقب ملكة جمال إسرائيل عام 2004، كما أنها خدمت لمدة عامين كاملين في قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وتشارك في الفيلم الممثلة كريستين ويغ في دور الشريرة "تشتيا"، والممثل كريس باين في دور صديق غادوت، وهو من إخراج الأميركية باتي جينكنز.

التنميط

قدمت غادوت دور "ديانا برينس" أميرة الأمازون، وهي امرأة جميلة وقوية في ذات الوقت، ومن إحدى الشخصيات الخارقة المقتبسة من القصص المصورة لـ"دي سي كومكيس" (DC Comics) وتحمل نفس الاسم، وتظهر في الفيلم  بنظرات حازمة حادة وتنورة قصيرة وقميص يحمل ألوان العلم الأميركي.

كما يشارك في الفيلم الممثل المصري عمرو واكد. وبينما تظهر غادوت بالنمط الجذاب، يظهر واكد في دوره الثانوي بأداء نمطي كامل باسم "عربي فرعوني" مزدوج، هو "الأمير سيد بن أبيدوس"، الذي يمتلك أراضي شاسعة فيها نفط بالقرب من القاهرة.

ويطلق عليه في الفيلم اسم تقليدي نمطي يروج في أميركا عن عرب الخليج، وهو "ملك الخام"، ويدير بلدا اسمها "بياليا". لن يتطلب الأمر سوى دقائق معدودة حتى تبرز ملامح شخصيته كرجل طماع مخادع -كما يصوَّر العرب عادة في أفلام هوليود- لا يمتلك الكثير من النفط وحسب، بل يسعى للاستحواذ على المزيد من الأراضي.

ويرتدي "ملك الخام" العباءة العربية ويلف رأسه بالعمامة البيضاء، ويطل من قصره الكبير المرتفع على مباني القاهرة المتهالكة والأهرامات المصرية.

ويظهر واكد في دوره وهو يقول "أتمنى أشياء لن تحدث أبدا، وهي عودة أراضي آبائي، ثم لا يدخلها أبدا الكفار ثانية، لنستعيد أمجادنا"، ولاحقا يضحك بهستيريا ويقول "لقد بعت كل نفطي للسعوديين".

وفي إحدى اللقطات المثيرة للجدل، تقوم بطلة الفيلم -التي تحاول إيقاف الحرب والعنف في العالم- بإنقاذ 4 أطفال عرب يلعبون الكرة في طريق بالصحراء، قبل تعرضهم للموت باستخدام صاروخ.

وتتوالى اللقطات لتحتضن غادوت طفلة مصرية محجبة أثناء إنقاذها على خلفية لقطات الصحراء والجمال، وسط دهشة نساء يلبسن النقاب، وهو ما أثار حفيظة المتابعين. والمفارقة هنا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت قد قتلت 4 أطفال فلسطينيين أثناء لعبهم على الشاطئ أثناء هجومها على غزة عام 2014، وهو نفس العام الذي استغلت فيه الممثلة جماهيريتها ومنصاتها الاجتماعية للدفاع عن الهجوم الإسرائيلي على غزة، وقالت في كتابات لها حينها إن حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" في حقيقة الأمر هي التي تختبئ خلف النساء والأطفال.

ويعرف عن غادوت أنها قومية إسرائيلية متشددة، فقد أيدت علانية قصف غزة عام 2014، الذي أسفر عن مقتل ألفي فلسطيني، 3 أرباعهم من المدنيين، وجرح أكثر من 10 آلاف شخص. وهو القصف الذي خلف أضرارا عظيمة على القطاعات الخدمية والصحية والتعليمية في غزة للآن.

وفي مشهد آخر، يجرّب أحد الأبطال عدة قطع من الملابس حتى يصل إلى رابطة عنق تشبه "الكوفية" الفلسطينية" ذات اللونين الأبيض والأسود، فيضعها على كتفيه، ثم يقول باستياء واضح "لن أرتدي هذه أبدا، إنها تجعلني أشبه بالقرصان".

كما يظهر الفيلم أن العرب يعيشون بدوا بين الجمال، ويتمنى أحدهم لو أن لديه قنابل نووية.

انتقادات منصات التواصل

ويواجه الفيلم انتقادات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، تراوحت بين وصفه بأنه يتضمن "غبارا" من العنصرية، وصولا إلى اتهامات واضحة بالتنميط.

وغرّدت اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز -وهي منظمة للأميركيين ذوي الأصول العربية- "هل يروج لوسم "#وندورومن بسبب ما يتضمنه الفيلم من صور تقليدية معادية للعرب؟".

ومن الناحية الفنية، وصف موقع "غادجتس 360" (Gadgets360) الفيلم  بأنه "خطوة كبيرة للوراء"، كما اختارت الناقدة كيت إيربلاند من موقع "إندي واير" (IndieWire) أن تصنيف الفيلم في مستوى "ب"، أي متوسط.

أما عن تقييمات النقاد الأميركيين، فقد جاءت الخدع السينمائية ضعيفة، ويتضح ذلك في بعض اللقطات التي تضمنت دمى لا أناسا حقيقيين. كما مُنح الفيلم تقييم 63% فقط من أصل 327 مراجعة نقدية على "روتن توميتوز" (Rotten Tomatoes) المعني بالتقييمات الفنية.

كما لم يروّج الفيلم على منصات التواصل وبين المغرمين بالسينما، حتى إن اللقطات الأولى منه وصفت في بعض الكتابات بأنها ساذجة وطفولية. وكتب البعض أنهم ظنوا -نتيجة لذلك- أنه فيلم هزلي ساخر، يتهكم على أفلام الأبطال الخارقين.

وانتقد المتابعون الفيلم أيضا لتركيزه على فترة الثمانينيات بصورة ملفتة، تسببت في تشتت المشاهد عن أحداث القصة.

وحتى في إسرائيل، كتب جيف هوفمان -مراسل صحيفة  "تايمز أوف إسرائيل" من نيويورك- أن "فيلم وندر ومن 84، كان الأكثر انتظارا في تاريخ السينما، تقوم ببطولته ممثلة إسرائيلية، لكنه جاء كفرقعة زائفة"، متابعا "إنني آسف جدا جدا. أتمنى لو كان لدي لكم أخبار مختلفة".

كما تعرّض الفيلم لانتقادات فنية أخرى، مثل ضعف الشخصيات وعدم الإبهار في لقطات الحركة، كما أن القصة نفسها محيرة ومتعددة المحاور وكثيرة التعاريج، حتى أن ذروة الأحداث تبدأ بعد 70 دقيقة من بداية الفيلم.

وعلى الجانب المضيء، فإن بعض النقاد رحبوا به لأنه تضمن جرعة خيال عارمة وهروبا من الواقع لجمهور يعاني من آثار جائحة كورونا التي أجبرت كثيرين على البقاء في منازلهم مدة طويلة وعلى مسافات بعيدة من أقاربهم وأصدقائهم.

احتفاء إسرائيلي

هذا في حين احتفت بعض الحسابات المناصرة لإسرائيل بالفيلم، وقامت منظمة "قف معنا" (Stand With Us) المعنية بدعم إسرائيل عالميا عن طريق التعليم، بنشر عدة صور لغادوت على حساباتها الاجتماعية، قائلة إنها واحدة من"نساء إسرائيل الخارقات".

وأعقبتها بصورة على تويتر لمجندات جيش الاحتلال الإسرائيلي، واصفة إياهن بـ"النساء الخارقات بحق في إسرائيل؟ هل تعلم أن 57% من النساء يخدمن هناك في الجيش؟".

كما نشرت المنظمة كذلك صورا أخرى لغادوت مع عدد من نساء إسرائيل "الخارقات"، بحسب التغريدة.

 

منع العرض

يذكر أن الجزء الأول من سلسلة الأفلام قد مُنع عرضه في بعض الدول العربية، وقد اعتبر بعض النقاد العرب -عام 2017- عرض الجزء الأول نوعا من التطبيع الثقافي مع إسرائيل التي تحتل أراضي عربية منذ عام 1948.

وكانت لبنان في ذلك الحين قد خاطبت المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل في دمشق لإدراج اسم الممثلة الإسرائيلية وكافة أعمالها على قائمة الأعمال التي يجب منعها.

ومؤخرا انتقد رواد المواقع الاجتماعية كذلك الممثل عمرو واكد، واتهموه بالتساهل في التطبيع مع إسرائيل حين إعلانه سابقا عن مشاركته الممثلة الإسرائيلية في عملها الفني الأخير.

المصدر : الجزيرة