"خط دم".. أول فيلم عربي عن مصاصي الدماء يثير السخرية

تجاهلت قصة فيلم "خط الدم"ا تفسير أغلب محركاته الرئيسية (مواقع التواصل)

عقب مشاهدة أي عمل فني يطرح المشاهد على نفسه سؤالا، وهو ما الغرض أو الهدف الذي صُنع هذا الفيلم من أجله؟ ليس المقصود هنا رسالة العمل الفني، ولكن الغرض البسيط مثل المتعة.

هذا الأمر مفقود تماما في فيلم "خط دم" من بطولة نيللي كريم وظافر العابدين والتوأم بيتر وجون رامي، ومن تأليف وإخراج الفلسطيني رامي ياسين.

قصة بلا عمق

تدور أحداث فيلم "خط الدم" الذي يعرض عبر منصة البث المنزلي "شاهد"، حول الطفل مالك الذي يدخل في غيبوبة إثر حادث تعرض له بسبب شقيقه التوأم آدم، ويحاول والداه الثريان إعادته للحياة مرة أخرى بشتى الوسائل.

يلجأ الوالدان في النهاية إلى شراء دم مصاص دماء من رومانيا، وتحويل نجلهما إلى مصاص دماء حتى يعود للحياة مرة أخرى رغم ما في ذلك من مخاطر، وعقب عودة مالك للحياة مرة أخرى كمصاص دماء، تنقلب حياة الأسرة رأسا على عقب.

الحديث عن فيلم "خط دم" له زوايا عدة، ولكن الزاوية الأهم هي قصة الفيلم نفسها والنقطة الرئيسية التي يعتمد عليها تسلسل الأحداث، فقصة الفيلم تتجاهل تماما تفسير أغلب محركاته الرئيسية، مثل كيف عثر البطل نادر "ظافر العابدين" على مصاص الدماء؟ أو الدماء التي تحول الشخص إلى مصاص دماء؟

أو لماذا يترك الأم والأب نجلهما الذي تحول إلى مصاص دماء مع شقيقه الطبيعي دون مراقبة؟ أو لماذا تحديدا قررا أخذ قطة جارتهما لنجلهما ليمص دمها مع أنه لا يوجد أكثر من قطط وكلاب الشوارع؟

لماذا قرر نادر أن يضع قارورة الدماء الفارغة في الثلاجة؟ ولماذا حفرت جارتهما بحثا عن قطتها في حديقتيهما؟ لماذا لم يقتل نادر الضابط الثالث بعد أن قتل زميليه بسهولة؟ لماذا لم يستدع الضابط قوة للقبض على نادر؟ لماذا ضحت لمياء "نيللي كريم" بنفسها ببساطة ليتناول نجلاها وجبة واحدة؟

لا يوجد أي تفسير كاف أو منطقي، كل هذه الأسئلة وأكثر منها غير مجاب. الغموض يلف كل شيء ودوافع الأبطال نفسها غير منطقية داخل أحداث العمل ومنطقه الذي فرضه كاتبه ومخرجه منذ اللحظات الأولى.

السيناريو والحوار

الحقيقة أن حوار الفيلم كان في أضعف حالاته، فالجمل مقتضبة، ويبدو أنها محاولة غير ناجحة لإثارة الغموض، إلى جانب طريقة حديث أبطال العمل التي بدت غير طبيعية بصورة مثيرة، والاعتماد على جمل غير مكتملة وأحيانا غير مفهومة.

وبحكم أن الفيلم يعرض على منصة بث منزلية، فيمكن للمشاهد إرجاع المشاهد، لكن نظرا لتكرار الأخطاء والقصور في حوار الأبطال، فلن يكلف المشاهد نفسه بعد فترة عناء إرجاع المشهد لسماع الحوار مرة أخرى، فضلا عن أن السيناريو كان مهلهلا بدرجة كبيرة، بجانب عدم منطقية الأحداث وتسلسلها.

والغريب أن يتحول نجوم كبار مثل ظافر العابدين ونيللي كريم، الذين ساهموا في نجاح أعمالهم الفنية السابقة، إلى نقاط الضعف في الفيلم، إذ لم يكن الأداء هو نقطة قوة في الفيلم الذي كان الأبطال فيه يتحدثون بطريقة آلية، حتى الطفلان التوأم اللذان يعتمد عليهما الفيلم.

الجميع كانوا في أسوأ حالتهم التمثيلية حتى نيللي كريم، حاولت واجتهدت كثيرا ولكن محاولاتها كانت بلا طائل، لأنها كانت موظفة في اتجاه خاطئ تماما. أما ظافر العابدين فيبدو أن هناك من أقنعه بأن مصاصي الدماء يتحدثون ببحة صوت غير مسموعة ونصف كلامهم غير واضح حتى مع إعادة الحوار أكثر من مرة.

من كل بستان زهرة

ما الذي أراده المخرج رامي ياسين من التسلسل الذي كان يسير عليه؟ هل الفيلم رعب مصاصي الدماء من المدرسة القوطية، والتي يعيش فيها مصاصو الدماء في قصور ضخمة كئيبة مثيرة للرهبة، وهذا متحقق في الفيلم بشكل ما، أم أن الفيلم عصري حيث تطورت أفلام ودراما مصاصي الدماء بشكل عصري؟

الحقيقة أن الفيلم مزج بين كل هذه الأشياء فصار مشوها بشدة، حتى تحول إلى فيلم يسخر من أفلام مصاصي الدماء، ومع الوقت صار الفيلم كوميديا بشدة بالنسبة للمشاهدين.

كما أنه لم يكن هناك اهتمام بالتفاصيل الصغيرة، مثل الدبلة الفضة التي يرتديها نادر، في الوقت الذي يعرف جيدا مشاهد أفلام مصاصي الدماء التقليديين أنهم لا يتحملون الفضة، كما أن الضوء الذي يحرق مصاصي الدماء -حسب الأساطير- يحرقهم أحيانا في الفيلم وفي مشاهد أخرى لا يؤثر فيهم، حتى يصبح الأمر عبثيا بدرجة كوميدية.

أدب مصاصي الدماء

عند ظهور فكرة مصاصي الدماء في القرن الـ18 كانت تناقش مسألة الإقطاع في المقام الأول، لذا تجد دوما أن أدب مصاصي الدماء في تلك الفترة يتناول مصاص الدماء القابع في قلعته بينما يتغذى على دماء الفقراء والعبيد، كانت فكرة ناقدة للإقطاع ومع خروجها من داخل بيئتها جرى تطويرها وتناولها.

لدينا في التراث العربي أفكار شبيهة ولدينا رعبنا الخاص الذي يمكننا أن نعمل عليه ونطوره، وحتى لو أردنا صنع فيلم عن مصاصي الدماء، فيمكننا تطويع الفكرة نفسها لتناسب البيئة العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص، ولكن إنتاج مسوخ مشوهة بهذه التصور بالتأكيد يغلق الباب أمام إنتاجات قادمة، ويظل السؤال المطروح لماذا لا نطور من تراثنا وحكايتنا الشعبية لإنتاج أفلام من داخل بيئتنا؟

المصدر : الجزيرة