مجهود شبابي لضخ دماء جديدة في فن الرسم بالصومال

- قاسم سهل/ الرسام آدم أفي يقدم برنامجا حول الرسم للأطفال ،مقديشو 20 يناير 2020.
الرسام آدم أفي يقدم برنامجا حول الرسم للأطفال (الجزيرة)

قاسم أحمد سهل-مقديشو

سناء أشرف رسامة تعيش في أحد الأحياء القديمة بمقديشو لا تزال آثار الحرب بادية فيها في أكثر من مكان لتحكي عن صراع فرقاء لم يشفقوا بالإنسان قبل الديار، في هذا الجو القاتم المليء بالمآسي كانت الشابة ممن قضىوا سنوات طفولتهم بعيدا عن حياة هادئة مفعمة بالدفء والحنان تطغي عليها لغة الرصاص وجعجعة السلاح.

ورغم الويلات والفرقة وتهميش بعض فئات المجتمع فإن روح الأمل متحكمة بقلب سناء المؤمنة بنهوض الصومال مجددا.

رسمت بريشتها بشكل إبداعي شخصين بلونين مختلفين، يداهما متماسكتان تعبيرا عن مهمة الوحدة للصوماليين رغم اختلافهم في الرؤى والتوجهات. 

عملها هذا كان من ضمن أعمال رسامين تسابقوا في تقديم رسوم تحمل أفكارا جديدة بهدف الارتقاء بمستوى قدراتهم الإبداعية، فنال الإعجاب وصدر بمجلة معنية بأعمال الرسامين عام 2016.

جوانب مضيئة من الحياة تنسيك الأحزان والهموم وتبتسم لك بوجه طلق ينبئ بمستقبل مشرق، رسائل تصلك من الصورة التي كانت سناء تضع لمساتها الأخيرة عليها.

رتبت الرسامة الشابة لوحات لرموز صومالية وعالمية بارزة في غرفة لوالدتها بعد أن قضت صدمة كهربائية على غرفتها الخاصة وأعمالها قبل زيارة الجزيرة نت لها بأيام.

‪سناء ترسم صورة إحدى الشخصيات‬ (الجزيرة)
‪سناء ترسم صورة إحدى الشخصيات‬ (الجزيرة)

حب الشابة للرسم كان واضحا وكبيرا منذ الصغر، وبمجرد أن لاحظ خالها الرسام أعمالها الأولى، اكتشف موهبة بداخلها قابلة للتطور.

كانت سناء ترغب في الغوص أكثر في بحر الفن التشكيلي والرسم، وتمنت الدخول إلى مراكز وكليات بهذا التخصص إلا أن تعذر وجودها في الصومال حاليا دفعها لاختيار دراسة الهندسة المدنية التي تتيح لها ممارسة شيء من هوايتها عبر التصاميم.

إبراهيم مهد (18 عاما) موهبة أخرى صاعدة في الرسم، بدأ شغفه بإعادة تصوير بعض الرسومات الكاريكاتيرية لأحد رواد الفن التشكيلي الصوماليين.

أعجبت هذه الصور أخا له فحفزه على المضي قدما. وفتحت له هذه الوقفة التشجيعية -إلى جانب متابعة رسام إسباني عبر يوتيوب- الباب ليقترب أكثر فأكثر من مبتغاه واختبار موهبته وتطويرها.

يعتبر إبراهيم أن الإرادة هي المحرك الأساسي الذي سيقوده للوصول إلى مصاف المشاهير بهذا الفن.

وعند زيارة الجزيرة نت له، كان عاكفا على رسم صورة مصدر إلهامه وقدوته أمين عامر الذي يعد من أعلام فن الرسم الصوماليين، وهو يمني نفسه بمعانقة النجومية والشهرة التي نالها هذا الفنان الذي شردته الحرب الأهلية إلى أميركا الشمالية.

‪بعض الأعمال التي رسمها مهد‬ (الجزيرة)
‪بعض الأعمال التي رسمها مهد‬ (الجزيرة)

ويعد مهد العدة لتجميع كل طاقاته وقدراته الإبداعية الفتية لأول مشاركة له في عرض لأعمال مواهب الرسم الجدد الشهور المقبلة.

العقبات
قلة اهتمام الشعب بهذا الفن من العقبات الأساسية التي يواجهها الرسامون الجدد، حسب الرسامة فاطمة أويس (20 عاما).

عدم تقدير الرسام وعمله يولد إحباطا قد يدفعه إلى اعتبار مجهوده ضياعا للوقت ومن ثم الانسحاب عن ساحة الرسم، وفق أويس التي بدأت الرسم هواية تحولت إلى مهنة وحرفة تمارسها مقابل دخل مادي رمزي تستعين به لبلوغ مرحلة متقدمة بالفن التشكيلي.

من جانبه، يرى الفنان آدم فرح أفي أن الاهتمام بالرسم بدأ بريقه يخفت شيئا فشيئا قبل 28 عاما، إلى أن وصل إلى الحضيض بسبب عدم وجود هيئة متخصصة معنية بهذا الفن تكون قبلة لمواهب الرسم الجديدة كما كان الأمر في السابق.

‪أويس من المواهب الشابة‬ (الجزيرة)
‪أويس من المواهب الشابة‬ (الجزيرة)

ويؤكد أفي أن الرسامين السابقين كانوا يملكون محلات لخدمة الراغبين في الأعمال اليدوية من الرسم، وكانت مصدر دخل لهم في وقت تسيطر فيه المطابع الإلكترونية الآن على كل النشاطات، وعطلت قيمة العمل اليدوي من الرسم.

ومع خلو المقررات التعليمية على مستوى المراحل التعليمية الأساسية من مادة الرسم، اختار أفي العمل على تدارك هذا النقص عبر برنامج يبث على الهواء مباشرة خصيصا للأطفال حول أساسيات الرسم لاستكشاف المواهب الجديدة بمساعدة مؤسسة "أستان" للخدمات التلفزيونية.

وقال للجزيرة نت إن الجيل الجديد من الرسامين الشباب يتمتع بإرادة قوية وثقة كبيرة بأعمالهم وأفكارهم، وهم قادرون على حمل شعلة الرسم لتمثيل بلدهم في المعارض الدولية لو حصلوا على ما يتطلبه هذا الفن من إمكانيات ودعم وتحفيز.

المصدر : الجزيرة