هوليود تهدد صناعة السينما الهندية.. هل ستصمد بوليود بالمعركة؟

فيلم لوكا تشوبي
تجاوز فيلم "لوكا تشوبي" إيرادات فيلم "كابتن مارفل" في الهند (مواقع التواصل)

ياسمين عادل

لطالما كانت السينما الأميركية ملاذ الباحثين عن المتعة من محبي السينما، كونها عامرة بمختلف الفئات والأفكار بين دراما وكوميديا وخيال علمي ورسوم متحركة وتشويق ورعب، فيما ظلت سينما بوليود لعقود طويلة متهمة بكونها لا تقدم إلا قصصا ميلودرامية أو ذات طابع غنائي راقص.

الأغرب أن معظم الحبكات الهندية المبالغ في مأساويتها اعتادت الزخم في الاستعراضات ولو على رأس الموت وفوق أطلال الجثث، أما نهايات الأفلام فقد جاءت في معظمها غير قابلة للتصديق من أي اتجاه.

من الميلودراما إلى الإبداع
يستطيع المتابع الجيد للأفلام الهندية في السنوات الأخيرة إدراك كيف اجتهد صناعها وحاولوا الخروج من الصندوق الذي حُبسوا فيه طويلا، مقدمين أفكارا ليست فقط جريئة وجديدة عليهم بل إن بعضها تخطى سقف المحلية ونجح في الوصول للعالمية وحفر أسماء أصحابها بالأذهان حتى بات لهم متابعون في كل أنحاء العالم.

وعلى ذلك ظلت السينما الأميركية شبحا يطارد نجوم بوليود وأفلامهم، ليس على الصعيد العالمي فحسب، بل المحلي في الهند نفسها، وهنا تكمن المشكلة ذات الوجهين الفني والتجاري.

بوليود في خطر
رغم أن ما جُبلت عليه العديد من الأجيال هو حب السينما الأميركية، فإن الأمر كان في أغلبه عن طريق المشاهدة عبر شاشات التلفزيون أو الإنترنت حديثا وأحيانا عبر شاشات السينما.

ما لم يحسب صناع سينما بوليود حسابه كان أن تغزو الأفلام الأميركية السوق الهندية ويتضاعف تأثيرها، في الوقت نفسه الذي يجتهدون هم فيه لتقديم أفضل ما لديهم مسخرين كافة الإمكانيات الفنية المتاحة والطاقات الإنتاجية الممكنة، وهو الأمر الذي هدد شباك التذاكر أكثر من مرة.

حديث الأرقام
يمكن حصر بعض أرقام الإيرادات التي تحققت خلال عام 2019، ولنبدأ بأعلاها على الإطلاق وهو فيلم "المنتقمون: نهاية اللعبة" (Avengers: Endgame) الذي حقق حتى الآن 2.795 مليار دولار ليصبح الأعلى ربحا على مستوى العالم.

طرح الفيلم في 1700 شاشة في الهند، وبيعت منه مليون تذكرة في اليوم الأول فقط ليصبح صاحب الإيرادات الافتتاحية الأعلى على الإطلاق هذا العام في الهند والثاني على مدار التاريخ.

وحقق الفيلم إجمالي إيرادات بلغت 373.22 كرور روبية، وهو ما يعادل 5.237 ملايين دولار في اليوم الأول من طرحه، مما جعله الفيلم الأعلى ربحا في شباك تذاكر الهند هذا العام سواء على مستوى الأعمال الفنية عالميا أو محليا.

وجمعت النسخة الحية الجديدة التي قدمتها ديزني من فيلم "الأسد الملك" والتي طرحت في 19 يوليو/تموز الماضي، حتى الآن 150 كرور روبية (2.1 مليون دولار) في الهند، ومن المتوقع الزيادة بالأيام القادمة، هذا فضلا عن أفلام أميركية أخرى جمعت إيرادات مرتفعة منها: "علاء الدين" و"كابتن مارفل" وغيرها.
 
أزمة توقيت العرض
يزداد الأمر سوءا حين يتزامن عرض أفلام هوليود القوية والمنتظرة مع أفلام بوليود.
 
وبعقد مقارنة سريعة نجد أن فيلم "كابتن مارفل" استطاع التنافس بشراسة أمام فيلم هندي آخر قوي هو "لوكا تشوبي" (Luka Chuppi)، ففيما جمع الأول 1.2 مليون دولار في الهند، جنى الثاني 1.7 مليون، وحتى الأفلام التي لم تحقق نجاحا كبيرا في هوليود تستطيع التفوق على الأفلام الهندية ذات النجوم المحدودي الشهرة.
 
اللافت للانتباه أنه حتى أصحاب الأسماء البارزة ليسوا في مأمن من الخسارة، فبالرجوع إلى عام 2016 صدر فيلمان في الهند في مارس/آذار: الأول "فان" (Fan) للنجم المعروف شاروخان والثاني "كتاب الأدغال" (The Jungle Book)، ليحقق شاروخان بعد معاناة 1.2 مليون دولار، بينما حصد فيلم ديزني أكثر من 2.5 مليون.
 

النكهة الأميركية
هناك أسباب متعددة تجعل الجمهور يزاحم على حجز مقعده بالسينما لمشاهدة أفلام هوليود، من جهة بسبب تميزها في بعض الفئات اللاتي تتربع على عرشها، كأفلام الأبطال الخارقين التي صارت من أكثر الأعمال جماهيرية في الوقت الحالي، أو أفلام الرعب والرسوم المتحركة والأهم النسخ الحية منها.

بالإضافة لأسماء النجوم اللامعين الذين لهم متابعون عديدون في المجتمع الهندي ربما حد الهوس بمشاهدة كل جديد بمجرد لهم صدوره. ووفقا لما ذكر موقع "نيوز 18″، فإن من هؤلاء: توم كروز، ودوين جونسون الملقب بـ"ذا روك"، وكيانو ريفز، وأبطال سلسلة "المنتقمون"، وهو ما دفع بعض العاملين في بوليود لمحاولة استقطاب بعض النجوم من وقت لآخر للظهور في الأفلام الهندية لزيادة جماهيريتها ومضاعفة المقبلين عليها.

أما "الكرت الرابح" الذي لعبت به السينما الأميركية مؤخرا، فكان دبلجة الأفلام الأميركية باللغة الهندية واللهجات المحلية، بل وصل الأمر لتنفيذ معالجات خاصة أحيانا لبعض حبكات الأفلام كي تتلاءم مع ذوق الجمهور المحلي في الهند.

لكل ما سبق، استطاعت الأفلام الأميركية الفوز بالمنافسة الأسبوعية في معظم الأحيان حين يصبح على زائر السينما اتخاذ قرار بشأن: أي فيلم سيختار دفع ثمن تذكرته، وهو ما يعني أن على صناع السينما الهندية إعادة حساباتهم والتفكير بطريقة جديدة توفر المحتوى الذي يفضله الجمهور في بوليود، بل استباق هوليود بخطوة مفاجئة للأمام إذا ما أرادوا الانتصار في معركة الإيرادات وتحقيق الانتشار المستحق، ليس فقط في عقر دارهم بل على مستوى العالم.

المصدر : مواقع إلكترونية