"أقوى حفلة في مصر".. عهد جديد للحفلات الغنائية

أقوى حلفة في مصر
محمد رمضان اكتفى أثناء حفله الأول بالأداء الحركي على أغانٍ تم تسجيلها بشكل مسبق (مواقع التواصل)

حسام فهمي-القاهرة

كانت القاهرة الصاخبة تبدو هادئة بشكل سحري في الخميس الأول من كل شهر، حفل أم كلثوم الشهري كان السبب بالطبع، الحفل الذي أسست به "كوكب الشرق" لعصر جديد خرج فيه المطربون المصريون من أستديوهات الإذاعة إلى خشبة المسرح.

كانت حفلات أم كلثوم حدثا خاصا، لا يمكن مقارنته بأي حال بحفلات من سبقوها التي عادة ما كانت تحدث في مناسبات عامة، أو في ملاهي ليلية، اعتمدت أم كلثوم على صوتها وفرقتها الموسيقية فقط، ولم يكن هناك استعراض، كان المطرب هو عامل الجذب للجمهور فقط.

عقب ذلك حاول كثيرون محاكاة ما فعلته أم كلثوم، وأصبحت الحفلات الغنائية أمرا معتادا للجمهور المصري، وبرز فيها بشكل خاص خليفة شعبية أم كلثوم في مصر "العندليب الأسمر" عبد الحليم حافظ.

إذا تركنا الماضي ودققنا في واقعنا الآن سنجد أن وريث هذه التركة هو الممثل المصري محمد رمضان، لا نقصد هنا بالطبع أن نقارن بين قيمة المحتوى الفني الذي قدمته أم كلثوم وحليم وبين المحتوى الذي يقدمه رمضان، لكننا نركز بشكل خاص على التأثير الثقافي والاجتماعي الذي يمثله رمضان.

ففي نهاية شهر مارس/آذار الماضي صعد محمد رمضان -وهو يقود سيارته البورش- على خشبة مسرح مركز المنارة، ليبدأ بذلك عالما جديدا يتعرف إليه المصريون للمرة الأولى، عهد جديد من الحفلات الغنائية.

عن المسافة بين الاستعراض والغناء
التساؤل الأهم الذي يثيره نجاح حفلات محمد رمضان هو، هل نشهد تغير بوصلة نجاح المطربين المصريين بشكل كامل، ولم يعد صوت المطرب عامل نجاحه الأول، وتغيرت الدفة بشكل تام لصالح الإستعراض؟

هذا بالتحديد ما يمثله عالم حفلات محمد رمضان الجديد، فلسنين طويلة ومنذ نجاح حفلات أم كلثوم الشهرية، وحتى جيل عمرو دياب ومحمد منير وعلي الحجار ومحمد فؤاد وأنغام، وحتى تامر حسني وشيرين ومحمد حماقي، ومعيار الصوت معيار مهم للغاية لدى الجمهور المصري خصوصا في الحفلات الحية.

يذهب الآلاف بشكل أساسي من أجل الاستماع لمطربهم المفضل في أغان تؤدى بشكل حي، تطور الأمر على يد تامر حسني بشكل خاص ليضيف مجموعة من الاستعراضات، لكن ما يفعله رمضان اليوم ينقل معايير النجاح بشكل كامل إلى الاستعراض والاستعراض فقط.

صرح رمضان بأن هدفه في هذه المرحلة هو الوصول لنجاح الممثل بشعبية المطرب. واختار رمضان من أجل هذا نوعا غنائيا يراه مناسبا لصوته، وهو موسيقى "الراب"، يغني رمضان على لحن واحد، يتميز بوجود جملة موسيقية راقصة يتم تكرارها بشكل مستمر في كافة أغانيه، قد يصاحبها كلمات "نمبر وان.. نمبر وان" أو "أنا فيروس.. أنا فيروس"، أو كما حدث في كليبه الغنائي الأشهر "مافي .. مافيا.. مافيا، أنا مافيا".

لكن الحقيقة أن رمضان ليس قادرا على أداء هذا النوع من الغناء بشكل حي أمام جمهور كبير في حفلاته، ولذلك فقد اكتفى أثناء حفله الأول بالأداء الحركي على أغان تم تسجيلها بشكل مسبق، يجرد هذا رمضان بشكل مكتمل من صفته مغنيا لموسيقى الراب، ويظهره في حفلاته إذن راقصا فقط.

نحن إذن نشهد توافد الجمهور المصري ولأول مرة على حفلات لراقص استعراضي، راقص وليس راقصة، هذا هو الجديد.

هل الملك هو الملك؟
رمضان ليس راقصا فقط بالطبع، رمضان هو النجم التلفزيوني والسينمائي الذي شهد صعوده كثيرا من الجدل، ولكنه على أي حال نجح في تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة يبدو أنها مرتبطة به نفسيا وشخصيا وليس فنيا فقط.

يقدم رمضان نفسه دائما بصيغة تضعه متصدرا للمجال الفني المصري ومتربعا على عرشه، لكن الحقيقة أن رمضان ليس الملك بشكل تلفزيوني حاليا، حيث تجاوزت مشاهدات نجوم آخرين مشاهدات مسلسلاته، وعلى رأسهم أمير كرارة.

كما أنه ليس ملكا على المستوى السينمائي، حيث تجاوز إيرادات أفلام أحمد السقا وأحمد عز الأخيرة إيرادات أفلامه، هذا كله بالطبع إذا ما نظرنا لمعيار النجاح الجماهيري فقط باعتباره معيارا للتصدر.

إذا ما انتقلنا إلى معيار المحتوى الفني، فالبتأكيد لن نجد رمضان على الصدارة، يمر الإنتاج التلفزيوني والسينمائي المصري بفترة صعبة.

لكن عددا من المخرجين والكتاب والممثلين المصريين ما زالوا قادرين على صناعة محتوى فني جيد، نذكر منهم المخرج تامر محسن صاحب مسلسل "هذا المساء"، والمخرج مرْوان حامد صاحب فيلم "تراب الماس".

ويبدو رمضان بعيدا بشكل كبير عن هؤلاء المبدعين رغم انتمائهم لجيل واحد، يضاف لهذا قطيعة مع جيل الكبار، ليبقى السؤال، هل سيدرك رمضان يوما ما أن المحتوى الفني هو فقط ما سيحيا ويبقى وسيضمن له الخلود، أو أنه سيكمل مسيرته في الرقص الاستعراضي بإثارة الجدل وصدر عار وعار فقط.

المصدر : الجزيرة