"ملك الأفورة".. لماذا تسخر مواقع التواصل من أداء أحمد عبد العزيز؟

أحمد عبد العزيز
لمع نجم عبد العزيز خلال الثمانينيات والتسعينيات وقدم عشرات الأفلام والمسلسلات الدرامية التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا (مواقع التواصل)

عبد الرحمن أحمد 

أن يقود الممثل سيارة أو دراجة بخارية هو أمر مقبول وطبيعي، لكن أن يتحول هو نفسه في مشهد درامي رومانسي إلى دراجة بخارية مقلدا حركاتها وأصواتها فهذا أمر هزلي خارج نطاق المعقول والمقبول.

هذا المشهد من المسلسل الدرامي المصري "أوقات خادعة" (1999) كان واحدا من عشرات المشاهد الصادمة التي حفلت بها مسيرة الممثل أحمد عبد العزيز، الفتى الأول للدراما التلفزيونية المصرية فترة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

مشاهد كثيرة يجمع بينها الأداء المبالغ فيه والصراخ الهستيري والحركات العنيفة غير المبررة والانفعالات التي لا تناسب الموقف الدرامي، بجانب "شنبه" الشهير، جعلت من أعمال "دنجوان" التسعينيات مادة خصبة للمنشورات الساخرة على مواقع التواصل ومنحته لقب "ملك الأفورة (المبالغة)".

إعادة تسليط الضوء على هذه المشاهد دفع الكثيرين ممن عاصروا عرض هذه الأعمال الدرامية إلى الدهشة من إعجابهم وقتها بهذه المبالغات، بل واعتبار بطلها مثلا أعلى خلال فترة مراهقتهم، وندم بعضهم على متابعته خاصة بعد تأييده السلطة الحاكمة في تناقض لمبادئ الحق والحرية والعدل التي كان يدعو لها في أعماله.

تألق وخفوت
لمع نجم عبد العزيز خلال الثمانينيات والتسعينيات وقدم عشرات الأفلام والمسلسلات الدرامية التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا وخاصة مسلسلات مثل الوسية (1990) والمال والبنون (1992، 1995) وذئاب الجبل (1993) والفرسان (1995) ومن الذي لا يحب فاطمة (1996) والسيرة الهلالية (1997) وسوق العصر(2001) قبل أن يخفت نجمه تدريجيا ويعزف صناع الدراما المصرية عن الاستعانة به.

وبنهاية العقد الأول من القرن 21 كان يبدو أن الزمن قد تجاوز عبد العزيز الذي لم يجد أمامه إلا المشاركة في أعمال لم تلق أي نجاح جماهيري مثل مسلسل صبيان وبنات (2009) حارة خمس نجوم (2012) حديد (2014) الذي قدم فيه أداء وصفه كثير من المتابعين بالباهت والسطحي.

تملق وعودة
كان عبد العزيز من المؤيدين للانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي عام 2013، ولكنه صرح في بعض أحاديثه الصحفية أنه لا يريد للجيش أن يحكم، قبل أن يتراجع ليعلن تأييده الكامل لتولى عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، ووصفه بعد لقاء جمعه بالفنانين بأنه "لديه فهم سياسي عميق وقدر من المشاعر الدافئة".

وجاء عام 2015 ليجد عبد العزيز الطريقة المثلى للعودة إلى الأضواء والشاشات بعد مشاركته في فيلم دعائي قصير أنتجه الجيش بمشاركة التلفزيون الحكومي للترويج لمشروع تفريعة قناة السويس، والمسماة من إعلام النظام "قناة السويس الجديدة".

وفي الفيلم الذي حمل عنوان "حياة شهيد" جسد عبد العزيز شخصية جندي استشهد في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 يتم العثور على رفاته في مكان حفر التفريعة الجديدة، ليستعيد عبد العزيز بهذا العمل كل خبراته في "الأفورة" بأداء مفتعل وحوار هستيري.

مشاركة عبد العزيز بهذا العمل جاءت بمثابة إعلان ولاء ودعم للنظام الحاكم، وفتحت له الباب خلال السنوات اللاحقة للمشاركة في العديد من الأعمال الدرامية (وإن لم تكن أدوار البطولة كما اعتاد) والإعلانات، وأمنت له التلميع الإعلامي عبر قنوات النظام، لا سيما بعد مشاركته في الترويج لانتخاب السيسي لفترة ثانية.

ومن بين عشرة أعمال تلفزيونية قدمها عبد العزيز منذ عام 2015 وحتى الآن، جسد شخصية لواء شرطة أو مخابرات في ثلاثة منها حق ميت (2015) في اللا لا لاند (2017) كلبش3 (2019). ومثّل شخصية القاضي مرتين في جزأي مسلسل "قضاة عظماء" (2016 و2017).

كما شارك مع النجمين كريم عبد العزيز وأحمد عز في إعلان دعائي للشركة المصرية للاتصالات "وي" عام 2018، وتولى العام الجاري رئاسة الدورة 12 من المهرجان القومي للمسرح.

نجم الكوميكس
وفي المقابل كان فيلم "حياة شهيد" أيضا هو الباب الملكي الذي عاد منه عبد العزيز إلى ذاكرة الجمهور، ولكن من باب السخرية من أعماله السابقة وأدائه المبالغ فيه، وتحول إلى نجم للكوميكس التي حملت أغلبها عنوانا ساخرا هو "عبعزيزيات".

فبعد أن وجد الجيل الجديد نفسه أمام أداء مفتعل ومبالغ فيه لا يتناسب مع العصر، بدأ في فتح ملف مبالغات عبد العزيز التي لم يكن الجيل القديم قادرا على استدعائها بسهولة قبل ظهور مواقع التواصل.

البداية كانت من الفيلم الدعائي نفسه الذي لاقى سخرية واسعة وانتقادات حادة بسبب ضعف جميع عناصره الفنية وخاصة هزلية الحوار والتمثيل، وانتشر وقتها خبر ساخر عن فوز الفيلم بجائزة "مهرجان البلحة الذهبية، ميدالية أقل ميزانية فيلم حيث تكلف 230 جنيها وخرطوشة سجائر سوبر، بجانب فوز شنب عبد العزيز بجائزة المهرجان التقديرية عن مجمل أعماله". 

خبير التنكر
وتوالى البحث في أعمال عبد العزيز القديمة، ورغم مرور قرابة عشرين عاما على عرضه لا يزال مسلسل "سوق العصر" واحدا من أهم مصادر مقاطع الفيديو والكوميكس الساخرة بسبب احتوائه على الكثير من المواقف الغريبة، ومن أهمها مشهد التنكر البدائي لمنصور المغازي (عبد العزيز) وعدم تعرف إخوته عليه.

وسخر رواد مواقع التواصل من العصبية البالغة في تعامل منصور مع أخيه سيد المغازي (كمال أبو رية) وقيامه بهزه بعنف في كثير من المشاهد، قائلين إنها دفعت أبو رية إلى رفض أي عمل مستقبلي مع عبد العزيز.

العلاج بالضرب
مشهد آخر مثير للدهشة في مسلسل بوابة المتولي (1985) يجسد فيه عبد العزيز دور طبيب نفسي يقوم بإغلاق الباب على أحد المرضى، ويشرع في ضربه والصراخ في وجهه بشكل هستيري.

وتحولت تعبيرات وجه عبد العزيز وأدواره المتنوعة في أعماله المختلفة إلى موضوع محبب للسخرية، وتم تغيير كلمات بعض المشاهد لتحويلها إلى موضوعات ساخرة متنوعة.

المصدر : الجزيرة