أزمة الصحف الأردنية تنتقل إلى "الدستور"

من اعتصام العاملين في الدستور أمام مقر الصحيفة ظهر اليوم الأحد4
undefined

محمد النجار-عمّان

بدأ العاملون في صحيفة الدستور اليومية -أقدم الصحف الأردنية- الأحد اعتصاما أمام مقرها للمطالبة بإقالة مجلس الإدارة، في أحدث فصول الأزمة التي تعصف بالصحف الأردنية.

والدستور هي ثالث صحيفة تشهد أزمة هذا العام، بعد صحيفة "الرأي" التي نجح العاملون فيها بإقالة مجلس الإدارة وتحقيق عدد من مطالبهم بعد احتجاجات استمرت شهرين انتهت بإضراب أوقف صدور الصحيفة يوما واحدا، فيما توقفت صحيفة "العرب اليوم" الصيف الماضي عن الصدور بعد أزمة خانقة بحسب الشركة المالكة لها.

وأعلن العاملون في الدستور ونقابة الصحفيين الأردنيين برنامجا تصعيديا لتنفيذ مطالبهم وعلى رأسها إقالة مجلس الإدارة، مهددين بالوصول حد الإضراب عن العمل وحجب الصحيفة في حال لم تتم الاستجابة لمطالبهم.

واتهم مجلس نقابة الصحفيين بعد اجتماع طارئ أمس مجلس إدارة الصحيفة بالإسهام في تعميق أزمتها المالية والوصول بها إلى حافة الهاوية، وخلق أجواء نفسية وحالة غير مسبوقة من التوتر والضغط النفسي على كافة العاملين بإعلانه الهيكلة الإدارية للشركة، "بعيدا عن روح المسؤولية والشفافية ولغة الحوار الهادف"، وتهديده الدائم بتسريح أكثر من مائتي موظف.

وطالب المحتجون رئيس تحرير الصحيفة محمد التل بالاستقالة من مجلس الإدارة والانحياز للعاملين "وألا يكون شريكا شاهدا على جريمة يحاول المجلس ارتكابها بحق العاملين بقطع أرزاقهم، وتحميلهم وزر فشل مجالس الإدارة المتعاقبة وفسادها في كثير من الأحيان". وأُعلن مساء أمس عن استقالة التل من عضوية مجلس الإدارة.

وقف الحوار
وقال رئيس لجنة العاملين في الصحيفة التي تأسست قبل نحو 47 عاما، عوني الداود، إن العاملين قرروا التوقف عن محاورة مجلس الإدارة الحالي الذي يصر منذ تعيينه قبل أكثر من عامين على تسريح نحو مائتي موظف من العاملين في الصحيفة، والبالغ عددهم 540 موظفا منهم نحو مائتي صحفي، تحت دواعي إعادة الهيكلة الإدارية.

المعتصمون هددوا بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم (الجزيرة نت)
المعتصمون هددوا بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم (الجزيرة نت)

وأكد الداود للجزيرة نت أن العاملين وبالتوافق مع مجلس نقابة الصحفيين قرروا أمس السبت الإصرار على مطلب واحد هو إقالة مجلس الإدارة الحالي، مؤكدا أن العاملين سيلجؤون للتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

واعتبر أن الصحيفة تحتاج لإعادة هيكلة مالية وضبط للنفقات لا إلى تسريح الموظفين منها. وأوضح أن للصحيفة ديونا متراكمة تبلغ نحو ستة ملايين دينار (8.5 ملايين دولار)، وطالب الإدارة بالاجتهاد في تحصيلها لتوفير السيولة والحد من الخسائر المتراكمة البالغة 2.4 مليون دينار (3.9 ملايين دولار).

وأشار الداود إلى أن اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء مؤخرا لم تصل لأي حل بعد لقائها مجلس الإدارة، مما أغلق الأبواب في وجه العاملين ودفعهم للتصعيد والمطالبة برحيل مجلس الإدارة كشرط أساسي لحل الأزمة.

وتسيطر الحكومة على مجلس الإدارة عن طريق مساهمة مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تمتلك 30% من أسهم الصحيفة، وتحظى بعضوية خمسة أعضاء من أصل تسعة، منهم رئيس المجلس.

حل وحيد
في المقابل اعتبر رئيس مجلس إدارة الصحيفة أمين المشاقبة أن لا حل لأزمة الصحيفة سوى إعادة الهيكلة الإدارية والاستغناء عن مجموعة من الموظفين.

وقال للجزيرة نت إن "حجم الخسائر المتراكمة على الصحيفة يبلغ اليوم 8.5 ملايين دينار (12 مليون دولار)، ورغم أننا نجحنا بتقليل حجم الخسائر السنوية من ثلاثة ملايين دينار (4.2 ملايين دولار) إلى 1.8 مليون دينار (2.5 مليون دولار) فإن الأزمة لا تزال تتفاقم وتهدد استمرار المؤسسة".

المومني اتهم الحكومات الأردنية بتعقيد أزمات الصحف (الجزيرة نت)
المومني اتهم الحكومات الأردنية بتعقيد أزمات الصحف (الجزيرة نت)

وتحدث المشاقبة عن معايير للاستغناء عن الموظفين وخاصة من الذين قال إنهم موظفون في مؤسسات إعلامية حكومية، أو مستشارون لدى وزارات أو موظفون في صحف إلكترونية.

وأكد أن "بند الرواتب هو الأكبر في موازنة الصحيفة ويستهلك 42% منها، وأي مجلس إدارة سواء الحالي أو أي مجلس قادم لن يجد بدا من إعادة الهيكلة الإدارية وتسريح موظفين".

واتهم المشاقبة نقابة الصحفيين باتخاذ "موقف غير عقلاني.. يندرج في باب المزايدات الانتخابية على حساب مصلحة المؤسسة".

أما نقيب الصحفيين طارق المومني فاعتبر أن الصحف الأردنية تشهد أزمة خانقة لأسباب منها الأزمة العالمية التي أثرت على الأردن، وسوء الإدارات التي تعاقبت على هذه الصحف وما تخللها من فساد مالي وإداري، وصولا لمنافسة الإعلام الإلكتروني صاحب السقف المرتفع في تناول القضايا المختلفة.

واتهم المومني الحكومات بأنها ساهمت في أزمة الصحف، وقال إن الأردن يكاد يكون الدولة العربية الوحيدة التي لا تقدم دعما مباشرا للصحف، بل على العكس قامت بإلغاء اشتراكاتها ورفضت رفع سعر إعلاناتها وفرضت ضرائب ورسوما على الورق تكاد تخنق الصحف وتنهي صناعتها في المملكة.

المصدر : الجزيرة