جمعة لأجل "أطفال الحرية" بسوريا

قتل 15 مدنيا أمس الخميس في القصف المدفعي التي تعرضت له مدينة الرستن وسط البلاد، عشية جمعة جديدة من الاحتجاجات أطلق عليها "جمعة أطفال الحرية"، في إشارة إلى عشرات الأطفال الذين قتلوا خلال الاحتجاجات، في حين قالت واشنطن إن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد "انتهت تقريبا".

وذكر ناشطون حقوقيون أن الجيش السوري قصف مجددا بالمدفعية والأسلحة الثقيلة مدينة الرستن قرب حمص، مما أدى إلى مقتل 15 مدنيا على الأقل، ليرتفع إلى أكثر من ستين عدد القتلى جراء عمليات الجيش السوري في هذه المدينة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. كما دمر القصف مسجدين ومتجرا كبيرا.

وقال رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان عمار القربي والمحامية رزان زيتونة لرويترز إن القتلى سقطوا برصاص القناصة وقوات الأمن التي اقتحمت أحياء الرستن وفرضت حظرا للتجول.

وذكر أحد شهود العيان من الرستن للجزيرة أن القوات السورية تعاملت بعنف مع المحتجين في المدينة "وقد فاق كل ما قامت به في المدن الأخرى، وأن عدد القتلى أكبر بكثير مما تم الإعلان عنه"، مضيفا أن قوات الأمن تمنع دخول أي مساعدة للمدينة.

ونقلت أسوشيتد برس عن أحد سكان الرستن قوله "لقد أصبحنا لاجئين في ديارنا", مشيرا إلى أنه يضطر للنوم في الغابات خشية الاعتقال.

وكانت قوات الأمن التي تدعمها الدبابات قد ضربت حصارا على الرستن التي يسكنها نحو 60 ألف نسمة منذ يوم الأحد الماضي.

من جهة ثانية, تحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مقتل أربعة جنود على أيدي "جماعات إرهابية مسلحة" في الرستن الأربعاء.

نشطاء: من أجل دمائكم البريئة وروحكم الطاهرة، ثورتنا مستمرة حتى إسقاط النظام(الجزيرة)
نشطاء: من أجل دمائكم البريئة وروحكم الطاهرة، ثورتنا مستمرة حتى إسقاط النظام(الجزيرة)

أطفال الحرية
في غضون ذلك دعا نشطاء سوريون عبر موقع فيسبوك إلى مزيد من المظاهرات الجمعة، حيث نشروا على صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011" قولهم "من أجل دمائكم البريئة وروحكم الطاهرة، ثورتنا مستمرة حتى إسقاط النظام.. جمعة أطفال الحرية".

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن 30 طفلا على الأقل قتلوا بالرصاص خلال "قمع" المظاهرات في سوريا.

وتأتي هذه الدعوة في وقت شددت فيه السلطات السورية إجراءاتها ولجأت
-بحسب أسوشيتد برس- إلى قطع الكهرباء والاتصالات وإمدادات المياه عن المناطق التي تشهد احتجاجات.

وكانت درعا قد شهدت الخميس مظاهرات لرفض العفو العام الذي أصدره الأسد، وأعرب المحتجون عن رغبتهم في القصاص ممن شارك في قتل المتظاهرين، لافتين إلى أن الأسد هو من يحتاج إلى عفو.

كما تظاهر الآلاف في بلدة داريا منددين بما سموه "المجازر التي ترتكبها قوات الأمن بحق الشعب الأعزل"، مرددين شعارات تطالب بإسقاط النظام خلال تشييع أحد الضحايا الذين سقطوا برصاص قوات الأمن.

في سياق متصل نشرت على موقع اليوتيوب مشاهد فيديو تظهر جنودا من الجيش السوري وهم يسوقون أمامهم "أسرى" من أهالي منطقة تلبيسة على الطريق الدولي بين حمص وحماة.

شرعية منتهية
من جهتها اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الشرعية التي يحتاجها أي كان لتوقع حصول تغيير في ظل الحكومة السورية الحالية "على وشك أن تزول إن لم تكن قد انتهت"، مطالبة المجتمع الدولي بموقف موحد في مواجهة "القمع" الذي يمارسه نظام الأسد.

وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحفي إن "موقف المجتمع الدولي ليس متحدا بما يكفي لتبرير جهودنا"، مشيرة إلى عدم حصولها على موافقة أعضاء آخرين في مجلس الأمن بالأمم المتحدة. ومن ناحية الجامعة العربية، أشارت كلينتون إلى أن الأزمة السورية "لم تثر شيئا مشابها للتحرك القوي" في مواجهة العقيد الليبي معمر القذافي.

ونددت موسكو حليفة دمشق بما اعتبرته "مساعي" لتشجيع تغيير النظام في سوريا، في حين حذرت الصين الثلاثاء من أن أي قرار في مجلس الأمن سيلحق الضرر بالاستقرار في سوريا.

وكان الرئيس الأسد قد أعلن إطلاق "حوار وطني" بين كل التيارات السياسية وأصدر عفوا عاما، وأفاد ناشطون بالإفراج عن مئات السجناء السياسيين، غير أن المعارضة السورية والمجتمع الدولي قابلا هذه الخطوة بمواقف تراوحت بين اللامبالاة والتشكيك.

 القمع العنيف للاحتجاجات المناهضةللحكومة ما زال مستمرا
 القمع العنيف للاحتجاجات المناهضةللحكومة ما زال مستمرا

اعتداءات منهجية
من ناحية أخرى, حذر مستشاران للأمين العام للأمم المتحدة متخصصان في الوقاية من جرائم الإبادة الجماعية في بيان مشترك، من "اعتداءات تبدو منهجية ومتعمدة" تمارسها السلطات السورية ضد المدنيين، وعبرا عن قلقهما بشأن تزايد الخسائر في الأرواح بسوريا "نتيجة استمرار القمع العنيف للاحتجاجات المناهضة للحكومة".

ونشرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأربعاء تقريرا بعنوان "لم نر فظاعة كهذه من قبل" نددت فيه بما سمته "جرائم ضد الإنسانية" في درعا وعمليات قتل ممنهجة وتعذيب.

ولم تسمح سوريا بأن تدخل أراضيها بعثة أممية كانت تعتزم التحقيق في العنف التي تمارسه السلطات السورية ضد المدنيين والذي خلف بحسب منظمات حقوقية أكثر من 1100 قتيل منذ 15 مارس/آذار الماضي.

المصدر : الجزيرة + وكالات