حرية الإعلام على الطريقة الأميركية في العراق

f: A US soldier cuffs Qatar's based al-Jazeera satallite channel cameraman Samir Hamza after arresting him following an explosion at the al-Khadra police station in Baghdad,

أحمد فاروق

الإدارة الأميركية توجه الاتهامات ومجلس الحكم الانتقالي يفرض العقوبات التنفيذية. يبدو أن هذا سيناريو توزيع الأدوار في التعامل الأميركي مع الإعلام العربي في العراق حاليا والذي يمكن أن يتكرر بصورة مماثلة في دول أخرى ردا على أي محاولة لتطبيق مبادئ حرية وموضوعية الإعلام إذا لم تكن على الطريقة الأميركية.

منذ هجمات سبتمبر/ أيلول 2001 ومع اندلاع حربي أفغانستان والعراق حرصت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش مرارا على توجيه سيل الاتهامات إلى قناة الجزيرة بتأييد نظام طالبان والحكومة العراقية.

وجاءت هذه الاتهامات لأن الجزيرة أذاعت بيانات لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وحاولت نقل صورة أخرى عن الحرب في أفغانستان عبر مراسليها بقيادة تيسير علوني بتصوير مشاهد قصف المدنيين وإبراز خسائر الأميركيين.

وقد جاء الرد الأميركي فوريا وسريعا بقصف مكتب الجزيرة في كابل أواخر عام 2001 وأخيرا – بحسب مراقبين- في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بالإيعاز لإسبانيا بملاحقة قضائية لعلوني.

أما في العراق فقصفت قوات الغزو الأميركي مكتبي قناتي الجزيرة وأبو ظبي قبل يوم من احتلالها لبغداد وراح ضحية ذلك الشهيد طارق أيوب مراسل الجزيرة. وعوقب موقع الجزيرة على الإنترنت بهجوم قرصنة إليكترونية لا تمتلك تقنيتها سوى مؤسسات حكومية كبرى لأن الموقع نشر صور الأسرى والقتلى من جنود الغزو في بداية الحرب.

وما أن استتبت الأمور وتم تشكيل مجلس الحكم الانتقالي تركت له مهمة ملاحقة الفضائيات العربية التي تجرأت ووصفت العمليات ضد الاحتلال بأنها مقاومة وليس "إرهابا" كما ترى واشنطن وسارعت إلى تصوير ونقل الخسائر اليومية للاحتلال ومدى تدهور الأوضاع في العراق بعد إتمام احتلاله.

ولم يتردد الانتقالي العراقي في اللجوء إلى إجراءات تتنافى مع الديمقراطية والحرية الموعودة في العراق فسارع إلى فرض العقوبات المؤقتة على قناتي الجزيرة والعربية لأنهما بثتا رسائل للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.

undefinedكما تكررت حوادث اعتقال مراسلي ومصوري الجزيرة من قبل قوات الاحتلال لمجرد مسارعة هؤلاء إلى تغطية هجمات المقاومة وتقديم صورة حقيقية عن حجم الخسائر. أخيرا أغارت الشرطة العراقية على مكاتب قناة العربية بتهمة التحريض على العنف لبثها شريطا مسجلا لصدام.

وعلى الفور جاء التبرير الأميركي لهذه الخطوات، فقد زعم وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد أن لديه أدلة على أن قناتي الجزيرة والعربية الفضائيتين تعاونتا على ما يبدو مع المقاومة في العراق لكنه لم يقدم هذه الأدلة.

هذه الممارسات تعطي صورة سلبية عن مستقبل حرية التعبير إذا لم يكن على هوى أميركي. ولذلك سارع عدد من المنظمات واتحادات الصحفيين إلى التأكيد أن حرية التعبير تقمع في الوقت الذي وعدت فيه واشنطن بأنها ستتركها تزدهر.

ومن المفارقات أنه لم يتخذ إي أجراء ضد وسائل الإعلام الغربية التي تذيع أحيانا شرائط لصدام حسين مما يؤكد تعمد التمييز ضد القنوات العربية التي تتهمها واشنطن بالانحياز لصدام.

وتشير كل الدلائل إلى أن هذه الممارسات لن تنتهي لأن الإعلام العربي الموضوعي بقيادة الجزيرة -في نظر كثير من المراقبين- يرفض الوصاية الأميركية وسيمارس حقه في حرية التعبير بمعناها الصحيح وليس بالمفهوم الأميركي.
_____________________
*الجزيرة نت.

المصدر : الجزيرة + وكالات