احتفالات في القدس.. هذه مكاسب المدينة وسكانها

أجواء النصر تعم "صلاة الفجر العظيم" في المسجد الأقصى المبارك

احتفالات المقدسيين بوقف إطلاق النار
احتفالات المقدسيين بوقف إطلاق النار (مواقع التواصل الاجتماعي)

استقبل المقدسيون في تمام الساعة السادسة يوم 10 مايو/أيار الجاري صفارات الإنذار والصواريخ التي سقطت على القدس منطلقة من غزة بالهتافات والتكبيرات وإطلاق أبواق السيارات التي لم تهدأ حتى ساعة الإفطار.

وتكرر المشهد قبل ساعات باستقبالهم بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية.

وعبر المحتفلون في القدس عن فرحتهم بانتصار المقاومة على آلة الحرب الإسرائيلية بالانتشار في الشوارع وإطلاق أبواق السيارات على مدار 3 ساعات متواصلة، وبالهتافات والتكبيرات وبرفع العلم الفلسطيني والرايات في مختلف أحياء المدينة.

وقبيل صلاة الفجر دخلوا أفواجا إلى المسجد الأقصى عبر الأبواب، وصدحت حناجرهم بتكبيرات العيد الذي شعروا أنه لم يحل على البلاد سوى اليوم، وكبروا وهتفوا دون أن يتقدم نحوهم أي من عناصر الشرطة والجيش الإسرائيلي المتمركزة على الأبواب.

وبعد انقضاء الصلاة تجمهر المصلون في ساحات المسجد ورفعوا العلم الفلسطيني، وتربعت المقاومة على عرش هتافاتهم مجددا قبل مغادرتهم إلى منازلهم.

واعتاد المقدسيون على قمعهم في أي حراك وإن كان بسيطا في المدينة، لكن عناصر الشرطة الإسرائيلية والقوات الخاصة والجيش الذين قمعوا الشباب بشكل وحشي منذ بداية شهر رمضان وقفوا متفرجين على حراك المقدسيين وفرحتهم هذه الليلة.

هل ستهدأ القدس؟

فما المكاسب التي تحققت للقدس بعد دخول المقاومة على خط المواجهة في المدينة؟ وهل ستهدأ العاصمة المحتلة بعد انجلاء الحرب التي اندلعت نصرة للقدس والمسجد الأقصى؟

الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية طارق عكش قال إن المقدسيين شعروا على مدار عقود بأن مدينتهم مستهدفة وأنهم يواجهون سياسات تهويدها وحدهم بعد عزل الضفة الغربية وقطاع غزة جغرافيا عنهم، وبعد ملاحقة كل من يفكر بالعمل لأجل القدس من أهالي الداخل الفلسطيني.

وبمجرد انطلاق صفارات الإنذار يوم 28 رمضان بعد إفشال المصلين اقتحام المتطرفين في ذلك اليوم للأقصى شعر المقدسيون أن النجدة وصلتهم، وأن المقاومة وعدت ووفت بوعدها ولم يعودوا وحدهم يقارعون في ميدان المدينة.

"مبادرة المقاومة في غزة وتلبيتها نداء المقدسيين ألهبتا الضفة الغربية والداخل الفلسطيني والقدس مجددا وبثتا الحياة في القضية الفلسطينية من جديد، كما بثتا روح التفاؤل في نفوس كل الأحرار المظلومين الذين يقاومون ضد الإمبريالية والاستعمار في العالم".

وحول المكاسب التي تحققت للقدس والمقدسيين بعد دخول المقاومة على خط المواجهة، تطرق عكش إلى أن ذلك دفع بالمستوى السياسي الحكومي الإسرائيلي للإعلان عن إغلاق باب المغاربة أمام اقتحام المتطرفين إلى إشعار آخر، بالإضافة إلى تكثيف الحديث في الإعلام الإسرائيلي مؤخرا عن أن فكرة تهجير المقدسيين من منازلهم في حي الشيخ جراح كانت خطوة استفزازية مجنونة جلبت الضرر الكبير للحكومة.

وأضاف عكش أنه "من المبكر أن نجزم بأن الاحتلال سيتراجع عن قرار الإخلاء، لكنه بات يعرف أن الثمن الذي سيدفعه مقابل ذلك سيكون باهظا، والخطاب الإعلامي على لسان محللين سياسيين وعسكريين إسرائيليين يتركز حاليا على أن المساس بالأقصى وبالمقدسيين وتهجيرهم قسرا سيكون مكلفا جدا".

عامل الردع تحقق

بهذا تحقق عامل الردع مع دخول المقاومة على خط المواجهة، وفقا للباحث المقدسي الذي قال إن إسرائيل ستفكر مليا قبل أي اعتداء، وإن الحكومة ستكون أقل استجابة لضغوط المستوطنين في سعيهم المستمر لتهويد الأقصى وفي استباحة منازل المقدسيين والاستيلاء عليها.

وحذر عكش من خطورة التقاعس والركون إلى حالة الردع والانتصار التي تشكلت، مشيرا إلى أهمية البناء على الانتصار الذي تحقق بمواصلة المقاومة ضد النهج الاستيطاني، لأن إسرائيل تراقب وتستغل كل ثغرة وركود للانقضاض على القدس مجددا.

وحول عدم تدخل الشرطة الإسرائيلية لفض الأجواء الاحتفالية السائدة في المدينة منذ الساعة الثانية فجرا مع إعلان الهدنة، قال عكش إنه لا يستبعد أن يكون المستوى السياسي قد أصدر تعليماته للمستوى الأمني بعدم التدخل، لأن الساعات الأولى من الهدنة حساسة جدا وحرصت إسرائيل على عدم خرقها.

وأشار إلى أن نتنياهو يعرف أن الأمور كانت تتجه نحو انتفاضة شاملة ستصعب السيطرة عليها، فحرص على الالتزام بالهدوء قبل حلول يوم الجمعة واشتعال كل المناطق مجددا رغم اتهامات واسعة له بأنه "جبان ومتخاذل وعاجز عن مواجهة المقاومة الفلسطينية".

المصدر : الجزيرة