سوق الجمعة بالقدس.. من تجارة المواشي إلى مكب للنفايات

مكب النفايات الملاصق لسور القدس فلسطين تصوير محمد أبو الفيلات الجزيرة3
الاحتلال رفض مساعي الأوقاف الإسلامية لتنظيف المكان وتحويله إلى حديقة (الجزيرة نت)
                                                                       
                                                                      محمد أبو الفيلات-القدس

لا يمكن لأي مقدسي عاش فترة ما قبل احتلال ما تبقى من القدس عام 1967 إلا أن يستذكر سوق الجمعة، سواء عند مروره من منطقة باب الأسباط الواقعة شرقي بلدة القدس القديمة، أو حتى عند اقتراب عيد الأضحى، حيث كان السوق يختص ببيع الأغنام والمواشي. 

اكتسب السوق اسمه من اليوم الوحيد الذي يقام فيه، على امتداد نصف السور الشمالي الشرقي لمدينة القدس، حيث كان تجار المواشي يأتون بمواشيهم من كافة المدن والقرى الفلسطينية كـالخليل وبيت لحم وغيرها إلى القدس ليبيعوها في هذا السوق. 

وكان لمربي المواشي المقدسيين نصيب من البيع في سوق الجمعة، فغالبية المجتمع المقدسي وخاصة سكان القرى المقدسية كانوا من الفلاحين ويعتاشون من الزراعة وتربية المواشي، لكن الاحتلال حوله إلى مكب وحرم السكان من أحد مصادر رزقهم.

سوق وممر
يستذكر السبعيني الحاج إبراهيم أبو الهوى كيف كان يتوجه إلى سوق الجمعة كلما أراد شراء خروف في المناسبات المختلفة كعيد الأضحى، أو عندما رجع والده من الحج أو إذا أرادت عائلته عمل عقيقة لمولود جديد. 

‪أبو زهرة:‬  النفايات في أيام الأعياد العبرية والعطل الأسبوعية وكذلك إضرابات البلدية تصل إلى نصف سور القدس (الجزيرة نت)
‪أبو زهرة:‬  النفايات في أيام الأعياد العبرية والعطل الأسبوعية وكذلك إضرابات البلدية تصل إلى نصف سور القدس (الجزيرة نت)

ويواظب المقدسيون -يضيف أبو الهوى- على إحياء سُنة ذبح المواشي والتصدق بلحومها وإطعام الأقارب تقربا إلى الله سبحانه وتعالى. 

ولم يقتصر بيع المواشي في السوق على الأفراد فقط، بل كان اللحامون في بلدة القدس القديمة يأتون إلى السوق لشراء حاجتهم من المواشي ليقوموا بذبحها وبيعها للناس. 

وظل السوق حتى قبيل الاحتلال يعمل لساعات قليلة التي تبدأ مع الفجر وتنتهي مع بدء صلاة الجمعة، إلا أنه مع ذلك كان يعمل على تدوير الحركة الاقتصادية في المدينة بشكل كبير، ما يعود على التجار ومربي المواشي  بالربح. 

اليوم وبعد مضي نحو نصف قرن على احتلال ما تبقى من القدس ما زال المقدسيون يمنعون من الاستفادة من السوق الذي اقتطع ثلت مساحته وجعل مكبا للنفايات بمساحة نحو ألفي متر مربع. 

ويقول مسؤول المقابر بدائرة الأوقاف الاسلامية في القدس مصطفى أبو زهرة للجزيرة نت إن الاحتلال أقام مكب النفايات مكان سوق الجمعة، والذي يقع بين سور القدس والمقبرة اليوسفية التي يدفن المقدسيون بها موتاهم حتى الآن، مما يعطي المدينة مظهرا غير لائق وكذلك ينزع حرمة المقبرة.

وسوق الجمعة لم يكن مكانا لبيع الأغنام فقط، بل يعد ممرا رئيسيا يؤمه قاصدو الصلاة في المسجد الأقصى وكذلك السياح الذين يزورون القدس، وخاصة الذين يدخلونها من باب الأسباط.

مكب النفايات يلاصق سور القدس وروائحه تعم المنطقة بأكملها (الجزيرة نت)
مكب النفايات يلاصق سور القدس وروائحه تعم المنطقة بأكملها (الجزيرة نت)

روائح كريهة
ولا تنحصر رائحة المكب في مكان السوق فقط، بل تتعدى ذلك لتصل إلى المناطق المحيطة به، وخاصة في ساعات الليل فتصل رائحته إلى داخل البلدة القديمة وحي وادي الجوز والصوانة القريبين عليه. 

ويقول أبو زهرة إن النفايات في أيام الأعياد العبرية والعطل الأسبوعية وكذلك إضرابات البلدية تصل إلى نصف سور القدس، مضيفا أنهم تقدموا مرارا بشكاوى إلى بلدية الاحتلال في القدس لتغيير موقع مكب النفايات إلا أن جوابها دائما ما كان بالرفض بذريعة أن مكان المكب كان في السابق سوقا للأغنام وباعتقادها أن سوق الأغنام ومكب النفايات لا يختلفان من ناحية أنهما كريهان صحيا، وفق زعمهم. 

وتبدي دائرة الأوقاف استعدادها لتنفيذ أي مشروع مكان مكب النفايات، كتحويله إلى حديقة عامة أو أي شيء آخر يمكن أن يعود بالنفع على المجتمع المقدسي ويرجع لسور القدس مكانته الأثرية ويعيد للمقابر الاسلامية احترامها، لكن بلدية الاحتلال ترفض كل الحلول.

المصدر : الجزيرة