آية خليل.. شتات مرير انتهى بها فنانة بالقدس

القدس - الغزية آية خليل في منزلها في شعفاط
حققت آية النجاح رغم شتات أسرتها بين غزة والقدس وأستراليا واليونان وسويسرا ولبنان (الجزيرة نت)
أسيل جندي-القدس

خلال عدوان 2014 على قطاع غزة تسمّرت آية خليل -التي رحلت من القطاع بعد زواجها بالقدس عام 2005- أمام شاشة التلفاز لتتابع بقلق شديد الأخبار المأساوية المتلاحقة الواردة من هناك وسط خوف شديد على مصير أقاربها.

فكرت آية بطريقة تساعدها للخروج من الحالة النفسية المتردية التي وصلت لها بعد مرور أيام على حرب غزة، فوجدت حولها لوحين من الزجاج ومجموعة من الألوان التي احتفظت بها منذ سنوات طويلة وبدأت برسم أول لوحة لها على الزجاج.

شعرت آية بشغف ورغبة في إكمال هذا الطريق، وعملت على انتشار لوحاتها، فشاركت في معارض عدة كان أولها معرض "القدس عيدُنا" الذي نظمه مركز مسار الثقافي عام 2014.

مشروع شفّاف
وعن تجربتها تقول "سررت كثيرا عندما تلقيت تعليقات إيجابية على لوحاتي من زوار المعرض، وهذا دفعني لإكمال طريق كانت بدايتها مآسي الحرب ونهايتها مصدر رزق بعد إقبال المقدسيين على شراء التحف الزجاجية مني، وأطلقتُ بعدها على مشروعي اسم (شفّاف)".

فلسطينيون في الشتات يطلبون من آية رسم أسماء القرى والمدن الفلسطينية على فناجين القهوة (الجزيرة نت)
فلسطينيون في الشتات يطلبون من آية رسم أسماء القرى والمدن الفلسطينية على فناجين القهوة (الجزيرة نت)

تجسدت غزة في أعمال آية خليل وزيّنت العديد من القطع الزجاجية باسمها، كما لم تغب عنها المدن والقرى الأخرى وخاصة تلك المهجرة، في وقت تربعت خريطة فلسطين -التي رسمتها وخطّت بداخلها أشعارا لمحمود درويش– على عرش أعمالها.

تحرص آية خليل على تقليب صور أفراد عائلتها باستمرار أمام أطفالها حتى يتعرفوا عليهم ولا يستهجنوا وجودهم إذا قُدّر لهم أن يلتقوا بهم يوما ما. وتحدثت عن هذه التفاصيل القاسية قائلة "عشتُ الكثير من مآسي هذا الوطن ودفعت ثمنا باهظا في غربتي كما دفعنا جميعا ثمن انخراط والدي في العمل السياسي والعسكري، لذلك فلسطين حاضرة في أعمالي دائما".

وأضافت "كثير من الفلسطينيين في الشتات يطلبون مني رسم أسماء القرى والمدن الفلسطينية على فناجين القهوة، ليشعروا بارتباطهم بهذا الوطن أثناء ارتشافهم قهوتهم في المهجر، وأنا أشعر بهم لأنني مغتربة عن غزة أولا وعن جميع أفراد أسرتي ثانيا".

وحتى تتمكن من إكمال مسيرتها المهنية والأسرية، تؤكد آية أن ما يخفف من حالة الاغتراب القاسية التي تعيشها هو وجود زوجها المساند وعائلته إلى جانبها وجانب أبنائها، لعلّ اللقاء بعائلتها يتحقق في الشتات يوما ما إن لم يكن على أرض الوطن. 

نشأة قاسية
وُلدت الرسامة الغزية عام 1977 في الشتات بلبنان من أب لاجئ من عكّا وأم غزية، وكان والدها مصطفى خليل قائد الكفاح المسلح في لبنان حينها، ورحلت مع عائلتها من لبنان إلى اليمن ثم للأردن وأخيرا إلى غزة بعد اعتقال والدها وزجّه بالسجون السورية.

 الرسم على الزجاج يستهوي آية خليل وبات مصدر رزقها (الجزيرة نت)
 الرسم على الزجاج يستهوي آية خليل وبات مصدر رزقها (الجزيرة نت)

تلقت آية تعليمها الجامعي في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، وتخصصت في الصحافة والعلوم السياسية، ثم أكملت دراسة الماجستير في الدراسات الدولية في الجامعة ذاتها وتخرجت عام 2002 لتعود لقطاع غزة من جديد وتشغل هناك وظائف عدة.

في عام 2005 شاءت الأقدار أن ترتبط بشاب مقدسي، ولصعوبة ظروف البلاد المحتلة احتفلت العائلتان بزواج ابنيهما في المملكة الأردنية واستقرت آية بالقدس بعدها.

وعن رحلة شتاتها تقول بغصة "أشعر أنني كاليتيمة فعندما بلغت سن الخامسة سُجن والدي وقضى 22 عاما بالسجون السورية، ثم انتقلت للضفة الغربية لسنوات طويلة لإنهاء دراستي الجامعية، وها أنا الآن أعيش في غربة بالقدس بعيدة عن جميع أفراد أسرتي".

وتتوزع عائلة آية على مساحات واسعة في الوطن والشتات تمتد من غزة إلى أستراليا واليونان وسويسرا ولبنان حيث يعيش والداها المسنان حاليا، وبعد إنجابها أطفالها الثلاثة تأمل آية أن تجتمع ولو لأسبوع واحد مع والديها وأشقائها الخمسة وشقيقاتها الثلاث ليتعرف أطفالها على أسرتها، ويعيشوا الأجواء العائلية الحميمة.

المصدر : الجزيرة