اشتباكات عين الحلوة.. ميقاتي يعتبرها "مشبوهة" والجيش اللبناني يحذر من المساس بمراكزه العسكرية

Clashes between two groups in the Palestinian refugee camp of Ain al-Helwa
الاشتباكات بين مجموعات متنافسة أمر شائع في مخيم عين الحلوة الذي يؤوي أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني (الأناضول)

قتل 6 فلسطينيين -بينهم قائد عسكري في حركة فتح- في اشتباكات اندلعت الليلة الماضية واستؤنفت اليوم الأحد بمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا (جنوبي لبنان).

وقتل القائد العسكري في فتح مع 4 من رفاقه في كمين اليوم، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن القيادي في الحركة منير مقدح، وذلك بعد معارك ليلية داخل المخيم بين عناصر من فتح وآخرين من مجموعات إسلامية.

ونعت حركة فتح -في بيان- "القائد اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه الشهداء مهند قاسم وطارق خلف وموسى فندي وبلال عبيد الذين اغتالتهم أيادي الغدر والإجرام والإرهاب بعملية آثمة جبانة"، في حين اعتبر بيان صادر عن الرئاسة الفلسطينية أن ما حدث بالمخيم "تجاوز لكل الخطوط الحمراء وعبث بالأمن اللبناني".

وتسببت الاشتباكات في نزوح عدد من العائلات باتجاه منطقة الفيلات المجاورة، كما تجري عدة فصائل فلسطينية اتصالات مكثفة لوقف إطلاق النار وإعادة الأمور إلى طبيعتها.

من جهته، قال الجيش اللبناني في بيان إنه وإثر الاشتباكات داخل مخيم عين الحلوة، سقطت قذيفة في أحد مراكزه العسكرية، وأشار إلى أن مراكز ونقاط مراقبة تابعة له تعرضت لإطلاق نار، مما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين بجروح.

وحذر الجيش اللبناني من مغبة تعريض مراكزه العسكرية وعناصره للخطر، وقال إنه سيرد على مصادر النيران بالمثل.

الرئاسة الفلسطينية تندد

وتعليقا على هذه الأحداث، قالت الرئاسة الفلسطينية إنها "تجاوز كل الخطوط الحمراء وعبث بالأمن اللبناني". وذكرت -في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)- أن "ما حدث مجزرة بشعة واغتيال غادر وإرهابي لمناضلين من قوات الأمن الوطني أثناء أدائهم واجباتهم الوطنية في الحفاظ على صون الأمن والأمان لشعبنا في مخيم عين الحلوة، والسهر على أمن الجوار اللبناني".

وأفادت بأن "الاغتيال تجاوز لكل الخطوط الحمراء وعبث بالأمن اللبناني وأمن المخيم"، مؤكدة أن "هذا الأمر غير مسموح به، ولن يمر دون محاسبة مرتكبي هذه المجزرة".

وشددت الرئاسة على "دعمها لما تقوم به الحكومة اللبنانية من أجل فرض النظام والقانون، ونؤكد حرصنا الشديد على سيادة لبنان، بما يشمل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على الأمن والقانون".

وأضافت "عملنا طوال السنوات الماضية وبجهد كبير للحفاظ على استتباب الأمن والاستقرار وبالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وسنبقى على هذا الطريق للحفاظ على أمن وسيادة لبنان وحماية أبناء شعبنا في المخيمات وتحت سيادة القانون والأمن اللبنانيين".

في هذه الأثناء، أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تعليق جميع عملياتها في مخيم عين الحلوة، وهو أمر معتاد تقوم به الوكالة كلما أطلق الرصاص في المخيم.

وقالت الوكالة في بيان "تتواصل الاشتباكات المسلحة في المخيم حيث استخدمت فيها القذائف الصاروخية والقنابل، والتي أسفرت عن سقوط قتلى، فيما تضررت مدرستان تابعتان للأونروا تستوعبان ألفي طالب"، ودعت الوكالة الأممية جميع الأطراف المسلحة في المخيم إلى "ضمان سلامة المدنيين وحرمة مباني الأمم المتحدة".

وفي بيان صادر عن رئاسة الحكومة اللبنانية، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إن "توقيت الاشتباكات في الظرف الإقليمي والدولي الراهن مشبوه، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين".

وذكر ميقاتي أن "هذه الاشتباكات تتزامن مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية، وهي في سياق الرسائل التي تستخدم الساحة اللبنانية منطلقا لها"، مؤكدا أن هذه الاشتباكات "مرفوضة لعدة أسباب؛ أولها أنها تكرس المخيم بؤرة خارجة عن سيطرة الدولة، وهذا أمر مرفوض بالمطلق ويتطلب قرارا صارما من القيادات الفلسطينية باحترام السيادة اللبنانية والقوانين ذات الصلة وأصول الضيافة".

وطالب ميقاتي القيادات الفلسطينية بالتعاون مع الجيش اللبناني لضبط الوضع الأمني وتسليم العابثين بالأمن إلى السلطات اللبنانية، كما طلب من الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية ضبط الوضع في المخيم لما فيه مصلحة لبنان واللاجئين الفلسطينيين على حد سواء.

بداية الاشتباكات

وكان مصدر فلسطيني في المخيم -طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية- أشار ليلا إلى اشتباكات بين عناصر من حركة فتح و"جماعة الشباب المسلم" في المخيم الواقع قرب مدينة صيدا الساحلية تسببت بمقتل عنصر في الجماعة وجرح 6 أشخاص، وبين الجرحى قيادي إسلامي.

وأعلن الجيش اللبناني إصابة أحد عناصره في سقوط قذيفة هاون مصدرها الاشتباكات في المخيم "داخل أحد المراكز العسكرية، مما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بشظايا، وحالته الصحية مستقرة".

ووجهت قوات الأمن اللبنانية دعوة لأهالي صيدا إلى التزام الحيطة والحذر وعدم التجول في المناطق المجاورة للمخيم، بسبب تساقط الرصاص الطائش في وقت تتردد أصداء انفجار القذائف الصاروخية في أرجاء المدينة بسبب الاشتباكات الدائرة في المخيم.

ووفقا للوكالة الوطنية للإعلام، فإن الرصاص الطائش يطال المحال التجارية والمنازل في صيدا، ولا سيما أحياء الصباغ والبراد وواجهة مول تجاري عند تقاطع إيليا، كما سقطت قذيفة في ساحة الشهداء بصيدا.

والاشتباكات بين مجموعات متنافسة أمر شائع في مخيم عين الحلوة الذي يؤوي أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني انضم إليهم في السنوات الأخيرة آلاف الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا.

وبموجب اتفاق ضمني يعود إلى سنوات طويلة لا يدخل الجيش اللبناني المخيمات الفلسطينية تاركا مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها.

ويعد مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ويحتمي متطرفون وفارون من العدالة فيه.

يشار إلى أن أكثر من 450 ألف فلسطيني مسجلون لدى الأونروا في لبنان، ويعيش معظمهم في 12 مخيما رسميا للاجئين، غالبا في ظروف بائسة ويواجهون قيودا قانونية.

المصدر : الجزيرة + وكالات