ترحيب أميركي أوروبي بخطوات سويدية فنلندية للانضمام لحلف الناتو وسط تحفظ تركي

Turkish Foreign Minister Mevlut Cavusoglu in Berlin
وزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف الناتو اجتمعوا في لقاء غير رسمي اليوم الأحد في برلين (الأناضول)

أكدت رئيسة وزراء السويد الاشتراكية الديمقراطية ماغدالينا أندرسون اليوم الأحد أن ترشح بلادها وفنلندا لعضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو) هو "الأفضل" للسويد وأمنها، في حين سارعت أوروبا والولايات المتحدة وكندا للتعبير عن الدعم الكامل لرغبة الدولتين الانضمام للناتو.

وتتوجه ماغدالينا أندرسون الاثنين إلى البرلمان "للتأكد من توفر دعم برلماني واسع لتقديم ترشح للأطلسي"، و"من ثم يمكننا اتخاذ قرار في الحكومة"، وفق ما صرحت به في مؤتمر صحفي.

وستتخذ الحكومة السويدية قرارها بعد جلسة البرلمان، وذلك من شأنه أن يطوي صفحة سياسة عدم الانضمام إلى أحلاف عسكرية التي استمرت أكثر من 200 عام.

وقالت ماغدالينا إن هناك مؤشرات جيدة على الوصول إلى حل مع تركيا بشأن تحفظاتها على طلب السويد الانضمام للناتو، مضيفة أن بلادها "في حاجة للضمانات الأمنية الرسمية التي تؤمنها هذه العضوية".

وفي تراجع عن موقفه التاريخي، قرر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد الأحد دعم طلب العضوية، بشرط ألا تستضيف البلاد قاعدة دائمة للحلف أو أسلحة نووية.

فنلندا أيضا

وأضفت فنلندا الطابع الرسمي على ترشحها لعضوية حلف الأطلسي، وسيعرض القرار غدا الاثنين على البرلمان حيث يجب أن ينال قبول أغلبية واسعة.

وكانت وكالة "إنترفاكس" (Interfax) قد أكدت أن رئيس فنلندا ساولي نينيستو أبلغ في اتصال هاتفي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين بخطط بلاده للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسط اعتراض روسي على الخطوة الفنلندية.

وقال الكرملين إن الرئيسين تبادلا هاتفيا وجهات النظر بشأن اعتزام فنلندا التقدم للحصول على عضوية الحلف، حيث رأى بوتين أن تخلّي فنلندا عن السياسة التقليدية للحياد العسكري سيكون خطأ، إذ لا توجد تهديدات لأمنها، وفق البيان.

وأعلن نينيستو، الأحد، لقناة "سي إن إن" (CNN) الأميركية، أن حديثه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن خطط الانضمام لحلف الناتو كان هادئا وجيدا.

ورأى بوتين خلال المكالمة أن الانضمام إلى الحلف الأطلسي "سيكون خطأ" مؤكدا أنه "ليس هناك أي تهديد لأمن فنلندا"، حسب ما أورد الكرملين.

والخميس كشف نينيستو وحكومته أنهما يؤيّدان الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "من دون تأخير"، وأن قرارا رسميا سيتّخذ في نهاية الأسبوع.

وقال نينيستو "ترسخ لديّ هذا الاقتناع بعد اتصالي مع بوتين"، مشيرا إلى أن المكالمة لم تتضمن أي "تهديد".

رسميا، على المرشح لعضوية الحلف إرسال ملفه إلى مقر المنظمة في بروكسل لبدء مفاوضات، وتتطلب الموافقة على الطلب إجماع الأعضاء الـ30 الحاليين.

وتفيد استطلاعات الرأي الأخيرة بأن نسبة الفنلنديين الراغبين في الانضمام إلى الحلف تجاوزت 75%، أي 3 أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا.

وفي السويد أيضا ارتفعت نسبة مؤيدي الانضمام إلى الناتو لتصل إلى نحو 50% مقابل 20% يرفضون ذلك.

واشنطن تدعم

وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الأحد عن ثقته بانضمام السويد وفنلندا إلى الحلف الأطلسي (الناتو)، على الرغم من الاعتراض الذي أبدته تركيا.

وقال بلينكن للصحفيين، بعد اجتماع لوزراء خارجية الناتو في برلين، إن الولايات المتحدة ستدعم بقوة طلب كلّ من السويد وفنلندا للانضمام إذا اختارتا الترشح رسميا لعضوية الحلف، مضيفا "إنني واثق بشدة من التوصل إلى إجماع".

وصرح المسؤول الأميركي بأن كل عضو في حلف الناتو "يريد أن يضع حدًّا للحرب في أوكرانيا ونحن ملتزمون بدعمها"، موضحا أن الاتحاد الأوروبي مستمر في جهوده لوقف الاعتماد على النفط الروسي وسدّ أي فجوات للطاقة تعانيها أوروبا.

وتعهد بلينكن بتعزيز الشراكة عبر الأطلسي في وجه ما سماه "العدوان الروسي وشراكتنا الدفاعية" مع أستراليا واليابان، مضيفا أن واشنطن تتطلع إلى الاجتماع القادم في باريس لتعزيز الشراكة الأميركية الأوروبية.

Finland's Prime Minister Sanna Marin and Finland's President Sauli Niinisto attend a joint news conference on Finland's security policy decisions at the Presidential Palace in Helsinki
الرئيس الفنلندي سولي نينيستو ورئيسة الوزراء سانا مارين (رويترز)

وفي مؤتمر صحفي عقب اجتماع وزراء خارجية الحلف، عدّ الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ مساعي فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو إثباتا لعدم جدوى "العدوان الروسي على أوكرانيا"، ووصف لحظة انضمامهما إن قرّرتا ذلك بالتاريخية.

من جهتها، شددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على ضرورة ألا يتراجع الحلف عن الدعم العسكري لأوكرانيا ما دامت بحاجة إليه للدفاع عن نفسها. وأكدت بيربوك أن أبواب الناتو مفتوحة لانضمام السويد وفنلندا، وأن أعضاءه مستعدون لهذا الانضمام عند جهوزية البلدين.

وعدّت وزيرة خارجية النرويج أنيكين هويتفيلد ذلك نقطة تحوّل في السياسة الأمنية لدول الشمال الأوروبي.

وكان نائب الأمين العام للناتو ميرتشا جيوانا قال إن فنلندا والسويد إذا قررتا طلب عضوية الحلف فإن الطلب سيلقى تعاملا بنّاء، وأضاف جيوانا أنه متأكد من أن مخاوف تركيا بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف يمكن معالجتها.

وقالت وزيرة خارجية كندا، ميلاني جولي، إنها تأمل أن تكتمل عملية التصديق على عضوية فنلندا والسويد في الناتو في غضون أسابيع.

وأضافت الوزيرة جولي "ندعم بقوة طلب السويد الانضمام إلى الناتو ونشجع حلفاءنا على دعمه فورا".

التحفظ التركي

وبخصوص التحفظ التركي على انضمام السويد وفنلندا، قال بلينكن إنه تحدث مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بشأنه، وقال إنه "واثق من التوصل إلى توافق".

وأكد نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن تركيا أبلغت الحلف مخاوفها وتحفظاتها بشأن احتمال انضمام فنلندا والسويد إليه.

جاء ذلك في تصريح صحفي أدلى به جيوانا، اليوم الأحد، قبيل مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي المنعقد في العاصمة الألمانية (برلين).

وأوضح أن مباحثات مع الجانب التركي جرت مساء أمس السبت بشأن احتمال انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، وأن تلك المباحثات كانت "شفافة وبناءة".

وتابع قائلا "تركيا حليف مهم، وأنقرة أبلغتنا مخاوفها وتحفظاتها بشأن انضمام هاتين الدولتين إلى الحلف".

وكان وزير الخارجية التركي قد أوضح سابقا أن أي دولة ستكون عضوا في حلف شمال الأطلسي يجب ألا تدعم تنظيم حزب العمال الكردستاني.

وأشار جاويش أوغلو إلى أن السويد وفنلندا تقدمان دعما علنيا كبيرا لحزب العمال الكردستاني رغم جميع التحذيرات، وهو ما ينعكس سلبا على مشاعر الشعب التركي.

موقف روسيا

وكانت روسيا قد لوّحت سابقا بردود "عسكرية تقنية" على الخطوة الفنلندية من دون تحديد ماهيتها.

كما علقت روسيا الجمعة صادراتها من الكهرباء إلى فنلندا، التي مثلت نحو 10% من استهلاك الدولة الإسكندنافية.

وسبق للمتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن قال إن "توسيع حلف شمال الأطلسي لا يجعل قارتنا أكثر استقرارا وأمنا".

وأضاف بيسكوف من دون الخوض في تفاصيل "من غير الممكن ألا يثير هذا أسفنا ويمثل مبررا لردود متكافئة مماثلة من جانبنا".

وقالت وزارة الخارجية الروسية قبل أيام إن على روسيا اتخاذ "خطوات انتقامية سواء فنية عسكرية أو ذات طبيعة أخرى من أجل وقف تنامي التهديدات لأمنها الوطني".

وأضافت "هلسنكي يجب أن تكون على علم بمسؤوليات وتبعات مثل هذه الخطوة".

المصدر : الجزيرة + وكالات