مفاوضات روسية أوكرانية.. مجلس الأمن يدعو لدورة طارئة للجمعية العامة وتحذير أممي من أزمة إنسانية خطيرة

U.N. Security Council votes on calling special General Assembly session
مجلس الأمن فشل في إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

تبنى مجلس الأمن الدولي أمس الأحد قرارا يدعو إلى عقد "جلسة طارئة" اليوم للجمعية العامة للأمم المتحدة ليتخذ أعضاؤها الـ193 موقفا حيال الحرب الروسية على أوكرانيا، في حين أعلن عن عقد جولة مفاوضات بين موسكو وكييف في منطقة الحدود البيلاروسية الأوكرانية.

وأيدت القرار الذي طرحته الولايات المتحدة وألبانيا 11 دولة، في حين صوّتت روسيا ضده وامتنعت الإمارات العربية المتحدة والصين والهند عن التصويت، ولا يجيز نظام الأمم المتحدة اللجوء إلى حق النقض (فيتو) في حال كهذه.

ويستند هذا الإجراء إلى آلية تعود لعام 1950 عنوانها "الاتحاد لحفظ السلام"، وكانت موسكو لجأت الجمعة الماضي إلى حق النقض لتعطيل قرار طرحته الولايات المتحدة وألبانيا يندد بالغزو الروسي ويطالب بالانسحاب الفوري من أوكرانيا.

وجاء في نص قرار أمس الأحد أنه "بالنظر إلى أن غياب الإجماع بين أعضائه الدائمين منعه من ممارسة مسؤوليته الأولى في حفظ السلام والأمن الدوليين"؛ قرر مجلس الأمن "الدعوة إلى جلسة طارئة للجمعية العامة".

وهذه الجلسة سيفتتحها رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة على أن تستمر طوال اليوم على الأقل.

Foreign Affairs Council meeting in Brussels
وزير الخارجية الأوكراني نفى أن تكون بلاده خططت لأي هجوم عسكري في إقليم دونباس (الأناضول)

تحذير من أزمة أمنية

وحذر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا -في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن- من أن أوروبا تواجه أكبر أزمة أمنية منذ الحرب العالمية الثانية.

ونفى الوزير الأوكراني أن تكون بلاده خططت لأي هجوم عسكري في إقليم دونباس، واتهم روسيا بالتسبب في الأزمة وتصعيدها، وقال إن الاتهامات الروسية ضد بلاده غير معقولة.

وفي الجلسة نفسها، قال المندوب الروسي فاسيلي نيبنزيا إن أوكرانيا بأكملها ستتحمل تكلفة ما وصفه بمغامرتها العسكرية في دونباس.

وأضاف أن القرار الروسي بشأن دونيتسك ولوغانسك نتيجة مباشرة لسنوات طويلة من التخريب الذي قامت به أوكرانيا لالتزاماتها بموجب اتفاقيات مينسك.

وقالت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد إن روسيا وحدها ستتحمل مسؤولية نتائج الحرب التي اختار بوتين شنها، "وفي حال اختار الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) مزيدا من التصعيد فإن موسكو وحدها ستتحمل التبعات".

ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن قرار الاتحاد الروسي الاعتراف بما يسمى "استقلال" منطقتي دونيتسك ولوغانسك وما وقع بعد ذلك من انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها؛ يتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

وقال غوتيريش إن العالم يواجه لحظة خطر كان يتمنى حقًا ألا تأتي، وإن الوقت قد حان لضبط النفس والتهدئة وإقرار وقف إطلاق النار والعودة إلى طريق الحوار والمفاوضات لإنقاذ الناس في أوكرانيا وخارجها من ويلات الحرب.

مفاوضات على الحدود

وفي ما يتعلق بالمفاوضات على الحدود بين بيلاروسيا وأوكرانيا، قال مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الجانبين سيلتقيان من دون شروط مسبقة.

وطالب زيلينسكي الأوكرانيين بالتعامل بعقلانية لتحقيق الهدف المتمثل في ضمان سلامة ووحدة الأراضي الأوكرانية.

وأضاف رغم أنه لا يؤمن حقا بنتيجة هذا الاجتماع، فإنه وافق على هذه الخطوة حتى لا يساور أي مواطن من أوكرانيا لاحقا أي شك في أنه كرئيس حاول وقف الحرب.

أما وزير الخارجية الأوكراني، فقال إن كييف وافقت على إرسال وفد إلى الحدود البيلاروسية لتستمع لما تريد موسكو قوله، مؤكدا أن الخسائر التي تكبدتها القوات الروسية دفعت موسكو للتفاوض من دون شروط مسبقة، وهو ما عدّه انتصارا لكييف.

وناشد دول العالم تزويد بلاده بمزيد من الأسلحة للدفاع عن نفسها، ودعا الراغبين في الانضمام للقتال إلى جانب أوكرانيا للتواصل مع سفاراتها في العالم.

وقال مساعد الرئيس الروسي إن موسكو مستعدة للتفاوض مع كييف في أي وقت على مدار اليوم بهدف التوصل إلى السلام.

وشكك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في صدق نوايا الرئيس الروسي في ما يتعلق بدخوله في مفاوضات مع أوكرانيا، لكنه أضاف أنه يوافق على ضرورة طرق كل السبل لإنهاء الحرب.

فرض الطوارئ

وفي ما يتعلق بالوضع المحلي، وافق ‏البرلمان الأوكراني بالإجماع على فرض حالة الطوارئ في البلاد، وذلك استجابة لطلب مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني.

ووفقا لحالة الطوارئ فسيتم تقييد حركة المركبات، كما سيُمنح الحق للقوات الحكومية في تفتيش السيارات، وتعزيز حماية النظام العام والمرافق الحكومية، كما ينص قرار فرض حالة الطوارئ على حظر تنظيم المظاهرات الجماهيرية.

دعم أميركي أوروبي

وبخصوص المواقف الأميركية، قال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس إن واشنطن ستضاعف مساعداتها العسكرية إلى أوكرانيا في حال وقوع حرب روسية على أوكرانيا.

وأضاف الناطق باسم الخارجية الأميركية أن إدارة الرئيس جو بايدن جاهزة للحوار لكنها بحاجة إلى طرف روسي جاد، مؤكدا أن واشنطن تحاول تجنب حرب واسعة النطاق، وأنها ستفعل كل ما في وسعها لمنع حدوثها.

وفي البنتاغون، قال المتحدث باسم زارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو) أمر تقرره دول الحلف والدولة المعنية بالعضوية، وليس أمرا يمتلك بوتين حق النقض تجاهه.

وأضاف الناطق باسم البنتاغون أنه إذا اختار بوتين المضي قدما في الحرب، فإن من الصعب التنبؤ إلى أين ستؤول الأمور.

وفي الأثناء، أعلن الاتحاد الأوروبي إغلاق مجاله الجوي أمام روسيا، كما أعلن تمويل شراء وتسليم أسلحة لأوكرانيا وتزويد جيشها بطائرات مقاتلة، كما فرض عقوبات على بيلاروسيا لدورها في استهداف أوكرانيا.

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن الدول الأعضاء في التكتل قررت أمس الأحد تخصيص 450 مليون يورو لشراء أسلحة وتسليمها للجيش الأوكراني لمساعدته في مقاومة الهجوم الروسي.

وأوضح بوريل أنه تمت الدعوة لعقد اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي بشكل عاجل اليوم الاثنين "لتحويل هذا التمويل إلى أسلحة وتوجيهه إلى الخطوط الأمامية للقوات المسلحة الأوكرانية التي تقاوم الغزو الروسي".

من جهتها، أعلنت ألمانيا تزويد كييف بألف صاروخ مضاد للدبابات ورفعت إنفاقها العسكري؛ في تحول تاريخي لسياساتها الدفاعية.

وكان الرئيس الروسي حذّر من أن الدول التي تدعم أوكرانيا ستتعرض للهجوم، وأعلن أمس الأحد وضع القوة النووية الروسية في حال تأهب.

Refugees fleeing from Ukraine arrive at Nyugati station
الأمم المتحدة تتوقع أن يصل عدد اللاجئين إلى 4 ملايين إذا لم يتوقف القتال(رويترز)

لاجئون

وعلى الصعيد الإنساني، أعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أعداد اللاجئين الفارين من الحرب في أوكرانيا تجاوزت 368 ألفا، مشيرة إلى أن هذه الأعداد مستمرة في الارتفاع.

وأضافت المفوضية أن العدد الجديد مصدره بيانات قدّمتها السلطات الأوكرانية، وقال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن إنقاذ المدنيين والبنية التحتية في أوكرانيا بات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

ويخشى كثيرون من أن تتسبب موجة نزوح الأوكرانيين والأجانب من مناطق القتال في أسوء أزمة إنسانية في تاريخ أوروبا خلال العقد الأخير، كما تتوقع الأمم المتحدة أن يصل عدد اللاجئين إلى 4 ملايين إذا لم يتوقف القتال.

في غضون ذلك، أيد وزراء الداخلية الأوروبيون بأغلبية كبيرة خطة منح حماية مؤقتة للأوكرانيين الفارين من الهجوم الروسي.

وناقش الوزراء أثناء اجتماعهم الطارئ في بروكسل إمكانية توفير حماية مؤقتة لهؤلاء الأوكرانيين، وذلك من خلال اللجوء إلى مذكرة تعود لعام 2001 تسمح لهم بالبقاء مدة تصل إلى 3 سنوات في الاتحاد الأوروبي والعمل فيه.

المصدر : الجزيرة + وكالات