رغم انسحاب روسيا.. سفن محملة بالحبوب تبحر من أوكرانيا ووكالة الطاقة تبدأ تفتيشا بحثا عن "القنبلة القذرة"

أبحرت سفن محملة بالحبوب من موانئ أوكرانية على الرغم من أن روسيا علّقت مشاركتها في اتفاق تدعمه الأمم المتحدة لضمان أمن هذه الشحنات في ظل الحرب المستمرة، في حين بدأت وكالة الطاقة الذرية تفتيشا بمواقع أوكرانية بحثا عن "القنبلة القذرة".

ومن بين السفن التي أبحرت أمس الاثنين سفينة يستأجرها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لنقل 40 ألف طن من الحبوب إلى أفريقيا التي تعاني من موجة جفاف.

وقد أعلنت وزارة البنى التحتية الأوكرانية أن 12 سفينة محملة بنحو 350 ألف طن من الحبوب أبحرت من ميناء أوديسا باتجاه موانئ في أفريقيا وآسيا وأوروبا.

وقالت إدارة أوديسا العسكرية الأوكرانية إنه تم الاتفاق مع تركيا والأمم المتحدة لتحريك 14 سفينة تجارية في البحر الأسود. وأعلنت الأمم المتحدة أن الفريقين، التركي والأممي، استأنفا تفتيش السفن بموجب اتفاقية البحر الأسود، بعد الانسحاب الروسي.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده ستواصل تنفيذ البرنامج، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو/تموز، ويهدف إلى الحفاظ على تدفق إمدادات السلع الغذائية إلى الأسواق العالمية.

وقال زيلينسكي في مؤتمر صحفي "نتفهم ما نقدمه للعالم، ونوفر الاستقرار في سوق إنتاج الغذاء".

بيد أن موسكو أكدت أنه من "غير المقبول" أن تمر السفن عبر ممر أمني في البحر الأسود بينما تستخدمه أوكرانيا لشن عمليات عسكرية ضد روسيا.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها لا تستطيع ضمان الأمن في المنطقة حتى توافق كييف على عدم استخدام الطريق لأغراض عسكرية، وهو اتهام تنفيه أوكرانيا.

ومع ذلك، لم تحدد الوزارة ما الذي ستفعله روسيا إذا استمرت السفن في الإبحار عبر هذا الممر، وشددت على أن روسيا لم تنسحب من الاتفاق، وإنما علقته فقط.

وكانت موسكو قد أعلنت يوم السبت تعليق مشاركتها في الاتفاق، بسبب ما قالت إنه هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية على أسطولها في البحر الأسود.

وحملت السفن ما يصل مجموعه إلى 354 ألفا و500 طن من الحبوب، وهي كمية تزيد بكثير على المعتاد في يوم واحد، مما يشير إلى أنه تم تحميل الشحنات المتراكمة بعد توقف الصادرات يوم الأحد.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لنظيره الروسي سيرغي شويغو، خلال اتصال هاتفي أمس الاثنين، إن من المهم للغاية أن يستمر اتفاق الحبوب.

"تبتز العالم بالجوع"

ومن جهتها، قالت موسكو إنها اضطرت للانسحاب من اتفاق الشحن بعد أن حمَّلت كييف مسؤولية تفجيرات ألحقت أضرارا بسفن تابعة للبحرية الروسية في ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم يوم السبت.

ولم تنف أوكرانيا أو تؤكد مسؤوليتها عن تلك التفجيرات لكنها تقول إن سفن البحرية الروسية هدف عسكري مشروع. وقالت موسكو إن الانفجارات جاءت نتيجة هجوم من طائرات وغواصات مسيّرة.

وبعد أن علّقت روسيا مشاركتها في برنامج شحن الحبوب، اتهمت الولايات المتحدة روسيا باستخدام الغذاء كسلاح، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن موسكو "تبتز العالم بالجوع". ونفت روسيا هذه الاتهامات.

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة "بالكاد يمكن (تنفيذه)"، لأن روسيا لم تعد قادرة على ضمان سلامة النقل البحري.

كما أدان الاتحاد الأوروبي تعليق روسيا لمبادرة حبوب البحر الأسود وحثها على التراجع عن قرارها والاستئناف الفوري لتنفيذ المبادرة.

ووصف الاتحاد في بيان له قرار روسيا تعليق مشاركتها في مبادرة حبوب البحر الأسود بغير المبرر والمعيق لتصدير الحبوب.

واتهم روسيا وحدها بالمسؤولية عن أزمة الأمن الغذائي العالمية التي سببتها حربها العدوانية غير المبررة ضد أوكرانيا وحصار موانئها البحرية، وفق البيان.

وتعد أوكرانيا وروسيا من أكبر مصدري الغذاء في العالم. وعلى مدار 3 أشهر، عمل الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة على ضمان وصول الصادرات الأوكرانية إلى الأسواق، مما رفع الحصار الروسي الفعلي عن أوكرانيا. ودفعت أنباء انسحاب موسكو من الاتفاق أسعار القمح العالمية للارتفاع بأكثر من 5% صباح الاثنين.

وفي السياق ذاته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يمكن إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا بسهولة تامة وتوقع أن يرغب العديد من الدول في أوروبا في توقيع عقود للإمدادات.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال هذا الشهر إنه اتفق مع بوتين على إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا.

الطاقة الذرية تفتش بحثا عن "القنبلة القذرة"

من جهة أخرى، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الاثنين أنها بدأت عمليات تفتيش في أوكرانيا بناء على طلب الأخيرة، بعدما اتّهمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بطمس أدلة على تطويرها "قنبلة قذرة".

وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة ومقرّها فيينا، في بيان إن مفتّشيها "بدؤوا وسينهون قريبا، التحقق من أنشطة موقعين في أوكرانيا".

وقال المدير العام للوكالة رافائيل غروسي إنه سيقدم لاحقا هذا الأسبوع "استنتاجاته الأولية من أنشطة التحقق الأخيرة في الموقعين"، وفق البيان.

وتأتي عمليات التفتيش بعدما طلبت الحكومة الأوكرانية خطيا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إرسال فرق تفتيش إلى الموقعين.

وتتهم روسيا أوكرانيا بالتحضير لاستخدام قنابل قذرة ضد القوات الروسية، لكن كييف تشتبه بأن روسيا قد تبادر لهذه الخطوة لتنسب الهجوم إلى أوكرانيا في محاولة لتبرير لجوء موسكو لاحقا إلى أسلحة نووية بعدما تكبّدت مؤخرا خسائر في شرق أوكرانيا وجنوبها.

والأسبوع الماضي، أعلنت الوكالة أنها فتّشت أحد الموقعَين "قبل شهر"، مشدّدة على أنه "لم يُعثَر على أيّ نشاط نووي غير معلن".

وتتكون القنبلة الإشعاعيّة أو "القنبلة القذرة" من متفجرات تقليدية محاطة بمواد مشعة معدة للانتشار في الهواء وقت الانفجار.

المصدر : الجزيرة + وكالات