بسبب مماطلة العسكر في عودة الحكم المدني.. إيكواس تفرض عقوبات "قاسية" على مالي

قادة دول مجموعة غرب إفريقيا قلقون من اعلان المجلس العسكري في مالي تمديد المرحلة الانتقالية إلى 5 سنوات (رويترز ـ أرشيف)

قرر قادة بلدان غرب أفريقيا إغلاق حدود بلدانهم مع مالي وتجميد أرصدتها لدى المصارف ومنع التحويلات البنكية، وسحب كافة الدبلوماسيين من باماكو، وإلغاء كافة أشكال التعاون مع مالي، كذلك المساعدات المالية باستثناء الأدوية والمواد الغذائية.

وعقد قادة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) والمجموعة النقدية لغرب أفريقيا قمتيهما الاستثنائيتين، وسط دعوات من أغلبية أعضاء المجموعتين لرفض خطة قادة الجيش المالي تمديد فترة بقائهم في السلطة 5 سنوات إضافية، بعد الانقلاب الذي نفذوه في مايو/ أيار عام 2020.

وفي ختام قمتين عُقدتا في العاصمة الغانية أكرا، قال رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) أمس الأحد إن المجموعة "ستغلق الحدود مع مالي وتفرض عليها عقوبات اقتصادية شاملة ردا على التأجيل غير المقبول" للانتخابات التي وعدت السلطات المؤقتة بإجرائها بعد الانقلاب العسكري عام 2020.

وفي بيان صدر بعد قمة طارئة في العاصمة الغانية أكرا، قالت المجموعة المؤلفة من 15 عضوا إنها وجدت الجدول الزمني المقترح للانتقال إلى الحكم الدستوري غير مقبول على الإطلاق، معتبرة أن هذا الجدول "يعني ببساطة أن أي حكومة انتقالية عسكرية غير شرعية ستأخذ الشعب المالي رهينة".

وذكرت المجموعة أنها وافقت على فرض عقوبات إضافية بأثر فوري. وشمل ذلك إغلاق الحدود البرية والجوية للأعضاء مع مالي، وتعليق المعاملات المالية غير الضرورية، وتجميد أصول الدولة المالية في البنوك التجارية التابعة لـ"إيكواس" واستدعاء سفراء الدول الأعضاء في "إيكواس" من باماكو عاصمة مالي.

وفي الوقت نفسه أصدر الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا تعليمات لجميع المؤسسات المالية الواقعة تحت مظلته بتعليق عضوية مالي فورا، مما يعني وقف وصول البلاد إلى الأسواق المالية الإقليمية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في المجموعة، رفض ذكر اسمه، أن قادة "إيكواس" أيدوا الإجراءات التي اتخذت في اجتماع الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا والذي سبق اجتماعهم مباشرة.

رد العسكر

وفي أول رد له على العقوبات، أصدر المجلس العسكري في مالي بيانا تلاه المتحدث باسم الحكومة العقيد عبد الله مايغا على التلفزيون الوطني، وقال فيه إن المجلس يدين "بشدة" العقوبات "غير المشروعة" التي فرضتها دول غرب أفريقيا على البلاد.

وأضاف "تأسف حكومة مالي لتحول منظمات إقليمية فرعية إلى أداة في يد قوى من خارج المنطقة لها مخططات مبيتة".

كما ندد المجلس العسكري "بالطابع غير الإنساني لهذه الإجراءات التي تؤثر على السكان الذين يعانون أساسا كثيرا جراء الأزمتين الأمنية والصحية".

كذلك، أعلن المجلس العسكري إغلاق حدوده البرية والجوية مع دول إيكواس.

صرامة العقوبات

وهذه العقوبات هي أكثر صرامة من تلك التي فرضت بعد الانقلاب الأول في أغسطس/ آب 2020. وفي خضم الوباء، كان تأثيرها واضحا في هذا البلد غير الساحلي والذي يعتبر من أفقر دول العالم.

وتمثل الإجراءات الجديدة ل"إيكواس" تشديدا كبيرا في موقفها تجاه مالي التي اقترحت سلطاتها المؤقتة إجراء انتخابات في ديسمبر/ كانون الأول 2025، بدلا من فبراير/ شباط المقبل كما تم الاتفاق في الأصل مع الكتلة.

ويقول المجلس العسكري الحاكم في مالي إنه غير قادر على الالتزام بهذه المهلة، مشيرا إلى انعدام الاستقرار المستمر في البلاد التي تشهد أعمال عنف، إضافة إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات على غرار إصلاح الدستور، كي لا تترافق الانتخابات مع احتجاجات كما حصل في الانتخابات السابقة.

وطلب المجلس العسكري مهلة انتقالية تصل إلى 5 سنوات، وهي مهلة اعتبرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا غير مقبولة.

وبموجب عقوبات سابقة، تم تعليق عضوية مالي في المجموعة ويخضع أعضاء السلطة الانتقالية وأقاربهم لحظر السفر وتجميد الأصول.

ومنذ الانقلاب الأول في أغسطس/آب 2020 ثمّ الانقلاب الثاني في مايو/أيار 2021 الذي كرّس الكولونيل غويتا رئيسا للسلطات "الانتقالية"، تدفع إيكواس من أجل عودة المدنيين إلى الحكم في أقرب الآجال.

ويعد اجتماع الأحد هو الثامن الذي يعقده قادة دول غرب أفريقيا لمناقشة الوضع في مالي (وغينيا بعد انقلاب آخر في سبتمبر/ أيلول 2021) منذ آب/أغسطس 2020، دون احتساب الاجتماعات العادية.

وصرح الرئيس الحالي للاتحاد رئيس بوركينا فاسو روش مارك كريستيان كابوري في خطاب لدى افتتاح أعمال القمة، بأن "تمديد المرحلة الانتقالية إلى 5 سنوات يقلق مجمل منطقة غرب أفريقيا".

وبدا كابوري مترددا في منح وقت أطول للعسكريين، مشيرا إلى أنه مقتنع بأن "كل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى إعادة تأسيس مالي لا يمكن أن تنفذ إلا من جانب سلطات منتخبة ديموقراطيا".

المصدر : الجزيرة + وكالات