لوموند: في تونس.. الناس ضاقوا ذرعا من "حالة استثناء" قيس سعيد

Covid-19 Sfax Hospital's opening in Tunisia
لوموند: الشكوك أصبحت تساور بعض مؤيدي سعيد حول قدرته على إخراج البلاد من وضعيتها الحالية (الأناضول)

الحالة المؤقتة في تونس تكاد تصبح دائمة، والضبابية السياسية تزداد كثافة، مما جعل القلق يتنامى بين المواطنين مع استمرار غياب سيناريو واضح للخروج من الأزمة التي دخلتها البلاد، بعد 7 أسابيع من الإجراءات التي نفذها الرئيس قيس سعيد، وتولى بموجبها السلطة الكاملة يوم 25 يوليو/تموز الماضي، متذرعا "بخطر وشيك" يهدد الأمة.

بهذه المقدمة، لخصت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية مقالا لمراسليْها في تونس فريديريك بوبين وليليا بليز، جاء فيه أن الغموض ما زال يلف الإصلاح السياسي الذي وعد به قيس سعيد، وأن البلاد ما زالت بدون رئيس وزراء وبدون برلمان، وقد مددت "حالة الطوارئ" شهرا آخر في انتظار خطاب الرئيس الموجه للأمة الذي يتم التذكير كل حين بأنه سيكون بعد أيام قليلة.

غموض في التوجه

وفي هذا الجو من الغموض والانتظار وعدم اليقين -كما يرى الكاتبان- لا أحد يدري أين تتجه تونس، وقد بدأ نفاد الصبر يتزايد بشكل علني داخل البلاد وخارجها مترافقا مع خفوت نجم البلاد.

ومع أن الإجراءات التي قام بها الرئيس (63 عاما) قوبلت بابتهاج من طرف الشعب المحبط من شلل المؤسسات وحرب الخنادق بين القصر الرئاسي ورئيس الحكومة والبرلمان المتشرذم، في وضع اقتصادي واجتماعي متدهور، فإن الحيرة بدأت تزداد بعد أكثر من 50 يوما على "حالة الطوارئ" وبدأت شعبية سعيد تتضاءل رغم استمرار وجودها.

وتحدث الرئيس البالغ 63 عاما عن فكرة "تعديل" دستور 2014 الذي قال إن التونسيين "سئموا" منه، دون تقديم مزيد من التفاصيل، وإن كان أحد مستشاريه قال قبل يومين لإحدى القنوات التلفزيونية إن سعيد يتجه نحو إقامة "نظام رئاسي" دون أن يحدد محتوى وطريقة هذا المشروع الدستوري المستقبلي.

ورأى الكاتبان أن "التودد" للشعب من قبل الرئيس لم يعد كافيا لتبديد المخاوف من الانجراف نحو سلطة الفرد، مشيرا إلى أن انتقاد الأوضاع من قبل نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام للشغل قد يمثل تحولا بشأن ظهور جبهة منشقة بهذا الصدد، حيث قال لرئيس الدولة "إذا حاولت الابتعاد عن طريق الدولة المدنية والديمقراطية، فإن الاتحاد هنا حاضر وجاهز للكفاح".

محاربة الفساد

وفي نفس السياق، بدأت الناشطة رغدة فولة (30 عاما) وهي قطب آخر في أقصى اليسار في ميدان النضال، والتي كانت تحسن الظن بسعيد، تتساءل عن نيته الحقيقية، بعد قمع مظاهرة في الأول من سبتمبر/أيلول الحالي، وقالت "هذه الممارسات هي نفسها التي كانت في عهد بن علي، إنها تجعلنا نخشى ألا يكون 25 يوليو/تموز بالضرورة نعمة من السماء كما كنا نعتقد".

ويأمل سعيد -بحسب تقرير الصحيفة- في أن يواجه هذه الشكوك من خلال استثمار "الحرب على الفساد" المثيرة للجدل، حيث تم إخضاع 50 شخصا بموجبها للإقامة الجبرية وعشرات لحالات حظر السفر، خاصة من رجال الأعمال، وذلك في ظل غموض قانوني نددت به منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش واعتبرتاه "تعسفا".

وقد أدى عدم وضوح سيناريو الرئيس إلى إثارة القلق، حتى في الدوائر التي رحبت بسعيد في 25 يوليو/تموز، وقد كتب موقع كابتاليس الإخباري الذي كان يهاجم منتقدي سعيد أن "بعض مؤيديه بدأت تساورهم شكوك جدية في قدرته على فتح آفاق في بلد مسدود الآفاق تماما".

الدستور همه الوحيد

ويقول كاتب عمود في موقع بيزنس نيوز "رئيس الجمهورية يبدو وكأنه لا يدرك أن الخطر الأكبر الذي يواجه تونس هو القطاع الاقتصادي" وأنه رغم "الصداقة" التي يكنها العالم لتونس، فلن يجرؤ مستثمر على الاستقرار في بلد لا يعرف ما سيحدث فيه الشهر المقبل.

ويقول عالم السياسة صحبي خلفاوي "رئيس الدولة لم يتحرك بالسرعة الكافية في أعقاب 25 يوليو/تموز، وكأنه لا يدرك إلحاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وهو يهتم فقط بالإصلاح الدستوري".

أما في الخارج، فلم يعد القلق خافيا حول مسار تونس التي كان يُحتفى بها على أنها نموذج ديمقراطي في العالم العربي والإسلامي، وبالفعل سأل السناتور الأميركي كريس مورفي، سعيد، عندما التقى به في تونس، عن آفاق "استعادة الديمقراطية التمثيلية" موضحا أن "المخاوف تتزايد بشأن تونس" في بلده.

وفي أوروبا، أدلى جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بتصريحات مماثلة تقريبا في زيارته لتونس، مما أثار "مخاوف أوروبية فيما يتعلق بالحفاظ على المكتسبات الديمقراطية".

غير أن صفحة الرئاسة على فيسبوك أعلنت أن تونس "دولة ذات سيادة" لا تقبل أن تكون في موقع "التلميذ الذي يتلقى الدروس" وكأن الأمر لم يعجب سعيد، كما يختم الكاتبان.

المصدر : لوموند