خبير فرنسي: إثيوبيا تمارس سياسة الأرض المحروقة ولم تترك شيئا للتيغراي

الكثير من سكان تيغراي فروا إلى خارج الإقليم (الأوروبية)

استنكر باحث فرنسي مختص في شؤون القرن الأفريقي ما وصفها بـ"سياسة الأرض المحروقة" التي تجري في إقليم تيغراي بإثيوبيا منذ أن أعلنت الحكومة الفدرالية في هذا البلد الحرب على السلطات المحلية بالإقليم.

وقال ريني لفور في مقال له بصحيفة لوموند الفرنسية، إن الحكومة الإثيوبية عزلت هذا الإقليم عن بقية العالم منذ بداية الحرب في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. ولفت إلى أن هدف أديس أبابا هو القضاء على قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي المتهمين بالتمرد.

وذكر أن الجيش الفدرالي وحلفاءه من مليشيات الأمهرة والقوات الإريترية تمكنوا من القضاء على الجهاز السياسي والعسكري في تيغراي، لتنتهي الحرب التقليدية بين الطرفين بالاستيلاء على العاصمة الإقليمية لتيغراي، ميكيلي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

لكن الغالبية العظمى، حسب الكاتب، من سكان تيغراي، من المدنيين أو أفراد القوات المسلحة المحلية، لم يقبلوا الاستسلام فنظموا أنفسهم لمحاربة "الغزو" بسلاحهم القديم، حرب العصابات.

وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى هذه المنطقة الواقعة في شمال إثيوبيا، فإن الكاتب ذكر أن معلومات أكدتها وسائل الإعلام الدولية ومنظمة الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الرائدة والقوى الغربية الكبرى، تحدثت عن فظائع ارتكبت في هذا الإقليم.

فظائع

وأشار الكاتب إلى أن القوات الإريترية وقوات أمهرة الإقليمية والجيش الفدرالي صعّدت من قصف المدن ومن المجازر، بما في ذلك قتل الزعماء الدينيين. وقال إن تلك الفظائع شملت عمليات الإعدام والاغتصاب الجماعي وتدمير مخيمات كانت تأوي 100 ألف لاجئ إريتري في هذا الإقليم.

وأضاف أن هذا الإرهاب الجامح، كما وصفه، صاحَبه نهب ممنهج، شمل تفكيك مصانع بأكملها ونقلها خارج تيغراي والاستيلاء على كل مركبة صالحة للاستخدام وعلى نوافذ المنازل وحتى أدوات المطابخ، هذا فضلا عن نهب 80% من محاصيل الإقليم الزراعية وسرقتها، وفقا لمسؤول في الأمم المتحدة، كما ذبح أو نقل إلى خارج الإقليم 90% من الماشية، بما في ذلك الثيران، التي لا يمكن تعويضها لأهميتها في النسل والزرع.

وفضلا عن ذلك، تم نهب حوالي 87% من البنية التحتية الصحية أو هدمها عمدًا، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، ومن بين 296 سيارة إسعاف كانت في تيغراي، لم يعد هناك في كل هذا الإقليم سوى 31 سيارة تعمل في بداية شهر يناير/كانون الثاني الماضي، كما عانت المدارس من المصير ذاته، وأصبحت منشآت الإمداد بالمياه غير قابلة للإصلاح، كما دمرت المعدات الزراعية، وباختصار، تم القضاء عمدا على الوسائل الحيوية للبقاء والإنتاج، وفقا للكاتب.

حرب بربرية

وما يزال الهدف الرسمي للحكومة الفدرالية في أديس أبابا، وفقا للكاتب، هو إخراج الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من اللعبة، وهو ما يشكك أغلب الخبراء في قدرة هذه الحكومة على إنجازه.

وأضاف الكاتب أن عجز الحكومة عن تحقيق هدفها دفعها لمعاقبة جميع التيغرايين، داخل الإقليم وخارجه، وجعلِهم يدفعون ثمن حرب العصابات والهيمنة الوطنية لنخبتهم على البلاد لما يقرب من 3 عقود.

ويختتم الكاتب بأن سكان إقليم تيغراي تم تجريدهم من كل وسائل النهوض عبر سياسة الأرض المحروقة من خلال حرب هي، في الوقت ذاته، حرب أهلية وانتقام وصراع عرقي وإقليمي ودولي، إنها، بكلمة واحدة حرب بربرية "خارجة عن المألوف".

المصدر : لوموند