تنسحب من مالي أم تبقى؟.. لاكروا: فرنسا أمام خيارين أحلاهما مر

باريس متهمة بعدم اتساق سياستها التي ترتضي توريث نجل الرئيس الراحل إدريس دبي للسلطة في تشاد، وتصوغ في نفس الوقت مطالب ديمقراطية لمالي.

غويتا (وسط) قوض بانقلابه الفترة الانتقالية الهشة (الفرنسية)

نقلت صحيفة لاكروا (La Croix) قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، إن الوضع السياسي في مالي قد تغير بشكل عنيف بعد "الانقلاب داخل الانقلاب" وإن الجيش لا يمكنه البقاء في بلد يفتقر قادته إلى الشرعية الديمقراطية ويميلون إلى الإسلام "الراديكالي" فهل حان وقت انسحاب القوات الفرنسية؟

هذا السؤال طرحته الصحيفة الفرنسية لتوضح في بداية تحليل -لكاتبتها ماري فرديي- أن العديد من الماليين يرون أنه من الضروري التفاوض مع الجماعة الجهادية حتى لو كان ذلك يعني إنشاء جمهورية إسلامية لوضع حد لعدم الاستقرار، وتؤكد أن اتجاه الأمور بذلك الصدد هو ما حذر ماكرون من أنه سيدفعه لسحب قواته قائلا في مقابلة مع صحيفة لوجورنال دو ديمانش "لن أقف إلى جانب بلد لم يعد فيه انتقال ولا شرعية ديمقراطية".

وذكّر ماكرون الماليين بأن بلاده فكرت منذ 3 سنوات في سحب الجنود الموجودين هناك منذ عام 2013، من عملية "سرفال" التي تحولت إلى "برخان" الآن، لمواجهة الجهاديين. وأضاف "بقيت بناء على طلب الدول، لأنني اعتقدت أن الخروج سيشكل زعزعة للاستقرار. ليس من المفترض أن نبقى هناك إلى الأبد".

انقلاب مزدوج

وأشارت الكاتبة إلى أن الوضع السياسي قد تغير بشكل عنيف بعد الانقلاب الأخير داخل الانقلاب وإقالة الحكومة الانتقالية، لأن قائد المجلس العسكري العقيد آسمي غويتا يبدو أنه قوض الفترة الانتقالية الهشة واحتمال إجراء الانتخابات أوائل عام 2022.

ورأت أن هذا الانقلاب المزدوج يضع فرنسا في مأزق، لأن "إدانته -كما يقول نيكولا نورمان الدبلوماسي السابق والباحث المستقل- تؤدي إلى عدم التعاون مع المجلس العسكري، وبالتالي فرض عقوبات وسحب عملية برخان، مما يعني ترك السلطة في مالي للجهاديين" وهذا ما يؤكد في النهاية ما تتهم به باريس من عدم اتساق في سياستها التي ترتضي توريث نجل الرئيس الراحل إدريس دبي السلطة في تشاد، وتصوغ في نفس الوقت مطالب ديمقراطية لمالي.

ويعتقد نورمان أن فرنسا إذا كانت ترى الأولوية في الحرب على "الجهادية" فعليها أن تجامل وأن تحافظ على عملية برخان، كما يرغب العقيد غويتا، خاصة أن العديد من الماليين يرون ضرورة التفاوض مع الجماعة الجهادية، ولو كان ذلك يعني إنشاء جمهورية إسلامية، لوضع حد لعدم الاستقرار.

وذكرت الكاتبة بأن إستراتيجية برخان، في ظل عدم القدرة على الانتصار في الحرب، كانت تتمثل في عدم خسارتها، والسعي للمغادرة بمجرد تقوية الجيش المالي والتغلب على الأسباب الجذرية للشر الذي كان يعاني منه البلد، كمشاكل الديموغرافيا والحكم والتعليم والخدمات العامة، إلا أن ذلك لم يتحقق منه شيء.

وخلصت إلى أن خيار فرنسا بين التحاور مع الانقلابيين، ومعاقبة مالي وعزلها، سيؤثر فيه الموقف الذي سيتخذه رؤساء دول وحكومات مجموعة دول غرب إفريقيا (إيكواس) المجتمعين في أكرا في غانا، بحضور غويتا.

المصدر : لاكروا