هكذا تستثمر حركة "حياة السود مهمة" رمزيتها في دعم كفاح الفلسطينيين

Pro-Palestinian demonstrators in Washington, U.S.
المظاهرات المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في واشنطن انتهت إلى ساحة حياة السود مهمة (رويترز)

انتهت المظاهرات المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني التي انطلقت أمس الأول من أمام وزارة الخارجية الأميركية في العاصمة (واشنطن) إلى التمركز في ساحة "حياة السود مهمة" قبالة البيت الأبيض؛ مما أدى لامتزاج الأعلام الفلسطينية بشعارات الحركة.

وإلى جانب رمزية المكان، فإن كثيرا من الأميركيين السود يتعاطفون مع الفلسطينيين، فخلال المظاهرات التي اجتاحت الولايات المتحدة خلال الصيف الماضي احتجاجا على مقتل جورج فلويد، ظهرت الأعلام الفلسطينية بصورة واضحة في مسيراتهم.

كما ظهرت أعلام وشعارات حركة "حياة السود مهمة" ضمن ما يحمله المتظاهرون المحتجون على ما تقوم به إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في القدس وقطاع غزة.

ولا تمثل حركة حياة السود مهمة تنظيما واحدا أو مركزيا؛ بل هي مجموعة من التنظيمات التي تشكلت ردا على وحشية الشرطة منذ عام 2014، في أعقاب مقتل اثنين من الأميركيين الأفارقة؛ مايك براون في فيرغسون بولاية ميسوري، وإريك غارنر في مدينة نيويورك.

أميركا-سياسة-حركة "حياة السود مهمة" تدعم كفاح الفلسطينيين (الجزيرة)

إدانات ومطالبات

وأصدر فرع الحركة في منطقة باترسون بولاية نيوجيرسي بيانا يدين فيه العنف المستمر ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية من قبل إسرائيل، وأعرب عن تضامنه مع أولئك الذين يقاتلون الاحتلال.

وقال البيان "نحن كمنظمة نؤمن بحرية العبادة والحياة الخالية من الخوف من الطرد والعنف. إن المشاهد التي تخرج من المسجد الأقصى، حيث يستخدم الجنود الإسرائيليون القوة ضد المصلين الفلسطينيين، تتعارض مع كفاحنا ضد جهاز الدولة القمعي".

كما أدانت الحركة إجلاء سكان حي الشيخ جراح قسرا من بيوتهم من أجل منحها للمستوطنين، وأشار بيانها إلى الجذور العميقة من الدعم المتبادل والتعاطف بين فلسطين وحركات التحرير، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها.

وأضاف أن القوات الإسرائيلية نفسها التي تريد طرد السكان الأصليين لحي الشيخ جراح بالقوة، هي قوات الشرطة ذاتها التي تدرب بعض وحدات الشرطة الأميركية على أعمال القمع.

وطالبت الحركة ممثلي ولاية نيوجيرسي في مجلس الشيوخ، السيناتور كوري بوكر والسيناتور روبرت مينينديز، إضافة إلى الـ12 عضوا في مجلس النواب، بمطالبة إدارة الرئيس جو بايدن بالانضمام إليها في إدانة "أعمال العنف الحمقاء والعمل على إنهاء حملة الإرهاب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني".

كما طالبت الحركة بتحويل المساعدات السنوية البالغة 3.9 مليارات دولار من المساعدات الأميركية المخصصة لإسرائيل؛ لمساعدة ضحايا العنف الذي يُرتكب ضد الشعب الفلسطيني.

Protests Continue Across The Country In Reaction To Death Of George Floyd
اللوبي اليهودي طالب بوضع حركة حياة السود مهمة ضمن قائمة جماعات الكراهية (الفرنسية)

اللوبي اليهودي يستهدف الحركة

ويرى معلقون أميركيون أن إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة يعتبران حركة حياة السود مهمة تشكل "تهديدا إستراتيجيا" كبيرا لنظام الفصل العنصري، الذي يضطهد الفلسطينيين.

وشبه الكاتب الصحفي سي جي ويرلمان معاناة الفلسطينيين بمعاناة السود الأميركيين على يد الشرطة العنصرية.

وبث ويرلمان فيديو يظهر فيه جندي إسرائيلي يضع ركبته على رقبة رجل فلسطيني، وشبهه بوضع رجل الشرطة الأبيض ديريك شوفين ركبته على رقبة جورج فلويد، وهو ما أدى لوفاته.

وقال في تغريدة تعليقا على الفيديو جندي إسرائيلي يضغط بركبته على عنق رجل فلسطيني في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وهو يصرخ "لا أستطيع التنفس، أنت تخنقني".

كما شارك موقع أكبر حركات "حياة السود مهمة" على منصة تويتر، والذي يتابعه أكثر من مليون شخص، تغريدة النائبة الأميركية المسلمة إلهان عمر، والتي جاء فيها "لقد مضى وقت طويل على التوقف عن التشدق بحقوق الإنسان الفلسطينية، وأخيرا اتخاذ إجراءات لحمايتها. فخورة بالانضمام إلى زملائي النائب أندريا كارسون والنائبة رشيدة طليب في إدانة الهجمات على المسلمين خلال شهر رمضان المبارك".

وتضمّن البيان مطالبة إدارة بايدن بوقف المساعدات لإسرائيل، ومساندة حقوق الشعب الفلسطيني الساعي لتأسيس دولة حرة مستقلة.

ولم تسلم جماعة "حياة السود مهمة" من سهام اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، وطالب مورتون كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأميركية، مركز قانون الفقر في الجنوب، وهو أهم المؤسسات المعنية بالحقوق المدنية في الولايات المتحدة، "بوضع حركة حياة السود مهمة ضمن قائمة جماعات الكراهية التي يعلنها المركز دوريا".

وغرد كلاين بقوله إن حركة حياة السود مهمة هي مجموعة متطرفة من الكارهين لليهود، ويكرهون البيض، ويكرهون إسرائيل، ويكرهون السود المحافظين، ويعززون العنف، ويمولهم الملياردير جورج سوروس الخطير.

Pro-Palestinian demonstrators in Washington, U.S.
 من مسيرة التضامن مع الفلسطينيين في واشنطن (رويترز)

تاريخ طويل

ويعود تاريخ تضامن السود الأميركيين مع الحق الفلسطيني إلى منتصف ستينيات القرن الماضي، فعقب حرب 1967، اتهمت لجنة التنسيق للطلاب الأميركيين الأفارقة إسرائيل بـ"تقليد مضطهديها النازيين".

وانتقدت بعض قيادات حركة كفاح السود مثل مالكولم إكس الصهيونية بشدة، وقابل مالكولم إكس عددا من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964.

وتعاطف تنظيم "الفهود السود" مع القضية الفلسطينية، وكتب هيوي نيوتن عام 1970 "نحن ندعم نضال الفلسطينيين العادل من أجل التحرير 100%، وسنواصل القيام بذلك".

في 2016، أيدت حركة "حياة السود مهمة" حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل"، المعروفة اختصارا بحركة "بي دي إس" (BDS).

وذهبت المجموعة إلى أبعد من ذلك حيث أدانت تواطؤ الولايات المتحدة "في الإبادة الجماعية التي تجري ضد الشعب الفلسطيني"، ووصفت إسرائيل بأنها "دولة فصل عنصري".

ويتوقع أن تؤدي الجولة الحالية من الاعتداءات الإسرائيلية إلى تعميق هذا التضامن بين الفلسطينيين والأميركيين السود.

المصدر : الجزيرة