لوفيغارو: إيران وأوكرانيا وتايوان.. ملفات تهدد الاستقرار العالمي في 2022

Service members of the Ukrainian armed forces observe the area at fighting positions near the rebel-controlled city of Donetsk
قوات أوكرانية تراقب الحدود مع روسيا (رويترز)

قالت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية إن العديد من الأزمات الجيوسياسية الكبرى تهدد التوازن الدولي وستضع الغرب في حرج بالغ، كامتلاك إيران الأسلحة الذرية واعتداء روسي على أوكرانيا، أو صيني على تايوان.

وأوضحت الصحيفة أن الأزمات التي تتربص بالعالم وبالرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي عام 2022 أصبح بعضها واقعا، وأولها الملف النووي الإيراني الذي يهدد الشرق الأوسط بثورة حقيقية، خاصة بعد انتخاب رئيس إيراني محافظ متشدد في يونيو/حزيران 2021، وانسحاب طهران من المفاوضات وتصعيد انتهاكات "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهي الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع المجتمع الدولي في يوليو/تموز 2015 لإبطاء مسيرة إيران نحو القنبلة الذرية.

ملف إيران

وذكّرت الصحيفة –في تقرير لكاتبتها إيزابيل لاسير- بما اعتبرتها انتهاكات إيرانية، كدفع تخصيب اليورانيوم إلى معدلات محظورة من قبل المجتمع الدولي بلغت 20 و60%، وكبناء أجهزة طرد مركزي جديدة وإنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 90%، كخطوة أخيرة في برنامج التخصيب، إضافة إلى أنها شرعت في إنتاج معدن اليورانيوم.

وقال دبلوماسي مطلع على الملف إن "الإيرانيين حققوا تقدما لا رجعة فيه في التخصيب والمعرفة"، خاصة أن إغلاق الحدود أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ترك المجتمع الدولي "أعمى" عن جزء من البرنامج.

ويتفق معظم الخبراء على أن إيران ستمتلك ما يكفي من المواد الانشطارية في غضون أسابيع، لتكون قادرة على صنع سلاح نووي عندما يقرر قادتها ذلك، ولذلك يرى المصدر الدبلوماسي أنه يتعين على الأوروبيين في مرحلة ما أن يتخذوا قرارا سياسيا بالاستمرار أو عدمه، و"هذه اللحظة قد حانت".

ويقول مصدر إسرائيلي إن "لدينا شعورا في إسرائيل بأن أوروبا والولايات المتحدة تريدان اتفاقا بأي ثمن، لدرجة أنهما ستسمحان للإيرانيين بإطالة أمد المحادثات إلى أجل غير مسمى"، إلا أن البعض يتوقع انهيار المفاوضات، وبالتالي عقوبات جديدة على إيران، وتفعيل آلية "سناب باك" (Snap back) التي تنص على إعادة القضية إلى مجلس الأمن الدولي، يعقب ذلك تدخّل عسكري تبدؤه إسرائيل، ولا يعرف أحد هل ستتبعها الولايات المتحدة وأوروبا إلا إذا ظهرت إيران كقوة نووية، مما يثير أزمة انتشار جديدة في المنطقة ويدفع القوى السنية -ولا سيما السعودية وتركيا- إلى تسليح نفسها بالقنبلة النووية.

ملف أوكرانيا

تأتي الأزمة الثانية التي تهدد أوروبا مع اقتراب عام 2022 من روسيا بعد تصاعد الضغط مع حشد أكثر من 100 ألف جندي بالقرب من أوكرانيا وتهديد كييف بشكل غير مباشر بمزيد من التدخل العسكري، خاصة أن النظام العسكري الذي يهددها يمكن تفعيله في أي لحظة إذا سارت المحادثات المقرر إجراؤها في أوائل يناير/كانون الثاني المقبل بين موسكو وواشنطن حول الناتو و"أمن" روسيا بشكل سيئ.

ونبهت الكاتبة إلى أن هاتين الأزمتين تخفيان وراءهما تحديا بالغ الأهمية يتعلق بمصداقية الغرب ومدى إرادته في الدفاع عن حلفائه، إضافة إلى تعزيز أو تقويض القواعد الدولية التي تمنع أن تغير أي دولة حدود دولة أخرى بالقوة.

غير أن الاستعراض الروسي الأخير على حدود أوكرانيا أعطى فلاديمير بوتين الذريعة لفرض مفاوضات حول "امتداد" الناتو إلى الشرق، وقدم "مطالبه" للأميركيين، وهي تعني أن الثمن الضمني لتخليه عن غزو أوكرانيا هو منع عضوية أي دولة في المنطقة في الناتو ومنع أي مناورات عسكرية في دول الاتحاد السوفياتي السابق، إضافة إلى انسحاب قوات الناتو من وسط وشرق أوروبا وكذلك دول البلطيق.

علامة ضعف

ويرى رئيس الكرملين أن الفرصة لم تكن مواتية كما هي اليوم لفرض مطالبه الإستراتيجية على "العالم الحر"، بعد أن أكد الرئيس الأميركي جو بايدن بعد سلفيه دونالد ترامب وباراك أوباما نيته الانسحاب من أوروبا والشرق الأوسط، لتركيز كل القوات الأميركية في المحيطين الهندي والهادي لمحاربة النفوذ الصيني هناك.

وقد قرأت موسكو -حسب الكاتبة- الانسحاب من العراق ثم الانسحاب الفوضوي من أفغانستان على أنهما علامة ضعف أميركي، تماما مثل منح البيت الأبيض الضوء الأخضر لمتابعة خط أنابيب الغاز في مشروع "نورد ستريم 2" (Nord Stream 2) الذي عده البعض بمثابة "استسلام".

وخلصت الصحيفة إلى أن اختبار المصداقية الأميركية سيكون أحد التحديات الكبرى لعام 2022، سواء تعلق الأمر بروسيا أو بالأزمة النووية الإيرانية، أو تعلق ببرميل البارود الثالث الذي يهدد بنشوب حرب بين الصين وتايوان في الأشهر المقبلة، خاصة أن الصين تراقب هي الأخرى عن كثب ردود الفعل أو بالأحرى عدم ردود الفعل من جانب الولايات المتحدة في الأزمات الكبرى في العالم، وتعمل على زيادة الضغط الدبلوماسي والعسكري حول تايوان.

المصدر : لوفيغارو