خشية بروز تنظيم دولة جديد.. العراق يكثف جهوده لإخلاء مخيمات النازحين

Kirkuk: All internally displaced camps closed
أحد مخيمات شمال العراق خلال إخلائه منتصف الشهر الماض (الأناضول)

كثفت السلطات العراقية جهودها مؤخرا لإخلاء مخيمات تضم عشرات الآلاف من النازحين الذين يُعتقد أن لهم صلات بتنظيم الدولة الإسلامية، في خطوة قد تكون لها عواقب إنسانية وخيمة.

وفي تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية (FINANCIAL TIMES) ذكر أن الحكومة العراقية أعلنت الشهر الماضي عزمها إغلاق عدد من المخيمات في محافظتي بغداد وديالى، وهو ما أثار مخاوف منظمات إنسانية بشأن مصير نحو 60 ألف شخص من المقرر أن يغادروا تلك المخيمات بنهاية العام الجاري.

ونقلت الصحيفة عن متابعين للشأن العراقي قولهم إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يدرك المخاطر المترتبة عن النزوح طويل الأمد، محذرين من أن الأطفال بالذات معرضون للتجنيد من قبل الجماعات المسلحة.

واتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) بغداد بترك الأشخاص الذين طُردوا من المخيمات عرضة لخطر أن ينتهي بهم الأمر في ملاجئ غير مستقرة، أو أن يجبروا على العودة إلى مناطقهم الأصلية حيث سيتعرضون للانتقام.

ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، مازال أكثر من ربع مليون عراقي يعيشون بالمخيمات في جميع أنحاء العراق يما فيه إقليم كردستان، رغم مرور 3 سنوات على إعلان بغداد نهاية الحرب على تنظيم الدولة.

ويرى محللون أن حكومة الكاظمي تريد اتخاذ الإجراءات الضرورية، وإنهاء ملف تفكيك المخيمات قبل أن الانتخابات المقررة منتصف العام المقبل، والتي يمكن أن تأتي بحكومة جديدة.

ورغم أن معظم مخيمات النازحين العراقيين توجد في كردستان، فقد أكد هوشنك محمد المدير العام لمركز التنسيق المشترك للأزمات في وزارة الداخلية بحكومة كردستان أن حكومة الإقليم ليس لديها أي خطط لإغلاق المخيمات.

من جانبه، حذّر قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكنزي من خطر عدم اندماج سكان المخيمات على الأجيال القادمة. وقال أمام المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية "نحن نختلق لأنفسنا مشكلة إستراتيجية سنعاني من تداعياتها بعد 10 سنوات عندما يصبح هؤلاء الأطفال متطرفين". وأضاف "إذا لم نعالج هذه المشكلة في الوقت الحالي، فلن نهزم تنظيم الدولة أبدا".

مخاوف إنسانية
ومن جانبه أوضح كريم النوري وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية أن "الحكومة اتخذت هذا القرار لأسباب إنسانية، ولأن وجود المخيمات بعد 2020 يعتبر أمرا خاطئا".

لكن منظمات الإغاثة ترى أن قرار الحكومة إغلاق المخيمات في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد وتزامنا مع بداية فصل الشتاء، في غير محلّه. ووفقا لمسح أجرته المنظمات الإنسانية العاملة بالعراق، فقد أكد حوالي 57% من النازحين الذين تركوا المخيمات أنهم لم يغادروا بشكل طوعي، رغم أن وكيل وزارة الهجرة والمهجرين شدد على أن عودة النازحين إلى ديارهم لم تكن قسرية.

وعادت "أمنستي" لتتهم بغداد بترك آلاف النازحين عرضة لمزيد من المخاطر، نظرا لمضي السلطات قُدما في إغلاق مخيمات النازحين، بالرغم من شتى العقبات التي تعترض عودتهم بشكل آمن وكريم ومُستدام.

وأكد التقرير أن أحد أبرز التحديات أمام عودة النازحين هو سيطرة الفصائل الشيعية المسلحة على عدد من المدن والبلدات التي كانت بقبضة تنظيم الدولة، ويؤكد كثيرون أن الفصائل تمنع المهجّرين من العودة، وتسعى للانتقام من مقاتلي التنظيم. كما تخشى بعض الأقليات مثل الإيزيديين من بطش المتعاطفين مع التنظيم.

وتقول بلقيس والي الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش في هذا الإطار "هناك مناطق لم يقبل فيها عناصر الأمن أو السكان المحليون فكرة عودة العائلات المهجّرة المرتبطة بتنظيم الدولة".

وفي ظل تعهدها بإجراءات الانتخابات في يونيو/حزيران القادم، يعتقد محللون أن الحكومة ليس لديها متّسع من الوقت لتعالج هذا الملف بالشكل الأمثل.

ويرى لهيب هيجل كبير محللي شؤون العراق في مجموعة الأزمات الدولية أن الهدف من قرار إغلاق المخيمات واضح، لكن طريقة تنفيذه سيئة للغاية، مضيفا أن هناك سؤالا أيضا لهذه الحكومة فيما يتعلق بالوقت الذي تحتاجه في السلطة لتكون قادرة على تنفيذ هذا القرار.

المصدر : فايننشال تايمز