أزمة خانقة تلوح في الأفق.. نشر قوات حفظ النظام ببغداد تزامنا مع جلسة حكومية تناقش خفض قيمة الدينار

An Iraqi woman shops at a food market ahead of the holy month of Ramadan following the outbreak of the coronavirus disease (COVID-19), in the holy city of Najaf, Iraq April 23, 2020. REUTERS/Alaa al-Marjani
العراقيون متخوفون من أن يتسبب خفض قيمة الدينار في تعميق الأزمة التي يعيشونها (رويترز)

نشرت وزارة الداخلية العراقية، السبت، قوات حفظ النظام وسط العاصمة بغداد تزامنا مع عقد الحكومة جلسة لمناقشة اقتراح خفض قيمة الدينار أمام الدولار الأميركي.

ولم يوضح المكتب الإعلامي لآمرية قوات حفظ النظام (تتبع وزارة الداخلية) في بيان مقتضب، أسباب الاستنفار الأمني، لكن النقيب في الشرطة العراقية ببغداد أحمد خلف صرح لوكالة الأناضول بأن الأمر يتعلق بإجراءات لمنع أي اعتداءات تطال البنك المركزي إثر تراجع محتمل لسعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار.

وأضاف خلف أن قوات مكافحة الشغب تم نشرها صباح اليوم أمام المؤسسات المهمة في بغداد خصوصا مبنى البنك المركزي العراقي وسط بغداد، خوفا من خروج احتجاجات مناهضة لخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار.

وبعدما واجه العراقيون سنة حافلة بالتحديات الاقتصادية، تزداد المخاوف من ازدياد الأمور سوءا، بعد تقديم مشروع موازنة لعام 2021 يركز على التقشف، ما قد يعرض العراقيين لضغوط أكبر العام المقبل.

ويقول مسؤولون عراقيون عملوا على إعداد مشروع القانون، إن هدفهم هو "الصمود" بعد أزمة مالية غير مسبوقة ناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد وانهيار أسعار النفط الذي يعول العراق على مبيعاته لتمويل 90% من ميزانيته.

ومن المتوقع أن تنهي بغداد هذا العام المضطرب مع تقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11% وارتفاع معدل الفقر إلى 40% من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.

وتزامنا مع الاستنفار الأمني، يعقد مجلس الوزراء العراقي، السبت، جلسة طارئة لمناقشة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021، بحسب بيان مقتضب صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

ويأتي عقد الجلسة الاستثنائية بعد ساعات على إعلان وزارة المالية الاقتراح خفض قيمة الدينار مقابل الدولار بنسبة 23%، في موازنة 2021.

ويبيع البنك المركزي العراقي الدولار الواحد عبر نافذة بيع العملة مقابل 1182 دينارا.

وقال وزير المالية علي علاوي، في بيان الجمعة، إن موازنة 2021 (التي أعدتها المالية) اعتمدت سعر صرف 1450 دينارا لكل دولار، لأن سعر الصرف المعتمد سابقا بواقع 1182 دينارا للدولار الواحد مشوه ولا يعكس الواقع الفعلي.

وأوضح أن سعر الصرف السابق أضر بالاقتصاد العراقي، لأن سعر الدينار المرتفع مقارنة بالدولار "ساهم في تدفق السلع من دول الجوار، ما أثر سلبا على المنتج المحلي".

وأضاف علاوي أن أفضل الحلول للوضع الاقتصادي الصعب في الوقت الحاضر هو سعر الصرف المقترح للدولار، لأنه يسمح للعراق بإعادة التوازن إلى اقتصاده على خلفية سعر أكثر تنافسية.

وأعدت وزارة المالية موازنة 2021 وأرسلتها للحكومة التي تقوم بدراستها حاليا قبل اعتمادها وإرسالها إلى البرلمان لإقرارها خلال الأيام المقبلة.

ويعاني العراق من أزمة مالية كبيرة أثرت على مجمل الوضع الاقتصادي في البلاد، والتي نجمت عن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد.

ونجم عن الأزمة المالية عدم قدرة الحكومة العراقية على صرف رواتب الموظفين في التوقيتات الزمنية المحددة، وهو ما سبّب احتجاجات شعبية.

وقال مسؤول عراقي "نحاول تخفيف الضغط على فاتورة رواتب القطاع العام، وهي أكبر نفقاتنا".

ويحتضن القطاع العام العدد الأكبر من الموظفين في العراق مع نحو 4 ملايين موظف، بالإضافة إلى 3 ملايين متقاعد ومليون شخص يتقاضون رواتب الرعاية الاجتماعية.

وقال المسؤول "إذا دفعنا الرواتب لموظفينا بالدينار الذي أصبح قيمته الآن أقل بنحو 25%، يمكننا تقويض العجز المالي وتوزيع هذه الأموال بشكل أكبر".

ويشعر موظفو القطاع العام بالغضب حيال هذا الإجراء. ويقول محمد -وهو طبيب في جناح مخصص لمرضى "كوفيد-19" في بغداد رفض ذكر اسمه الكامل- "رواتبنا ستكون دون أي قيمة".

وتأخر حصول موظفي الدولة على رواتبهم في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين لفترة طويلة، مما أدى إلى التأثير سلبا على قدرتهم الشرائية ونفاد صبرهم.

ويقول الخبير الاقتصادي العراقي علي المولوي إن خفض قيمة العملة -في مرحلة تشهد ركودا في الاقتصاد على مستوى العالم- "قد يضر أكثر مما ينفع".

ويضيف "نعم، الحكومة يائسة وليست لديها خيارات أخرى. لكن ما يقلقني هو أنها ستضر الفقراء أكثر، من خلال تقليص قوتهم الشرائية".

المصدر : وكالات