بالفيديو.. تونس المصرية.. هنا فن صناعة الفخار وزخرفته

قبل أكثر من نصف قرن زارت فنانة سويسرية تدعى "إيفلين بوريه" مصر لتعيش مع والدها الذي يعمل هناك حيث تزوجت لاحقا الشاعر ومؤلف الأغاني سيد حجاب وأكملت عقودا من حياتها في مصر.

وشاء القدر أن تزور إيفلين قرية "تونس" الواقعة على ضفاف بحيرة قارون بمحافظة الفيوم (100 كيلومتر جنوب غربي القاهرة)، لتصبح تلك الزيارة علامة فارقة في حياة السيدة التي درست الفن التطبيقي بجامعة جنيف ونقطة تحوّل للقرية ذاتها التي لطالما امتهن أهلها الزراعة مثلها مثل سائر قرى مصر.

ومع أن إيفلين انفصلت لاحقا عن حجاب، لكنها قررت الإقامة في القرية ونقل خبراتها الفنية إلى أهلها لتبدأ رحلة التغيير المهني حيث تعلم كثير من الأهالي هناك مهنة الرسم على الفخار وصناعته بعد أن أنشأت إيفلين مدرسة لتعلم الحرفة هناك سميت باسم "جمعية بتاح لتدريب أولاد الحضر والريف على أعمال الفخار"، مما أخرج للقرية نحو 3 أجيال من الفنانين الحرفيين منذ سكنتها إيفلين خلال عقد الستينيات من القرن الماضي.

وبمجرد وصولك إلى قرية تونس يلفت نظرك أن كثيرا من منازلها المطلة على بحيرة قارون مصنوع من الطوب اللبن على شكل قباب تحيط بها مساحات خضر من الأراضي الزراعية، كما لا تخلو القرية من البازارات السياحية التي تتراص بها الأعمال الفخارية والخزفية مثل الأواني والتحف.

غياب الزوار

لكن المثير للحزن أن معظم هذه البازارات بدت خاوية على عروشها في ظل غياب الزوار المعتادين نتيجة المخاوف العالمية من فيروس كورونا الذي أصابت آثاره هذه القرية كغيرها من قرى مصر بل ودول العالم أجمع.

الجزيرة نت قابلت عبد الستار عبد السميع، وهو فنان حرفي مصري تعلم على يد الفنانة السويسرية إيفلين وأبنائها حرفة الرسم على الفخار وصناعته حيث يقول "مع أنني لم أكمل مراحل التعليم الأساسية وخرجت من المدرسة باكرًا لكنني تعلمت الحرفة حين كان عمري 45 عامًا بعد أن كانت الزراعة هي المهنة الأساسية ومصدر الرزق الوحيد لنا".

وأضاف أن "السيدة إيفلين عملت على تشجيعنا لتعلم حرفة صناعة الفخار والرسم عليه حيث كانت تقول دائما إن الريفيين المصريين أفضل في التعلم من الأوروبيين"، مشيرًا إلى أنه بمرور الوقت أسهم انتشار الحرفة بالقرية في مسار العمل داخلها، لتتحول إلى قرية سياحية في ظل الإقبال الكبير على منتجاتهم من السياح الأجانب، خاصة من دول أوروبا الذين يعشقون الأعمال اليدوية الفخارية لما تتسم به من جمال وأشكال متنوعة.

وأوضح عبد الستار أنه يقوم بإنتاج الأطباق والأواني والأباريق والأكواب وغيرها من التشكيلات حسب رغبة الزبائن، ولا يكتفي بذلك بل يقوم بالرسم أيضًا على الفخار بعد تشكيله على صورته النهائية بألوان وأشكال يستلهمها من الطبيعة داخل الريف المصري كرسم شكل النخيل أو الطيور أو الزرع والورود.

ولفت إلى أن أكبر التحديات التي يواجهونها حاليًا غياب السياحة وتدني مستوياتها في ظل فيروس كورونا، مشيرًا إلى أن العاملين في صناعة الفخار بالقرية يعتمدون بشكل كامل على بيع منتجاتهم الفخارية لخارج البلاد بنسبة 70%، في حين لا تمثل نسب الشراء من داخل مصر للأعمال الفخارية سوى 30%، آملًا أن يكون هناك مزيد من الاهتمام من الدولة بالتسويق للأعمال الخاصة بفناني القرية من منتجي الفخار.

المصدر : الجزيرة