ميديابارت: شركات فرنسية تولت صيانتها.. طائرات ميراج إماراتية متهمة بالتورط بجرائم حرب بليبيا

PARIS, FRANCE - JULY 14: Four Mirage 2000 fly over Paris during the annual Bastille Day military parade on July 14, 2014 in Paris, France. France has issued an unprecedented invitation to all 72 countries involved in World War I to take part in its annual Bastille Day military parade.
طائرات ميراج الفرنسية تستخدمها الإمارات في عمليات قصف بليبيا (رويترز)

قال موقع "ميديابارت" (Mediapart) الفرنسي إن طائرات ميراج إماراتية، شاركت في قصف المدنيين في ليبيا لدعم الفصائل المشاركة في الحرب هناك، ما تزال تحصل على الصيانة والتحديث حتى اليوم من قبل الشركات الفرنسية، مما يبدو مخالفا للامتثال للقواعد الدولية، وقد يرقى لجرائم حرب.

وأشار الموقع إلى أن هذا الجانب من التعامل بين فرنسا ومصنعي الأسلحة وعملائهم الأجانب الأثرياء يكون غالبا غير بارز، حيث تكون عمليات الصيانة والتدريب عنصرا سريا؛ لكن أساسيا في عقود التسلح، التي تسمح للمقاتلة بالاستمرار في الطيران، وتمكن الجنود من استخدام المزيد من المعدات المتطورة.

ولذلك، قرر موقع ميديابارت، بعد تحقيق له في سبتمبر/أيلول 2019 حول تصدير الأسلحة المصنعة في فرنسا، الدخول في مشروع نسقته "لايت هاوس ريبورتز" (Lighthouse Reports) الهولندية بالتعاون مع "آرتي" (Arte)، التحقيق في خدمات ما بعد البيع، التي تقدمها الشركات الفرنسية، بالاتفاق مع السلطات، إلى الجيوش الأجنبية المتورطة في صراعات يندد بها المجتمع الدولي، وتخضع لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وفي التقرير الذي جاء بقلم آنتون روجي، أن الجزء الأول من هذا التحقيق يركز على تورط طائرات "ميراج 2000-9" (Mirage 2000-9) في حرب ليبيا، التي أعلنت الأمم المتحدة حظر توريد الأسلحة لها في 2011، كجزء من قرار مجلس الأمن 1970.

ويعاني هذا الحظر من انتهاكات متكررة، قال الموقع إن البعض يعاقب عليها في حين يترك البعض الآخر، وكمثال على ذلك تعمل طائرات ميراج 2000 التابعة للإمارات في الأراضي الليبية منذ عدة سنوات، منطلقة من قواعد عسكرية في مصر.

سر فرنسا الذائع

ونبه الموقع إلى أن الإمارات لم تخف أبدا دعمها للواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد "الجيش الوطني الليبي"، الذي كانت باريس تساعده سرا لعدة سنوات، في لعبة مزدوجة، تواصل بها الاعتراف رسميا بحكومة طرابلس، وإن كان هذا السر ذائعا، اعترف به وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، قبل أقل من شهرين حين قال "في ليبيا لا نعمل بمفردنا، نعمل جنبا إلى جنب مع المصريين والفرنسيين ودول أخرى".

وفي هذا السياق، نفذت القوات الجوية المصرية عام 2017، غارات بعدة طائرات مقاتلة من طراز "رافال"(Rafale) باعتها لها فرنسا، على درنة وهون الليبيتين لدعم قوات حفتر، كما اعتبر فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا أنه من "المحتمل جدا" أن تكون إحدى طائرات ميراج الإماراتية وراء هجوم يوليو/تموز 2019 على مركز للمهاجرين في تاجوراء بمنطقة طرابلس.

ومع أن هذا الهجوم، الذي قتل وفقا للحكومة الليبية 53 مهاجرا، يشكل انتهاكا للقاعدتين 14 و15 من القانون الإنساني الدولي، حسب فريق خبراء الأمم المتحدة، فإن طائرات ميراج 2000-9، تخضع لعمليات الصيانة، التي تقدمها شركات فرنسية مثل داسو وطاليس وغيرها.

وقبل أيام قليلة من إعلان تقرير الأمم المتحدة عن ضربة تاجوراء، ورغم تسريب العديد من المعلومات الواردة فيه إلى الصحافة -كما يقول الكاتب- تم توقيع عقود لتحديث أسطول ميراج 2000-9 بقيمة مئات ملايين يورو بين الإمارات وبعض هذه الشركات.

وأوضح الموقع أن الشركات المعنية لم تستجب لطلبات التفسير، التي وجهت إليها، في حين قالت الحكومة الفرنسية التي ترخص لعقود الصيانة والتحديث هذه، إن الأمر لا يتعارض مع "احترام التزاماتها الدولية"، خاصة أنها تفسر حظر توريد السلاح بأنه ينطبق فقط على توريد الأسلحة وأنشطة التدريب والمساعدة من ليبيا وإليها، وأن العقود المبرمة بين الشركات الفرنسية والقوات المسلحة الإماراتية لا تدخل في إطار القرار 1970؛ لأنها تتم حصريا في الإمارات.

ومع ذلك يرى أستاذ القانون الدولي في جامعة ماكجيل في مونتريال، فريديريك ميغري، أنه من الصعب وضع حد بين بيع طائرة إلى ليبيا نفسها، وإصلاح معدات هبوط طائرة قد تستخدم في ليبيا، وإن كانا غير متساويين.

وأوضح الأستاذ أنه "منذ اللحظة التي تقدم فيها الإمارات الدعم العسكري لفصائل معينة في ليبيا جويا، وبصورة غير رمزية؛ بل تشمل استخدام أنظمة الأسلحة هذه، فإن هناك التزاما على الشركات العاملة في الدول الملتزمة تماما بالحظر فيما يتعلق باستخدام هذه الأسلحة".

سياسة النعامة

ويؤكد ميغري أن هناك "سلسلة حقيقية من المسؤوليات يمتد طرفها من مناطق ليبية معينة تم فيها نشر طائرات ميراج، ويتصل طرفها الثاني بفرنسا"، وبالتالي يدعو إلى عدم ممارسة سياسات النعامة، خاصة أن هناك الكثير من الأدلة على تورط الأسطول الإماراتي في ليبيا في السنوات الأخيرة.

وبعد سرد لمجموعة من المواقع لإثبات هذه الأدلة، أوضح الموقع أن تقريرا سريا للأمم المتحدة يعززها، حيث قدمت إلى مجلس الأمن في أغسطس/آب 2020 وثيقة تقول إن طيران الإمارات نفذ 150 رحلة شحن بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2020، حط العديد منها في قاعدة سيدي براني الجوية المصرية، و"من هناك، نقلت المركبات والطائرات معدات عسكرية إلى ليبيا".

وفي الأشهر الأخيرة -كما يقول الكاتب- فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة على شركات وأفراد، بما في ذلك الأتراك المشتبه في عدم احترامهم لحظر الأسلحة، وقد أشارت المديرية العامة للخزانة في فرنسا أن هذه العقوبات تشمل "تجميدا ومنعا لتوفير الأموال والموارد الاقتصادية للأشخاص المحددين".

ويقول ميغري إنه "من غير المعقول أن تكون لفرنسا سياسة خارجية مع مجلس الأمن من جهة، وسياسة تجارية وعسكرية تتعارض مع ذلك، وبالتالي لا بد من تحذير الشركات الفرنسية الضالعة في تجارة الأسلحة الخارجية".

وخلص الموقع إلى أن هذه الشركات ترفض الاستجابة في كل مرة يطلبون منها توضيحا؛ مما يعطي فكرة عن الغموض، الذي يديرون من خلاله علاقاتهم مع هذا العميل الثري.

المصدر : ميديابارت