إضافة لرفع عقوبات واشنطن.. زيمبابوي تسعى لجذب الاستثمار الأميركي عبر بوابة إسرائيل

الرئيس الزيمبابوي (يسار) عين في أغسطس/آب 2020 موسان قنصلا فخريا لبلاده بتل أبيب (مواقع التواصل)

من المتوقع أن تنضم زيمبابوي قريبا لقائمة الدول الأفريقية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، في الوقت الذي تسعى فيه سلطات البلاد للخروج من قائمة الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية، إذ تعهد الرئيس إيميرسون منانغانغوا بإخراج الدولة "المحاصرة" من الاضطرابات الاقتصادية التي واجهتها في عهد الرئيس السابق روبرت موغابي، منذ نهاية العقد الأول من القرن 21، مشيرا إلى أن إنهاء العقوبات الأميركية سيكون بداية جيدة.

وقد عين منانغانغوا المواطن من أصل إسرائيلي روني ليفي موسان قنصلا فخريا في تل أبيب في أغسطس/آب الماضي، في إشارة إلى تعزيز العلاقات بين الطرفين، وابتعادا عن الدعم المعتاد الذي أبداه الاتحاد الوطني الأفريقي الحاكم بزيمبابوي للفلسطينيين في فترات سابقة.

وذكرت الباحثة في الشأن الأفريقي متساديسو موتسوينغ أن هناك حديثا حول ارتباط القنصل الفخري لزيمبابوي المعين مؤخرا في إسرائيل بشركة نيكوف الدولية، وهي متهمة بتزوير انتخابات العام 2013 في زيمبابوي، الأمر الذي نفاه موسان في تغريدة على حسابه في تويتر، مؤكدا أن مهمته تتمثل في "تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين لمساعدة زيمبابوي".

ارتباطات القنصل

وأشارت موتسوينغ، في تصريح للجزيرة نت، إلى أن موسان أيضا الرئيس التنفيذي لمجموعة أشلروي، التي تهدف لربط الشركات والمنظمات والدبلوماسيين والقادة والكنائس من جميع أنحاء العالم بإسرائيل، وأضافت الباحثة أن الرئيس الزيمبابوي كان يأمل في قيام المخابرات العسكرية الإسرائيلية بتدريب قوات الأمن في بلاده، إضافة إلى إنشاء أكاديمية دفاعية في العاصمة هراري تكون إدارتها إسرائيلية.

وكان إيبو مندازا الأكاديمي الزيمبابوي والعضو المؤسس في لجنة التضامن بين زيمبابوي وفلسطين قد بين أن "إستراتيجية زيمبابوي، إن وجدت على الإطلاق، ما هي إلا مضيعة للوقت في هذا الملف"، وأوضح في حديث  للجزيرة نت أن "ما يجري تضليل زيمبابوي من قبل أولئك الموجودين في الولايات المتحدة، والذين يدفعون الملايين في علاقات عامة لا طائل من ورائها".

 

محطات العلاقات

وبدأت علاقات زيمبابوي مع إسرائيل أوائل تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل موغابي، والذي كان نشر معدات لمكافحة الشغب إسرائيلية الصنع لقمع المعارضة السياسية، خاصة قبل انتخابات العام 2008، حين كانت هناك حملة قمع شديدة على المعارضة، لا سيما مؤيدي حركة التغيير الديمقراطي.

وبعد أن تقلد منانغانغوا السلطة عقب انقلاب عسكري أطاح بموغابي في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، استمرت العلاقة مع إسرائيل، وبدأت في التحسن مؤخرا، إذ عمل الرئيس على حملة لجذب الاستثمار إلى اقتصاد زيمبابوي المحاصر، وإيجاد طريقة لإعادة إشراك الدول الغربية للضغط من أجل رفع العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، التقى منانغانغوا بوزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يسرائيل كاتس، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان قد قبل في أبريل/نيسان 2018 أوراق اعتماد غيرشون كيدار سفيرا لتل أبيب غير مقيم في زيمبابوي، ولكنه يقيم بإسرائيل.

رئيس زيمبابوي (يمين) تعهد بإخراج بلاده من الاضطرابات الاقتصادية (مواقع التواصل)

وجلب السفير كيدار ممثلين عن عدد من الشركات الإسرائيلية إلى زيمبابوي، بما في ذلك مايكل بينياشفيلي المرتبط بالجنرال السابق في جيش الاحتلال غال هيرش.

وقد رفض المتحدث باسم السفارة الأميركية في زيمبابوي جون حشمة التعليق على ربط رفع العقوبات الأميركية المفروضة على هراري بتحسين علاقاتها بتل أبيب، وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن الربط مجرد تكهنات في وسائل الإعلام.

وكان السفير الأميركي بزيمبابوي براين نيكولز قد أوضح، في مقابلة صحفية سابقة معه، أن رفع عقوبات بلاده على هراري يرتبط باستعادة سيادة القانون، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإصلاح زراعي عادل وقانوني وشفاف، وأخيرا السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية. وقال نيكولز، في حديث للجزيرة نت، إنه في حال قامت زيمبابوي بمواءمة قوانينها مع دستور 2013، ونفذت وعود منانغانغوا بالإصلاح فستفي بالمتطلبات المذكورة سابقا.

محاولات يائسة

ويرى مدير مركز الدراسات الأفريقية والشرق الأوسطية نعيم جينا أن هذه المبادرات للتقرب من إسرائيل بمباركة الرئيس منانغانغوا "محاولات يائسة منه لإرضاء الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل".

وأضاف جينا، في تصريح للجزيرة نت، أن القنصل الزيمبابوي الفخري في إسرائيل وضع خططا لزيارة رسمية لمنانغانغوا إلى إسرائيل حيز التنفيذ، موضحا أن أنشطة القنصل موسان في زيمبابوي تشمل التعاون مع بعض الكنائس للضغط من أجل دعم المسيحيين لإسرائيل، إضافة إلى أن موسان يدفع الشركات الإسرائيلية للاستثمار بالقطاع الزراعي في زيمبابوي، وقد أعلن مؤخرا عن نيته فتح أكاديمية إسرائيلية للزراعة في البلاد.

ويقول أيضا إن إسرائيل تأمل بأن يحذو منانغانغوا حذو نظيره الملاوي لازاروس تشاكويرا، والذي كان قد أعلن عن عزمه فتح سفارة لبلاده في مدينة القدس المحتلة، مما يضفي الشرعية على مطالبة تل أبيب بالقدس عاصمة لها، وهو ادعاء غير معترف به بموجب القانون الدولي.

ومن المفترض أن يكون رئيس ملاوي، وهو مسيحي إنجيلي يدعم إسرائيل بقوة، قد ناقش مع نظيره الزيمبابوي العلاقات مع إسرائيل خلال الزيارة التي قام بها إلى هراري الشهر الماضي.

المصدر : الجزيرة