ما هدف قصف الطيران السوري عرسال؟
علي سعد-بيروت
وتأتي هذه الغارات مع تجدد المعارك في رنكوس والطفيل الحدوديتين، حيث يُعتقد أن مقاتلي المعارضة الذين لجؤوا إلى جرود عرسال عاودوا استهدافاتهم قوات النظام السوري، الذي بدوره يقوم بقصف تجمعات لهم داخل الأراضي اللبنانية، حسب ما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام.
استهداف للمدنيين
ويقول أحمد الفليطي -نائب رئيس بلدية عرسال، الذي أكد أن القصف استهدف أراضي لبنانية- إن الطيران الحربي السوري استهدف تجمعات للاجئين السوريين يقطنها مدنيون، مشيرا إلى أن القتيلين اللذين سقطا قبل يومين طفلان أحدهما في الثالثة من عمره والثاني في الثانية عشرة.
وأوضح الفليطي -في حديث للجزيرة نت- أن القصف يحصل كلما شن مقاتلو المعارضة عملية ضد مواكب حزب الله التي تغادر باتجاه الأراضي السورية عبر منطقة رأس بعلبك اللبنانية القريبة من بلدة قارة السورية الخاضعة لسيطرة النظام، لافتا إلى أن جرحى هذه العمليات من المعارضة يأتون إلى عرسال والنظام السوري يلاحقهم.
وكانت آخر غارة شنها النظام السوري على عرسال ظهر أمس الأحد ولم توقع قتلى أو جرحى، بينما سقط قتيلان على الأقل ونحو 17 جريحا في الغارات السابقة.
اعتداء خطير
ووصف النائب عن تيار المستقبل معين المرعبي هذه الغارات بأنها خطرة جدا، وقال إنها تشكل اعتداء أجنبيا على دولة ذات سيادة، مطالبا القوى الأمنية اللبنانية بأن تتصدى لهذه الغارات بحسب ما تقتضيه الحاجة.
كما طالب المرعبي -في حديث للجزيرة نت- الحكومة برفع شكوى إلى مجلس الأمن ضد هذه الاستهدافات اليومية، إلا إذا كانوا لا يعتبرون هذه المناطق التي تتعرض للقصف -من عرسال إلى عكار وغيرها- من الأراضي اللبنانية، مضيفا أن الناس هناك "كفروا" بالدولة وبالحكومات وبالنظام اللبناني برمته.
وشدد المرعبي على ضرورة حل المسألة بأسرع وقت عبر استدعاء احتياطي الجيش اللبناني، والطلب منه ترسيم الحدود اللبنانية وحمايتها بالتعاون مع القوات الأممية الموجودة على الحدود الجنوبية، معتبرا أن وقف الاعتداءات هو الطريق الأسلم لمنع انعكاسات الأزمة السورية على لبنان.
عجز لبناني
وفي مقابل منطق الهجوم على هذه الغارات، يبرز أيضا منطق يدافع عنها على اعتبار أن الدولة اللبنانية ليست لديها قدرة لوجيستية للوصول إلى هذه المناطق ومنع المسلحين من اتخاذ الأراضي اللبنانية منطلقا لعملياتهم، وبالتالي يعتبر هذا المنطق أن معالجة الجيش السوري للموضوع أفضل من تركه يتمادى.
وقال فيصل عبد الساتر -وهو محلل سياسي مقرب من حزب الله اللبناني- إن موضوع الغارات يجب أن يكون محل تشاور بين الدولتين اللبنانية والسورية، لكن دمشق لم تتلق أي رد من بيروت بهذا الشأن، واستفادت من الأعراف المتبعة في هذا الإطار بأنها مضطرة إلى أن ترد عند وجود تهديد.
ورأى عبد الساتر -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الجماعات المتمركز في عرسال تهدد أمن لبنان، وتهدد أيضا الأمن الاجتماعي للبيئة التي كانت حاضنة لهم واليوم باتت تتذمر منهم، لافتا إلى أن هذه الجماعات معظمها من مقاتلي المعارضة الهاربين من القلمون، والذين يخططون لإعادة انتشار ما أو ضرب النقاط الأمنية للجيش السوري.
لكن عبد الساتر شدد على أن الخطر الأكبر في هذا الموضوع هو محاولة جر المعركة إلى داخل المناطق اللبنانية وتحديدا في عرسال، حيث تنتشر أعداد كبيرة من المسلحين وكثير منهم في مخيمات النزوح، مشيرا إلى أنه وإن كان قصف المدنيين أمر لا يمكن تبريره، لكن اختباء الجماعات المسلحة بين النازحين يؤكد أنها ليست بريئة وهي تستجلب هذا القصف للآمنين.