سلفيو الصومال في مواجهة حركة الشباب

حركة الشباب تستعرض أحد كتائبها داخل كيسمايو

undefined

عبد الرحمن سهل-كيسمايو

أثار اغتيال الشيخ عبد القادر نور فارح منتصف الشهر الحالي على يد مسلح في بونتلاند، ضجة كبيرة في أوساط التيار السلفي والساحة الصومالية عموما، إثر توجيه جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة أصابع الاتهام إلى حركة الشباب المجاهدين.

ويرى محللون صوماليون أن عملية الاغتيال التي طالت الزعيم الروحي لجماعة الاعتصام، قد تدفع الجانبين إلى خوض مواجهات أمنية وعسكرية وإعلامية وفق المعطيات الراهنة.

وتنشر وسائل الإعلام الموالية لكلا الجانبين سيلا من التحليلات والتقارير والمحاضرات المرئية والمسموعة، بغية تشويه صورة الطرف الآخر وتعبئة الرأي العام ضده وشيطنته ووصفه بالفرقة الضالة والمنحرفة.

اتهام وتعبئة
وحملت جماعة الاعتصام في بيان صحفي حركة الشباب مسؤولية قتل الشيخ فارح، مستخدمة لغة قاسية بحق الحركة بوصفها "حركة إجرامية وعدوا مبينا لا يبقي للشعب الصومالي دينا أو نفسا أو مالا". ويبرهن على ذلك -وفق البيان- ما تقوم به هذه الحركة من اغتيالات تطال العلماء والمثقفين ورؤساء العشائر والسياسيين والتجار والطلاب.

وأكدت الجماعة "حرمة" التعاون مع حركة الشباب، كما دعت الأمة الصومالية "إداراتٍ وشعبا" إلى عقد مؤتمر وطني للتباحث حول "مقاومة خطر طائفة الشباب الضالة"، وفق تعبير البيان الصحفي الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه.

في المقابل نفت حركة الشباب المجاهدين مسؤوليتها عن قتل الشيخ فارح، ووصفت التهم الموجهة إليها من قبل جماعة الاعتصام بأنها باطلة ومحض افتراء، وفق رواية المكتب الإعلامي للحركة.

المكتب الإعلامي لحركة الشباب نفى مسؤولية الحركة عن قتل الشيخ فارح، ووصف التهم الموجهة إليها من قبل جماعة الاعتصام بأنها باطلة ومحض افتراء

واستخدم المكتب الإعلامي نفس اللغة القاسية التي استخدمتها جماعة الاعتصام بحق الحركة بقوله "لسنا فرقة ضالة، وإنما جماعة الاعتصام هي الفرقة الضالة والمنحرفة والمتحالفة مع الشيطان"، متهما الجماعة بسعيها الدؤوب إلى إفشال "المشروع الإسلامي" الرامي إلى إقامة دولة إسلامية في الصومال، وهو ما تنفيه الجماعة جملة وتفصيلا.

واستغربت الحركة سرعة توجيه الاعتصام التهمة لها "في وقت يعلم فيه الجميع أن الحركة تواجه عدوا صليبيا دوليا للدفاع عن المسلمين ومبادئهم", وفق ما قال المكتب. كما قللت الحركة من أهمية إعلان جماعة الاعتصام الحرب عليها، قائلة "لقد حاول السابقون تحقيق أغراض مشابهة عبر القتال ثم فشلوا، واللاحقون سيفشلون أيضا".

ويرجع المحلل السياسي طاهر عبد الله استهداف رموز جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة "الاتحاد الاسلامي سابقا" من قبل خصومها، إلى مبررات عدة أبرزها عدم حملها السلاح ضد القوات الأفريقية، واختيارها أشكال المقاومة السلمية واقترابها مع من وضعتهم سابقا في خانة أعداء الدعوة السلفية، مع معارضتها الصريحة أجندة حركة الشباب بل وتحذير الشعب من مشاريعها.

مكسب إستراتيجي
بدوره لم يستبعد الخبير بشؤون الجماعات الصومالية عبد الرزاق شولي وقوع مواجهات أمنية وعسكرية بين الحركة والجماعة، عبر تعاون الأخيرة مع الأجهزة الأمنية الصومالية الرسمية لملاحقة عناصر الشباب، مشيرا إلى أن هذا يعد "مكسبا إستراتيجيا" للكيانات الصومالية المتحالفة مع المجتمع الدولي ضد حركة الشباب.

ووفق رأي شولي فإن هذا التعاون سيمنح الحركة تزكية ثمينة بغية الانفراد بإدارة شؤون القضايا الجهادية والسياسية والفكرية المرتبطة بالتيار السلفي، وهو سر استيعاب الحركة -طوعا أو كرها- لكل الجبهات المسلحة السلفية التي برزت في الساحة الصومالية عقب انهيار المحاكم الإسلامية، مثل الحزب الإسلامي.

ويعتقد هنا بأن جماعة الاعتصام أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن تقف مع الحكومة ضد حركة الشباب، وإما أن تتحمل  الضربات الأمنية التي قال شولي إنها قد تقصم ظهرها وتهدد مستقبلها.

ويتوقع أن تصل شرارة الأزمة المتصاعدة بين الجانبين إلى حركة الشباب وفق آراء المحللين الصوماليين، حيث توقعوا تراجع التأييد الشعبي للحركة واهتزاز مصادرها المالية، فضلا عن إمكانية حدوث انشقاقات فكرية.

المصدر : الجزيرة