شاهد.. بائع جائل في بغداد يبهر المتسوقين بمعرفته بالعمليات الحسابية والتقويم

بين الأزقة القديمة ببغداد، يثبت ياسر عباس عربته على أحد أرصفة شارع النهر لبيع الطعام للمارّة والمتبضعين. وإلى جانب إتقانه صنع الطعام -حسب رأي الزبائن- فإنه بارع وبدرجة نادرة في العمليات الحسابية ومعرفة التقويم حتى 4 آلاف عام.

أثبت قدرته على معرفة اليوم في أي من التواريخ سابقة أو لاحقة بسرعة وبطريقة باهرة، وأجاب عن أسئلة الجزيرة نت بقوله "حالما يمنحني شخص تأريخا كاملا يأتي اليوم في رأسي مباشرة".

فبينما ينهمك ياسر البالغ 49 عاما بإضافة الملح إلى طبق طعام لأحد المتبضعين، يجيب عن سؤال الجزيرة نت "ما اليوم الذي يصادف الأول من نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1996؟" فيجيب بسرعة لافتة "إنه الجمعة".

يقول ياسر إنه استمر أكثر من عامين  في تعلم التقويم، وذلك لولعه بالأرقام والأيام، وإن هذا الشغف الذي لم يلق أي اهتمام من الآخرين، باستثناء فضول بعض المارّة والجيران من أصحاب المحال القريبة منه.

الهندسة

ويقول إنه لشغفه بالأرقام والعمليات الحسابية أكمل دراسته للهندسة الميكانيكية أخيرا، وذلك بعد أن استطاع أن يجمع المال لإتمامها إذ كان انقطع عنها في تسعينيات القرن الماضي، بسبب الحصار الذي كان مفروضا على العراق.

ويتقن ياسر حساب جدول الضرب للأعداد الكبيرة، ويحفظ قوانين الرياضيات الصعبة التي تتطلب دراسة أكاديمية ووقتا طويلا، مؤكدا أنه تعلم كل شيء بنفسه حتى دون الحاجة إلى الورقة والقلم، مشيرا إلى أنه يجلس ساعات في غرفته يفكر بالأرقام باستمرار.

ويقول ياسر إنه عند عودته من العمل، يجمع الطلبة من أبناء العائلات المتعففة، لتدريسهم الرياضيات والفيزياء مجانا وبصورة تطوعية. ويختم حديثه للجزيرة نت "أحاول استثمار قدرتي في فهم الرياضيات بمنحه للآخرين".

عبكة رأى أن الأشخاص الذين يمتلكون مواهب باهرة، مثل ياسر، نادرون وعلى الدولة استثمارهم (الجزيرة نت)

نادرون

وتعليقا على قدرات ياسر، رأى الاختصاصي في علم النفس، المدرب حسنين صادق عبكة، أن الأشخاص الذين يمتلكون مواهب باهرة، مثل ياسر، يكونون نادرين في المجتمع، ولا يشكلون سوى نسبة ضئيلة في العالم، وهم خارقون ومبدعون، وعندهم ذكاء شديد، لذا يطلق عليهم وصف "النادرون" وذلك للارتكاز على مواهبهم.

ويضيف للجزيرة نت أن المنطقيين يعتمدون العمليات الحسابية الدقيقة، حيث تكون عملية الرقمنة في الدماغ دون حاجة إلى اعتماد التكنولوجيا، فيكون كامل تركيزهم على الفص الأيسر في التعاملات والحسابات.

ويؤكد ضرورة أن تستثمر الدولة الأشخاص مثل عباس لأنهم ذوو طاقة هائلة، وبإمكانهم إعطاء حسابات ومعلومات تسهم بتقليل الفجوة المعرفية في المراكز البحثية والجامعات.

ويضيف عبكة أن الأشخاص النادرين لديهم المعلومات معنوية وكمية ويختلفون جدا عن الأذكياء والأسوياء، بكونهم قادرين على التذكر سنين وعقودا نتيجة نشاطهم، معللا السبب بسعة الذاكرة الهائلة في تخرين المعلومات، إذ تبدو الذاكرة طويلة الأمد ومتوسطة الأمد نشطة جدا لديهم على عكس الأشخاص العاديين.

المصدر : الجزيرة