مكتبة دير في النمسا تحوّلت إلى نجمة الشبكات الاجتماعية

يبلغ طول المكتبة 70 مترا وعرضها 14 مترا وارتفاعها نحو 13 مترا، وتضم 70 ألف عمل، وهو ما يجعلها -وفق القائمين عليها- "أكبر مكتبة دير في العالم".

يصل الدير من خلال شبكات التواصل الاجتماعي إلى جمهور يبلغ 25 مليون شخص شهريا (الفرنسية)

نجح دير نمساوي يبلغ عمره 950 عاما ويقع وسط الجبال على بعد نحو 250 كيلومترا من فيينا، في استقطاب السياح لزيارة مكتبته الباروكية المميزة، وما مكنه من ذلك مجاراته العصر بفتح حساب على إنستغرام.

فالدير التابع للرهبنة البندكتية في أدمونت إلى الغرب من العاصمة فيينا، لم يتردد في مواكبة العصر الرقمي وشبكاته الاجتماعية ضمن سعيه إلى حجز مكان على خريطة السياحة الدينية في أوروبا، وهو قطاع يتسم بقدر كبير من التنافس.

وروى مدير قسم التواصل في الدير ماريو براندمولر لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الأمر حصل عام 2018" في وقت كان الدير يبحث فيه عن "كيفية الوصول إلى جمهور أوسع".

وأضاف براندمولر "وجدنا أن الطريقة الأفضل هي أن نضع كل رهاننا" على المكتبة لتكون أشبه بـ"مغناطيس جماهيري".

ويبلغ طول المكتبة 70 مترا وعرضها 14 مترا وارتفاعها نحو 13 مترا، وتضم 70 ألف عمل، وهو ما يجعلها -وفق القائمين عليها- "أكبر مكتبة دير في العالم".

وهذا المكان مناسب لأخذ صورة يمكن نشرها بصفحات شبكات التواصل الاجتماعي، إذ تنتشر فيها لوحات جدارية ملونة على السقف ومنحوتات من خشب الزيزفون وأرضيات رخامية على شكل رقعة الشطرنج.

وقال براندمولر "نشرنا صورا ومقاطع فيديو على منصات سفر وثقافة مختلفة" بـ 13 لغة مختلفة"، مبديا ارتياحه إلى "النجاح في توفير محتوى" عن الدير يأسر الجمهور في كل أنحاء العالم. كما بادر الدير إلى تجديد موقعه الإلكتروني.

مكتبة دير في النمسا تحوّلت نجمة الشبكات الاجتماعية
من أبرز ما يثير اهتمام زوار المكتبة المجموعة المهمة من المخطوطات وأقدمها يعود إلى القرن الثامن ونجت بأعجوبة من حريق عام 1865 (الفرنسية)

ووصلت شعبية الدير في العالم الرقمي إلى ذروتها عندما نصحت النجمة التلفزيونية الأميركية أوبرا وينفري في مطلع سنة 2021 بزيارة أدمونت، إذ قالت يومها (Go for Baroque in Austria) "اذهب إلى الباروك في النمسا".

ونتيجة لهذه الإستراتيجية التسويقية المدروسة، ازدهرت مقاطع الفيديو على "تيك توك"، وارتفع عدد المشتركين في حساب الدير على "فيسبوك" من 4500 عام 2018 إلى 160 ألفا حاليا.

ويصل الدير من خلال هذه الشبكة الاجتماعية إلى جمهور يبلغ 25 مليون شخص شهريا، في مقابل 10 آلاف فقط قبل 4 أعوام، وفق ما أكد براندمولر.

ولا تتوقف الشعبية عند حدود العالم الافتراضي، بل تترجمها أيضا أرقام الزوار الفعليين، إذ إن المكتبة التي توفر لعشاق صور السيلفي (الذاتية) مادة غنية، استقبلت خلال الصيف الفائت الحد الأقصى من الزوار الذين تستطيع استيعابهم، إذ بيعت 60 ألف تذكرة ما بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول الماضيين.

وكانت المكتبة تسعى إلى الإبهار أصلا منذ افتتاحها عام 1776، في محاولة لمنافسة دير الإسكوريال في مدريد ضمن حركة "الإصلاح المضاد" الكاثوليكية في مواجهة البروتستانت.

ومن أبرز ما يثير اهتمام زوار المكتبة المجموعة المهمة من المخطوطات -أقدمها يعود إلى القرن الثامن- التي نجت بأعجوبة من حريق عام 1865. إلا أن مراجعة هذه الوثائق الثمينة والحساسة غير متاحة إلا للباحثين من دون غيرهم.

وبعيدا من الاعتبارات الفلسفية لمهندس المكتبة يوزف هوبر الذي قال إن "الضوء يجب أن يغمر الفضاء، كما الروح"، يرى البعض أوجه تشابه مع "مكتبة ديزني".

ويعتقد أن "ديزني" استوحت قبل 30 عاما من هذه الأحجام الهائلة، في المشاهد التي أصبحت شهيرة جدا من فيلم الرسوم المتحركة "الجميلة والوحش".

وهذا النشاط اللافت في مجال العلاقات العامة هو الذي جعل دير الرهبنة البندكتية ينال جائزة "ستاتس برييس" (Staatspreis) المرموقة التي تمنحها الحكومة.

وقال شيفرمولر البالغ 41 عاما "بالطبع، جعلتنا المكتبة مشهورين"، مشيرا إلى درج سري يؤدي إلى منصة القراءة، يحلم الآلاف من مستخدمي الشبكات الاجتماعية بالمرور عليه، لكنه أضاف "جوهر الدير كان دائما الكنيسة.

المصدر : الفرنسية