تحت اسم "إرث".. خطاط كويتي يؤسس مجموعة لنشر ثقافة الخط العربي

أسس الخطاط الكويتي علي البداح محموعة "إرث" بهدف نشر ثقافة الخط العربي لدى الأجيال الجديدة.

الفنان علي البداح يتخذ من الخط أنيساً له المصدر: مهداه منه للجزيرة
رحلة الخطاط علي البداح مع الخط عمرها 45 عاما (الجزيرة)

الكويت – منذ نعومة أظفاره تخصص الخطاط الكويتي علي البداح في الخط العربي، وقضى في هذا التخصص ما يقرب من 45 عاما ليزداد تعلقه بهذا الفن يوما بعد يوم، فضلا عن إلمامه بالفنون المصاحبة للخط العربي.

البداح قرر أخيرا تأسيس مجموعة أطلق عليها اسم "إرث" تتخصص في فن الخط العربي والفنون المصاحبة له، من أجل نشر ثقافة هذا الفن بين الشباب خاصة، ويؤكد أن الهدف من مجموعة "إرث" إبراز مواهب وطاقات الشباب الراغبين في التخصص في الخط العربي.
وفي حوار مع الجزيرة نت، استعرض البداح أبرز محطات رحلته الطويلة مع فن الخط العربي، ومحاولاته الحثيثة لنشر ثقافته، وفي ما يأتي نص الحوار:

إحدى لوحاته الفنية المصدر: مهداه منه للجزيرة
إحدى اللوحات الفنية للخطاط علي البداح (الجزيرة)
  •  كيف كانت بداية رحلتك مع الخط العربي؟

منذ صغري كانت لدي اهتمامات فنية بالرسم والموسيقى، وحبي للخط كان بسبب والدي الذي كان يعمل ناظرا لإحدى المدارس، وكان يحب الخط الذي كان يُدرّس في المدارس مع اللغة العربية، وعندما رأيت اهتمام والدي الكبير بدأت أتابع وأبحث في كتب الخط، وأدركت أن الموضوع يحتاج إلى البحث والمتابعة، فكنت أشتري الكتب من مصروفي اليومي، وأصبحت أقضي أغلب وقتي معها.

واكتشفت وجود عوالم كبيرة في هذا الفن من مدارس وأساليب وأساتذة كبار متخصصين، وبعد ذلك أصبحت أزور جميع معارض الكتاب، وقمت بتوسيع مداركي كثيرًا، بالسفر إلى دول أخرى مثل العراق وإيران وتركيا للاطلاع على أعمال بعض الخطاطين أمثال يوسف ذنون ومحمد سيد صقّار ومحمد أوزجاي وجليل رسولي.

وفي سفري إلى الخارج كنت أستفيد من ملاحظات كبار الخطاطين وأتدرب على أيديهم، استفدت منهم كثيرًا، إذ شرحوا لي كثيرا من أسرار فن الخط التي كنت لا أعرفها، وبعد ذلك تكونت لدي معارف كثيرة عن فن الخط العربي، وتكوّن لدي الجانب البحثي والفني المعاصر، وبدأت أشعر بأني أمتلك الخبرة في هذا المجال.

  •  هل الخطاط يحتاج إلى الموهبة أم التدريب ليبلغ المستوى المطلوب؟

أعتقد أن الله عز وجل وهب جميع البشر القدرات نفسها، والإنسان يرفع من قدراته في جانب معين من خلال حبه الشيء، وهذا يدفعه إلى تنمية قدراته فيه، ومن ثمّ فالموهبة لا تكفي وتحتاج إلى التعلم والصقل حتى تظهر وتتطور.

  • ما المواد التي تستخدمها في لوحاتك؟

في أعمالي أستخدم أي مواد يمكن أن تتجاوب مع فن الخط، الأحبار والألوان المائية والأكريليك التي تتوافق مع طبيعة فن الخط العربي، عكس الألوان الزيتية التي يكون التعامل معها صعبًا، والخطاط الذي يحصر نفسه بالأحبار مخطئ لأن في المواد الأخرى جماليات كثيرة.

جائزة السعفة الذهبية في مسقط 2013 المصدر: مهداه منه للجزيرة
الخطاط الكويتي علي البداح (يمين) يتسلّم جائزة السعفة الذهبية في مسقط عام 2013 (الجزيرة)
  •  ما أبرز مشاركاتك المحلية والخارجية؟

مثلت الكويت في العديد من المهرجانات والمعارض الخارجية، في كثير من الدول العربية والقارية والعالمية، لكن أهم إنجاز هو عملان فنّيان في مكتب سمو أمير البلاد الأسبق الشيخ جابر الأحمد الصباح، وذلك عندما أعلنت كلية الفنون التشكيلية عن طلب إحدى الجهات بعض الأعمال الفنية، فتقدمت بـ3 أعمال اقتناها الديوان الأميري كلها، وشاركت في مسابقات محلية في جامعة الكويت ومؤتمر القمة الإسلامية في الكويت، وشاركت في مسابقات معرض دول مجلس التعاون، وعام 2002 حصلت على السعفة البرونزية، وعام 2013 شاركت في ملتقى فناني دول مجلس التعاون في سلطنة عُمان وفزت بالسعفة الذهبية.

كما شاركت في مهرجان طهران الدولي للخط عام 2002 بمشاركة 2100 خطاط من 48 دولة، قدموا 3150 لوحة فنية، ووقع اختياري ضمن أفضل 30 خطاطًا مشاركًا.
وشاركت في معارض ومؤتمرات دولية في الولايات المتحدة عام 1996 في جامعة "هوستل" بنيويورك بورقة بحث وعُرضت أعمالي في متحف الجامعة، كما كانت لي مشاركات في دول عدة مثل ماليزيا وبولندا والبوسنة.

  •  أطلقت مع مجموعة من الخطاطين مجموعة "إرث"، ما الهدف من ذلك؟

قمت مع مجموعة من الخطاطين والمتخصصين بالفنون الإسلامية بإطلاق مجموعة "إرث"، وتهدف إلى إبراز مواهب وطاقات الشباب في الكويت في هذا الفن، والفنون المصاحبة له مثل التذهيب، والزخرفة، والترخيم، وغيرها، وأطلقنا دورات متخصصة للكبار، ودورات للأطفال.

وأردت توحيد جهود الخطاطين في الكويت، فقمت بتأسيس المجموعة وبلغ عددنا 11 خطاطًا (7 رجال و4 نساء)، منهم اثنان متخصصان بفن الإيبرو، وأقمنا أول نشاط في فبراير/شباط 2020 في المكتبة الوطنية قبل تفشي جائحة كورونا، كما أقمنا الشهر الماضي دورات في مركز اليرموك الثقافي التابع لدار الآثار الإسلامية.

والغاية من تأسيس المجموعة نشر ثقافة الخط العربي، فهذا هدفنا الأساسي، فمن الضروري أن يعرف الجميع عن فن الخط العربي، ونريد أن نؤسس نواة لجمعية تدعم أعمالنا ونشاطنا.

  • ما دورك في هذه المجموعة؟

أنا أُعدّ المؤسس والمشرف العام لمجموعة إرث لفن الخط العربي والفنون المصاحبة له، ولدي خبرة كبيرة في مثل هذه الأمور، فقد شغلت مناصب عدة، منها: مشرف الخط العربي والزخرفة بجامعة الكويت سابقًا، وأستاذ الخط العربي والزخرفة الإسلامية في "بيت لوذان"، وأستاذ منتدب لتدريس الخط العربي في كلية التربية الأساسية، والمؤسس والمشرف العام لنادي بيت لوذان للخط العربي والزخرفة، وعضو الجمعية المصرية العامة للخط العربي، والجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، وكذلك عضو مؤسس لمجموعة مثلث الفن " أكي".

 

الفنان علي البداح يطلع على إحدى لوحاته الفنية المصدر: مهداه منه للجزيرة
البداح يطلع على إحدى لوحاته الفنية (الجزيرة)
  • ماذا يعني الخط لعلي البداح؟

الخط العربي هو الأنيس لي، فقد واكبني 45 عامًا، ولم أستطع الابتعاد عنه، رغم معاناتي ومشاكلي بسبب ذلك، والخط هو الفن الذي أجد شخصيتي ومتعتي فيه، ويمثل هويتي العربية والإسلامية، وهو فن مظلوم ويحتاج إلى جهود كبيرة لإعادة توهجه.

  • ما رسالتك لجيل الشباب؟

يجب أن يكون لدى الشباب انتماء إلى تاريخهم وإرثهم الحضاري، فالحضارة التي خلّفت لنا الإبداع يجب أن نتشبث بإرثها ولا نتركه ونركض وراء فنون الحضارات الأخرى، فالخط له أثر كبير حتى في الفنون الغربية، وكثير من الغربيين الذين تعلموا الخط العربي دخلوا في الدين الإسلامي لتأثرهم به.

يذكر أن الخطاط علي البداح له العديد من البحوث في فن الخط العربي، نُشر معظمها في مجلة حروف عربية المتخصصة في فن الخط العربي، كما قام بإعداد وتقديم برنامج "رحلة مع الخط العربي" وعُرض على تلفزيون الكويت عام 2016 وما زال يُعرض حتى الآن.

وقام بإعداد وتقديم 92 حلقة عن فن الخط العربي لتلفزيون الكويت، حملت اسم "سحر الحروف" عام 2019، وأعدّ دراسة كاملة لإنشاء معهد لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية قُدّمت إلى الأمانة العامة للأوقاف عام 1997، وكتب العديد من البحوث والمقالات والتحقيقات في فن الخط العربي والزخرفة، كما أعدّ ملفًّا كاملًا عن فن الخط في دولة الكويت.

المصدر : الجزيرة