هل يمكن للقمر أن يؤثر على نومنا؟ إليك الإجابة من وجهة نظر علمية

أظهرت دراسة سويدية جديدة حول اضطرابات النوم أثناء التعرض للقمر في بداية الليل أنه من بين 852 متطوعا شملتهم الدراسة، وتتراوح أعمارهم بين 22 و81 عاما؛ أثرت الظاهرة على الرجال بشكل أكبر من النساء.

العلماء استنتجوا أن دماغ الرجل أكثر حساسية للضوء من دماغ المرأة (غيتي)

يربط كثيرون بين اكتمال القمر وصعوبات النوم، وحاولت دراسات عدة فهم هذه الظاهرة، لكن معظمها رُفض في الأوساط العلمية بسبب منهجيتها المتحيزة، إذ تستند غالبا إلى شهادات شخصية أو عينة صغيرة من الأشخاص.

وفي تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، تنقل الكاتبة تيفين هونيه عن طبيب النوم كريستوف سورو -الذي قام بجمع الأبحاث الرئيسية حول هذا الموضوع في أطروحة واحدة- أن "هذه الدراسات لم تقدم حتى الآن دليلا قاطعا على تأثير القمر على النوم".

وطرحت مجموعة من الدراسات الأميركية والأرجنتينية -التي نُشرت نتائجها في 27 يناير/كانون الثاني الماضي بمجلة "ساينس أدفانسيس" (Science Advances)- فرضية جديدة تتحدث عن إمكانية "تأثير سطوع القمر على ساعتنا البيولوجية، التي تنظم دوراتنا المكونة من 24 ساعة".

5كان الطفل يشعر بالخوف من الظلام، عدم الاصرار على إطفاء كل المصابيح أثناء النوم، ولكن يمكن استخدام مصباح الإضاءة الخفيفة، ويمكن أيضا ترك باب
فرضية جديدة تتحدث عن تأثير سطوع القمر على ساعتنا البيولوجية (بيكسلز)

نتائج مثيرة

للوصول إلى هذا الاستنتاج، حلل باحثون من جامعتي واشنطن وييل بالولايات المتحدة والجامعة الوطنية في كويلمز بالأرجنتين -باستخدام أجهزة مراقبة المعصم- دورات النوم لنحو 562 شخصا، يعيشون في الريف والمدينة، بالكهرباء أو من دونها.

وبعد عدة أسابيع، وجد العلماء أن المشاركين ذهبوا إلى الفراش في وقت متأخر وناموا بمعدل 46 إلى 58 دقيقة أقل، خلال الأيام الثلاثة إلى الخمسة التي تسبق اكتمال القمر، وهو ما يعني أن ضوء القمر يمكن أن يُفسد النوم تماما مثل الأضواء الاصطناعية.

في هذا السياق، تقول الخبيرة في علم الأحياء الزمني كلير لوكونت إن "هذا الضوء يمر عبر العينين، حتى لو كانتا مغلقتين، وتصل إلى ساعتنا البيولوجية المركزية وتجعلها تعتقد أننا في وضح النهار. يؤدي هذا الاضطراب إلى إبطاء عملية إفراز الميلاتونين (هرمون النوم)، وبالتالي يؤخر وقت النوم".

وتدعم دراسة سويدية جديدة -نُشرت في 15 سبتمبر/أيلول الماضي بمجلة "ساينس أوف ذي توتال إنفايرمنت" (Science of the Total Environment)- هذه الفرضية، مشيرة إلى حدوث اضطرابات النوم أثناء التعرض للقمر في بداية الليل.

المثير أنه من بين 852 متطوعا شملتهم الدراسة، وتتراوح أعمارهم بين 22 و81 عاما، أثرت الظاهرة على الرجال بشكل أكبر من النساء.

وقال علماء الأعصاب -الذين قاموا بالدراسة، في بيان صحفي- "وجدنا أن الرجال الذين تمت مراقبة نومهم خلال ليالي اكتمال القمر أقل استغراقا في النوم، وظلوا مستيقظين وقتا أطول بعد بداية النوم مقارنة بالرجال الذين تم قياس نومهم في الليالي التي سبقت دورة القمر الجديد".

واستنتج العلماء أن دماغ الرجل أكثر حساسية للضوء من دماغ المرأة.

ضوء القمر يؤثر على من يعانون من حساسية الضوضاء والروائح والضوء والمعرضين للأرق (غيتي)

فرط الحساسية والتكيف

وفقا للدكتور سورو، فإن الدراسة الجديدة -رغم أهميتها- لا تثبت بشكل قاطع تأثير ضوء القمر على البشر أثناء النوم، ويقول في هذا السياق إن "ضوء البدر أشبه بإضاءة شمعة على بعد 10 أمتار، يعني أنه ضوء خافت للغاية".

ويعتقد سورو أن ضوء القمر يؤثر أساسا على الأشخاص الذين يعانون من حساسية الضوضاء والروائح والضوء، والمعرضين للأرق، ويؤكد أنه "لم تبحث أي دراسة حتى الآن تأثير القمر على عينة من الأشخاص الذين يعانون بالفعل من صعوبات في النوم".

والسؤال الآخر الذي تطرقت إليه الدراسة: كيف يمكن أن نفسر اضطرابات النوم في المدن الكبيرة عندما ننام في غرف فيها ستائر قاتمة تحجب كل الأضواء؟

ويقول سورو إن "الفرضية الأكثر احتمالا التي طرحها فريق العلماء هي تكيف الإنسان؛ ففي وقت لم توجد فيه الكهرباء، استغل البشر لمعان القمر في الأيام التي تسبق اكتماله حتى يتمتعوا بضوئه ليلا".

المصدر : لوفيغارو