عيد الربيع الصيني بماليزيا.. ترف يحاكي زمن الأباطرة

سناء نصر الله- الجزيرة نت- كوالالمبور - الألوان الحمراء والذهبية تصبغ كل ما تقع عليه العينان
الألوان الحمراء والذهبية تصبغ كل ما تقع عليه العينان (الجزيرة)

سناء نصر الله-كوالالمبور

اكتست العاصمة الماليزية كوالالمبور بحلة مترفة ذات طابع صيني يحاكي زمن الأباطرة فخامة وروعة، فالألوان الحمراء والذهبية تصبغ كل ما تقع عليه العينان، والرسومات الخرافية تنتشر في كل مكان معلنة بدء الاستعدادات لاستقبال عيد الربيع الصيني.

المصابيح الصينية بزخرفتها ونقوشها الجميلة تضيء ليل كوالالمبور لتضفي عليه لمسات حالمة تنقلنا بسحرها إلى حيث نشأتها عبر عصور مضت.

تبدأ الاستعدادات لاستقبال عيد الربيع الصيني أو ما يعرف برأس السنة الصينية بماليزيا من بداية يناير/كانون الثاني، وتستمر الاحتفالات حتى منتصف فبراير/شباط، ويتغير التقويم في كل عام نظرا لأن الصينيين يتبعون التقويم القمري.

أسماء السنوات
وتمنح كل سنة صينية اسم حيوان وفقا لترتيب الأبراج الصينية التي رتبت حسب الأسطورة الصينية المتعلقة بولادة بوذا، إذ تخلفت الحيوانات عن الاحتفال عدا 12 منها.

‪اللونان الأحمر والذهبي يصبغان الحياة خلال عيد رأس السنة‬ (الجزيرة)
‪اللونان الأحمر والذهبي يصبغان الحياة خلال عيد رأس السنة‬ (الجزيرة)

فقد حضر الفأر يمتطي ظهر الثور فقز وجاء بالمقدمة، وجاء بعده على الترتيب الثور والنمر والأرنب التنين الأفعى الحصان الماعز القرد الديك الكلب وأخيرا الخنزير الذي يعتبر رمز الكسل والطيبة والثراء، أما صاحب هذا البرج حسب اعتقادهم فهو شخص طيب خلوق فنان حدسي ينظر للحياة بطريقة روحيه لا يتمتع بالذكاء لكنه شخص قادر على جني المال والقيادة.

ويرتكز علم التنجيم الصيني على هذه الأبراج ورمزية كل حيوان وما سيحدث في حياة الشخص من هذا البرج خلال السنة من حظوظ على الأصعدة المادية والعاطفية والصحية.

الألوان ومدلولاتها
تأتي رمزية من الميثولوجيا الصينية، وفيها يرتبط اللون الأحمر مثلا بأسطورة الوحش النيان الذي كان يخاف هذا اللون والضوء والضوضاء، ومن هنا استخدم الصينيون اللون الأحمر لطرد الأرواح الشريرة.

ويقول كايسون لي للجزيرة نت إن الصينيين يضعون على أبواب بيوتهم القصاصات الورقية والمصابيح الحمراء، ويستخدمون الطبول والألعاب النارية في احتفالاتهم لطرد الأرواح الشريرة.

أما عن اللون الذهبي فتقول ميمي لوينغ -وهي صاحبة أحد المتاجر في كوالالمبور- إن الناس قديما كانوا يستخدمون الذهب بدل النقود الورقية فأصبح اللون الذهبي رمز الثراء، وإن ما ينشده الصينيون أكثر من الحظ وهو الرفاه والازدهار والصحة الجيدة.

‪حلوى الأباطرة المفضلة لدى الصينيين في ماليزيا‬ (الجزيرة)
‪حلوى الأباطرة المفضلة لدى الصينيين في ماليزيا‬ (الجزيرة)

أما اللون البرتقالي فهو لون السعادة والوفرة، ويحرص الصينيون على وضع أشجار البرتقال والمندرين أمام بيوتهم حتى يحظوا بالسعادة والخير.

رقصات العيد
خلال الاحتفالات يحرص الصينيون على جلب فرق الرقص في الميادين والمجمعات السكنية والأسواق، ويقدم الراقصون عددا من الرقصات، أهمها رقصة الأسد، حيث يرتدي راقصان لباسا تنكريا على شكل أسد أسطوري.

وتعتمد هذه الرقصة على الإمتاع وإظهار مهارة الراقصين الذين يشترط أن يتمتعوا بلياقة بدنية عالية، وأن يكون ممن يمارس الجمباز أو الأكروبات أو أحد الفنون القتالية كالووشو والكونغ فو.

وتعلق للراقصين ظروف حمراء على ارتفاعات مختلفة ليلتقطوها أثناء الرقص، وكل ما علا الظرف زادت قيمة النقود داخله، ويحرص الصينيون في ماليزيا على تعليم أولادهم هذه المهنة على الرغم من خطورتها.

أما رقصة التنين فيشترك فيها عدد من الراقصين يختبئون تحت هيكل تنين مزخرف مصنوع خصيصا لهذه الاحتفالات، ويعتمد عدد الراقصين على طول التنين، وأحيانا يصل إلى نحو مئة راقص وراقصة.

والصعوبة في هذه الرقصة تكمن في تأدية الحركات الجماعية وانسجامها، وكلما زاد طول التنين يزداد الحظ، أما القصص التي تتناولها رقصة التنين فتتحدث عن العزة والكرامة، ويرافق هذه الرقصات قرع الطبول والموسيقى الصينية الشعبية، مما يضفي أجواء من البهجة والمرح.

حلوى الأباطرة
تقدم في هذه الاحتفالات حلوى خبز التنين، ويقول ويتسون -وهو صاحب محل حلوى- إنها المفضلة في ماليزيا، وسميت بهذا الاسم لأنها صنعت للإمبراطور الصيني، والتنين رمز القوة والعظمة.

ويضيف ويتسون للجزيرة نت أن الماليزيين يقبلون على شرائها والتمتع بطريقة عملها، إذ يتم تمديد السكر وتحويله إلى شعيرات رفيعة مثل غزل البنات، ثم يوضع الفول السوداني ويلف بطريقة تشبه لفافات الحرير، كما تقدم أنواع أخرى من الحلوى المصنوعة من الأرز والعسل.

‪ملابس تنكرية على شكل أسد وتنين أسطوريين في كوالالمبور‬ (الجزيرة)
‪ملابس تنكرية على شكل أسد وتنين أسطوريين في كوالالمبور‬ (الجزيرة)

رسوم ورموز
وتتنوع أشكال الزينة المستخدم في احتفالات رأس السنة الصينية، وتحتوي على رسومات للحيوانات وأخرى للزهور، ولكل من هذه الرسوم رمزيتها، فطائر الفينيق يرمز إلى الحماية والبركة، أما زهرة الفوانيا التي يحبها الصينيون فترمز إلى العظمة والثروة والازدهار، أما زهرة اللوتس -التي يعتقد أن بوذا ولد منها- فترمز إلى النزاهة والنبل، في حين يرمز طائر الكركي إلى طول العمر، وترمز زهرة السكورا إلى الأنوثة والشغف والقوة.

ويحتفل الصينيون في ماليزيا بشكل جماعي في الأحياء السكنية ويفتحون بيوتهم لاستقبال الزائرين من جميع الأعراق ويتهادون فيما بينهم، ويحرصون على تقديم صناديق البرتقال والمندرين، ويقدم المتزوجون ظروفا حمراء تحتوي نقودا لغير المتزوجين وللأطفال، ولا تفتح إلا في يوم العيد لطرد الأرواح الشريرة.

ومن العادات الغربية الخاصة بالصينيين الماليزيين عادة "ييه سانغ" وهي رمية سلطة السمك النيئ في الهواء، وكلما علت الرمية وتناثرت يكون الحظ أوفر، كما أنهم لا يغسلون رؤوسهم في يوم العيد ولا ينظفون الأرض حتى لا يذهب الحظ، ويرتدي الشخص الذي يولد في نفس سنة البرج اللون الأحمر ليجلب له الحظ السعيد.

بيع الحلوى يلقى رواجا خلال الأعياد في ماليزيا(الجزيرة)
بيع الحلوى يلقى رواجا خلال الأعياد في ماليزيا(الجزيرة)
المصدر : الجزيرة