الذبيح بوسليماني.. جزائري حارب الاحتلال والتطرف

محمد بوسليماني - الموسوعة

محمد بوسليماني مجاهد وداعية جزائري، حارب الاحتلال الفرنسي أيام الثورة، ونشط في صيانة الهوية العربية والإسلامية، وعرف برفضه نهج الحكومات الاشتراكية، وقدم حياته ثمنا لمعارضته الغلو واستباحة دماء المواطنين.

المولد والنشأة
ولد محمد بوسليماني في الخامس من مايو/أيار 1941 في مدينة البليدة (شمالي الجزائر)، ونشأ في أسرة مجاهدة قدمت 14 شهيداً خلال ثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي.

الدراسة والتكوين
حفظ القرآن الكريم وتلقى تعليمه الأولي في مدرسة الإرشاد بالبليدة، حيث تعرف على رفيق دربه الشيخ محفوظ نحناح.

الوظائف والمسؤوليات
عمل قائدا ميدانيا أيام الثورة الجزائرية، وترأس جمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية الخيرية، كما كان موجها دينيا بوزارة الشؤون الإسلامية.

التوجه الفكري
أكّد استلهام نهج شهداء الجزائر في عمله الدعوي والتربوي بقوله "إن خطّتنا تسير على المنهاج الذي مات عليه شهداء الجزائر". وكثيرا ما دعا إلى الحوار الهادئ ونبذ التطرّف الفكري والعنف بجميع أشكاله.

ترأس جمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية، ونفذ أنشطة تربوية ودعوية، وأنشأ كتاتيب لتعليم القرآن الكريم وورشا مهنية، واعتنت هذه الجمعية باليتامى وإطعام الصائمين وكفالة المحتاجين وفتحت فروعاً لها في العديد من ولايات الجزائر.

التجربة السياسية
عندما اندلعت ثورة الجزائر في خمسينيات القرن العشرين، التحق بوسليماني بميادين الجهاد رغم حداثة سنه آنذاك.

عمل بوسليماني تحت قيادة المجاهد الكبير رابح عمران، وكلف لاحقا بدعم المجاهدين في الجانب المعلوماتي والمالي والتجنيد.

وبعد الاستقلال عارض بوسليماني الخط الأيديولوجي الاشتراكي الذي انتهجته الحكومات الجزائريّة ورفض "ميثاق 1976".

وقدم بوسليماني وزملاؤه بياناً بعنوان "إلى أين يا بومدين"؟ ويطالب بتبني الإسلام عقيدة وشريعة ومنهاج حياة.

بعد خروجه من السجن قال "لم نكن نادمين على جهادنا من أجل تحرير الوطن، ولكنها كانت ساعات عصيبة مررنا بها عندما وجدنا أن الوطن الذي حررناه من أجل حرية الإنسان له زنازين يوضع فيها ويعذب فيها المجاهدون".

وكان شديد التأثر بما وقع للجزائر في محنتها الدموية، ودعا إلى الصلح، وصدح بأن الخلاف بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد لا يحل بالعنف، بل بالحوار والمحبة والتراحم.

وتكوّنت على يديه رائدات في العمل الاجتماعي والتربوي، وقدّم مساعداته المادية والمعنوية لطلاب العلم في الجزائر وخارجها.

عرفت ساحة الدعوة الإسلامية الشهيد بوسليماني خطيبا ومدرّساً بمساجد الجزائر، حيث عمل موجها دينيا بوزارة الشؤون الإسلامية منذ 1981.

وكان بوسليماني أحد الفاعلين الأساسيّين في المسيرة المليونيّة النسويّة للدفاع عن أصالة قانون الأسرة.

وأسهم في كثير من الحوارات السياسيّة مع الأحزاب والفعاليات والسلطة أثناء الأزمة السياسية الجزائرية وقبلها.

اشتهر بوسليماني بمحاربة الآفات الاجتماعيّة كالخمر والمخدرات وتنفيذ أنشطة تربوية وترفيهية لصالح الشباب والأسرة.

وخارج الجزائر اهتم بوسليماني بالقضيّة الفلسطينية، وكان يعدّها القضية العقيديّة المركزيّة لأمّة العرب والمسلمين.

وزار المسلمين في البوسنة والهرسك واهتم بالأقليات الإسلاميّة في بلاد الغرب، إذ كان يزورها ويدعمها لتتمسك بهويتها ودينها.

الوفاة
في فجر الجمعة 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1993 اقتحمت مجموعة متطرفة منزل بوسليماني واختطفته. وتقول المصادر إن خاطفيه طلبوا منه إصدار فتوى تبيح قتل المخالفين، لكنه أصرّ على حرمة الدم المسلم فذبحوه بالسكين.

وعثرت قوات الأمن على جثة بوسليماني في 28 يناير/كانون الثاني 1994، ودفن في مقبرة الدردارة بالبليدة.

المصدر : الجزيرة