عُمان تفعّل برنامجا وطنيا للتبرع بالأعضاء وزراعتها للمرضى المحتاجين

لا يوجد مصدر للأعضاء البشرية إلا الإنسان نفسه، ولا يمكن أخذ هذه الأعضاء منه إلا بموافقته الاختيارية في حال حياته أو موافقة وليه بعد وفاته، ولا يجوز أخذ هذه الأعضاء بمقابل مادي أيا كان نوعه.

عندما يصل القلب إلى الفشل الكلي في أداء عمله، يكون الحل الوحيد هو زراعة قلب بشري آخر للمريض (شترستوك)

"لقد أنقذوني وأعادوا لي الحياة من جديد"، بهذه الكلمات تصف الطفلة العُمانية آية بنت إبراهيم البوسعيدية تجربتها بعد عملية زراعة قلب لها في أحد مستشفيات فرنسا من متبرع متوفى دماغيا في المستشفى نفسه.

الحلّ في زراعة قلب بشري

تقول آية وهي تسرد تجربتها للجزيرة نت: أخبرنا الدكتور قبل 3 سنوات، في 9 مارس/آذار 2020، أن عضلة قلبي ضعيفة جدا وقوة القلب وصلت إلى أقل من 20% عن الوضع الطبيعي، وذلك بعد عدة فحوصات وتحاليل، كانت أول الحلول لمعالجة ذلك الأدوية، لكنها لم تعط النتيجة، فكان الحل التالي زراعة جهاز منظم لدقات القلب ويساعد عضلة القلب في حالة توقفت عن العمل.

وتتابع حديثها: ساعدني الجهاز لفترة قصيرة ثم عادت معاناتي من احتباس السوائل في جسدي وبشكل أكبر، وأصبح جسدي لا يستجيب للأدوية، وأخبرني الأطباء أن قلبي وصل إلى الفشل الكلي في أداء عمله، وأن الحل الوحيد هو زراعة قلب بشري من متبرع ميت دماغيا. كان هذا القرار مفاجئا ومحبطا لنا جميعا، لعدم وجود متبرع وعدم إجراء هذا النوع من العمليات في سلطنة عُمان".

وتضيف "منحني حساب الدكتور حمد الكلباني -وهو طبيب عُماني، زميل قسم جراحة القلب في جامعة السوربون بباريس- بصيص الأمل الذي أحيا روحي من جديد، وذلك بعد تواصل والدتي معه، حيث أخبرها أنه سيحاول بكل الطرق إدخالي في القائمة الوطنية لزراعة الأعضاء في فرنسا عن طريق الاستثناء، وبالفعل حصلت على الموافقة كونه أحد جراحي زراعة القلب في المستشفى، حيث لا يسمح بدخول غير الفرنسيين في القائمة. لن أنسى السعادة التي أحسست بها، فقد كنت فاقدة للأمل".

الطفلة آية بعد زراعة قلب: لقد أنقذوني وأعادوا لي الحياة من جديد (الجزيرة)

البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء

عملية زراعة قلب للطفلة آية هي واحدة من عمليات زراعة الأعضاء التي أصبحت تجرى بصفة دورية في كثير من دول العالم، مانحة أملا جديدا في الحياة لملايين المرضى المدرجين في قوائم الانتظار.

وقد نظمت الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء "المسيرة السنوية الأولى للتبرع بالأعضاء"، وتأتي ضمن الاحتفال باليوم العماني للتبرع بالأعضاء الذي يوافق 19 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، وفيه تم إجراء أول عملية زراعة كلية من متبرع متوفى، وتهدف المسيرة إلى توعية المجتمع بأهمية التبرع بالأعضاء من أجل إعطاء أمل جديد لمرضى الفشل العضوي.

وفي تصريحه للجزيرة نت، قال الدكتور أحمد بن سعيد البوسعيدي، مدير البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء ورئيس الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء إن عمليات زراعة الأعضاء تحقق نجاحات متسارعة في العقود الأخيرة، وقد بدأت بزراعة الكلى عام 1954 ثم الكبد عام 1967، وبعدها بدأت زراعة الأعضاء من المتوفين مثل زراعة القلب والرئة 1981.

وأضاف أن عدد المرضى الذين أجريت لهم عملية زراعة كلى في سلطنة عُمان بلغ 325، منها 19 عملية زراعة كلى من متوفين، كما بلغ عدد المرضى الذين أجروا عملية زراعة كبد 22 مريضا وتبرع لهم أحد أقربائهم.

وتابع الدكتور أحمد بن سعيد البوسعيدي أن النقص الشديد في الأعضاء البشرية يعتبر أهم تحد يواجه أي برنامج لزراعة الأعضاء، حيث لا يوجد مصدر للأعضاء البشرية إلا الإنسان نفسه، ولا يمكن أخذ هذه الأعضاء منه إلا بموافقته الاختيارية في حال حياته، وموافقة وليه بعد وفاته، ولا يجوز أن يكون أخذ هذه الأعضاء بمقابل مادي أيا كان نوعه، حيث تجرّم قوانين سلطنة عمان والقوانين الدولية كافة أنواع الاتجار بالأعضاء البشرية.

وزارة الصحة العُمانية فعّلت برنامج التبرع بالأعضاء بعد الوفاة من خلال تطبيق شفاء

ثقافة التبرع بالأعضاء

وعن الجهود التي تبذلها وزارة الصحة في سلطنة عُمان للتوعية بثقافة التبرع بالأعضاء، قال الدكتور البوسعيدي إن وزارة الصحة العُمانية فعّلت برنامج التبرع بالأعضاء بعد الوفاة من خلال تطبيق شفاء، وبلغ عدد المسجلين فيه 7092 متبرعا، وهذا سيساعد في إجراء مزيد من عمليات زراعة الأعضاء للمرضى في قائمة الانتظار خصوصا من لا متبرع لهم.

وتسعى الرابطة العُمانية لزراعة الأعضاء إلى نشر ثقافة التبرع بالأعضاء بين أفراد المجتمع، من خلال تنظيم مختلف الفعاليات المجتمعية، وحساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، كما تعمل بالتعاون مع البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء في وزارة الصحة على المساهمة في تأهيل الكوادر الطبية، من خلال عقد محاضرات وندوات علمية في مجال التبرع وزراعة الأعضاء.

الشروط القانونية والطبية للتبرع

وتحدث الدكتور أحمد البوسعيدي عن القوانين المنظمة للتبرع بالأعضاء وزراعتها في سلطنة عُمان، قائلا: حددت اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 179/2018 شروط التبرع بالأعضاء البشرية أثناء الحياة، وكذلك بعد الوفاة، حيث نصت المادة (4) على شرطين للمتبرع الحي، وهما:

  1. أن يكون بالغا سن الرشد، وكامل الأهلية.
  2. أن يكون على صلة قرابة مع المتبرع له حتى الدرجة الرابعة، على أنه يجوز التبرع لغير الأقارب إذا كان المتبرع له في حاجة ماسة للزرع، شريطة موافقة اللجنة.
الجهات المختصة وضعت لائحة قانونية لتنظيم نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية فضلا عن الشروط الطبية (غيتي إيميجز)

كما نصت المادة 10 على شرطين للتبرع من المتوفي، وهما:

  1. وجود وصية مكتوبة، واستثناء من ذلك يجوز نقل عضو أو نسيج بشري من الميت بموافقة ولي أمره.
  2. أن يثبت الموت بشكل نهائي على وجه اليقين، وذلك وفقا لحكم المادة (11) من هذه اللائحة.

بالإضافة إلى شروط طبية تضمن سلامة المتبرع وعدم تأثره بعملية التبرع بأي شكل من الأشكال، حيث تجرى للمتبرع العديد من الفحوص المخبرية والإشعاعية للتأكد من أنه لا يعاني من أية أمراض قد تتأثر بعملية المتبرع.

المصدر : الجزيرة