فيروس كورونا يمكن أن يدمر المشيمة ويقتل الجنين خنقا.. وعالم روسي يحذر المتعافين

العلماء قالوا إن فيروس كورونا اكتُشف أيضا في بعض الأجنة، لكن الأدلة على الاختناق في الرحم تشير إلى تلف المشيمة باعتباره السبب الأكثر احتمالا للوفاة

ما تأثير فيروس كورونا على المشيمة؟ وما التغيرات التي يحدثها فيها؟ وكيف يؤثر على القلب والأوعية الدموية؟ وما التحذير الذي أطلقه البروفيسور الروسي يوري سيريبريانسكي للمتعافين من كورونا؟ الإجابات في هذا التقرير الشامل.

فيروس كورونا يمكن أن يدمر المشيمة ويقتل الجنين خنقا

توصلت دراسة حديثة إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يدمر المشيمة ويؤدي إلى ولادة جنين ميت (الإملاص)، إذ يستطيع أن يغزو المشيمة ويدمرها ويؤدي إلى ولادة جنين ميت عند النساء المصابات.

وتبيّن أن النساء المصابات بـ"كوفيد-19″ يواجهن مخاطر عالية لهذه الحالات. وتعتقد السلطات أن التطعيم يمكن أن يساعد في منع هذه الحالات.

وحلل الباحثون حالات من 12 دولة، وتضمنت جميع الحالات نساء غير محصنات أصبن بـ"كوفيد-19″ أثناء الحمل. وقاد الدراسة الدكتور ديفيد شوارتز اختصاصي علم الأمراض في أتلانتا، ونشرت يوم الخميس في دورية أرشيف علم الأمراض وطب المختبرات (Archives of Pathology & Laboratory Medicine)، وكتب عنها موقع "إيه بي سي نيوز" (abcnews) ووكالة "أسوشيتد برس" (The Associated Press).

قال شوارتز إن هناك حالات عدوى يمكن أن تتسلل إلى المشيمة وتسبب ولادة جنين ميت عادة عن طريق إصابة الجنين وإلحاق الضرر به، ومن الأمثلة الحديثة على ذلك فيروس زيكا. وأراد شوارتز وزملاؤه معرفة ما إذا كان هذا هو الحال مع حالات الإملاص لدى النساء المصابات بـ"كوفيد-19″، لكن ما وجدوه كان عكس ذلك تقريبا؛ كانت المشيمة هي التي أصيبت بالعدوى ودُمّرت على نطاق واسع.

كورونا حوّل المشيمة إلى اللون القاتم

قال شوارتز "كثير من هذه الحالات تسببت في تدمير أكثر من 90% من المشيمة، وهو أمر مخيف للغاية".

نسيج المشيمة الطبيعي إسفنجي ويمتلك لونا ضاربا إلى الحمرة، وكانت العينات التي درسوها صلبة مع تلون قاتم للأنسجة الميتة.

وفي حين أن الالتهابات الأخرى يمكن أن تلحق الضرر بالمشيمة في بعض الأحيان، قال شوارتز إنه لم يسبق له أن شاهد مثل هذا الدمار المستمر والواسع النطاق في المشيمة.

المشيمة توفر الأكسجين للجنين

المشيمة عضو يتشكل ويلتصق بالرحم أثناء الحمل، ويتصل بالحبل السري ويوفر الأكسجين والغذاء من مجرى دم الأم.

ومن المحتمل أن فيروس كورونا وصل إلى المشيمة عبر مجرى الدم متصلا بالخلايا الحساسة، وتسبب في ترسب البروتين وشكل غير عادي من الالتهاب الذي يمنع تدفق الدم والأكسجين. وقال الباحثون إن هذا أدى بدوره إلى موت أنسجة المشيمة والاختناق.

وقالوا إن فيروس كورونا اكتُشف أيضا في بعض الأجنة، لكن الأدلة على الاختناق في الرحم تشير إلى تلف المشيمة باعتباره السبب الأكثر احتمالا للوفاة.

ووجد تقرير صادر عن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه من بين الحوامل المصابات بـ"كوفيد-19″ في الولايات المتحدة حدثت حالة ولادة ميتة واحدة (أي فقدان الجنين في أي وقت بعد 20 أسبوعا) من كل 80 حالة ولادة، هذا بالمقارنة مع حالة واحدة من 155 بين النساء غير المصابات.

حدثت حالات الإملاص في الدراسة في المتوسط ​​عند 30 أسبوعا، علما أن الحمل الطبيعي يستمر نحو 40 أسبوعا.

ومن غير الواضح ما إذا كانت عدوى أوميكرون تزيد أيضا من فرص الإملاص، وأجريت الدراسة قبل ظهور هذا النوع الشديد العدوى.

من جهته، قال الدكتور جيفري غولدشتاين، اختصاصي علم الأمراض في كلية الطب بجامعة نورث وسترن، إن الدراسة تدعم الأدلة من تقارير الحالات الصغيرة، وتؤكد أن تلف المشيمة هو السبب المحتمل للعديد من حالات الإملاص المرتبطة بـ"كوفيد-19″ وليس إصابة الجنين.

"كوفيد-19" يزيد خطر أمراض القلب

توصلت دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بـ"كوفيد-19″ لديهم خطر متزايد للإصابة بأمراض القلب بعد 12 شهرا من الإصابة، وهو خطر كبير ويمتد إلى مجموعة من اضطرابات القلب والأوعية الدموية. ونقل الدراسة موقع "ويب ميد" (webmd) وصحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية.

وقال الباحث الدكتور زياد العلي "إنه واضح في الأشخاص المعرضين لخطر كبير، ولكنه أيضا واضح حتى في الأشخاص الذين ليست لديهم مخاطر قلبية وعائية على الإطلاق".

وعلى الرغم من أن مشاكل القلب كانت أعلى في حالات "كوفيد-19" الشديدة فإن المخاطر والأعباء وجدت أيضا في المرضى الذين لم يدخلوا المستشفى مطلقا، وهي مجموعة تمثل أغلب الأشخاص المصابين بـ"كوفيد-19″، كما يقول العلي.

من جهته، يقول طبيب القلب سي. مايكل جيبسون، أستاذ الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد، "هذه الدراسة مهمة جدا لأنها تؤكد ليس فقط المخاطر القلبية الوعائية الحادة المرتبطة بكوفيد-19، ولكن أيضا زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المزمنة. وبالنظر إلى عدد المرضى في الولايات المتحدة الذين أصيبوا بكوفيد-19 يمكن أن يمثل هذا عبئا مزمنا كبيرا على نظام الرعاية الصحية، لا سيما أن مهنيي الرعاية الصحية يتركون المهنة".

كورونا يزيد خطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية

ووجدت الدراسة التي نشرت في مجلة "نيتشر ميديسين" (Nature Medicine) أن خطر تسجيل حدث قلبي كبير، بما في ذلك النوبة القلبية والسكتة الدماغية والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، كان أعلى بنسبة 4% لدى الأشخاص المصابين بـ"كوفيد-19″.

ويضيف العلي "يقول الناس إن 4% نسبة صغيرة لكنها في الحقيقة كبيرة حقا إذا فكرت في الأمر في سياق العدد الهائل من الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد-19 في الولايات المتحدة وأيضا على مستوى العالم".

ونصح البروفيسور فرانك بوكارا، طبيب القلب في مستشفى سانت أنطوان، في تصريح للوفيغارو، بمتابعة المرضى الذين تطلبت إصابتهم بكوفيد نقلهم إلى المستشفى، بإخضاعهم لفحوص القلب والأوعية الدموية طوال عام إلى جانب الفحص السريري وتخطيط كهربائية القلب وتخطيط صدى القلب.

ومن المعروف أن فيروس "كوفيد-19″ يدخل الجسم عن طريق التشبث بـ"مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2" (Angiotensin-converting enzyme 2 receptors) على سطح الخلايا، وهذه المستقبلات موجودة أيضا في القلب، لذلك يمكن للفيروس أن يخترق خلايا القلب لتدميرها، وذلك يزيد من خطر حدوث مضاعفات تشمل قصور القلب وعدم انتظام دقاته، كما يمكن للفيروس أن يتسبب في حدوث مشاكل على مستوى الشرايين التي تغذي القلب أو الدماغ أو الرئتين، ويؤدي إلى حدوث احتشاء أو جلطة أو انسداد رئوي.

كورونا قد يسبب ظهور أمراض جديدة لدى المتعافين

ننتقل إلى روسيا، حيث أعلن البروفيسور يوري سيريبريانسكي، اختصاصي الأمراض الباطنية، أن مرض "كوفيد-19" يمكن أن يحفز ظهور وتطور أمراض خطيرة مختلفة.

وأشار البرفيسور الروسي، في حديث إلى راديو "سبوتنيك" نقله موقع روسيا اليوم، إلى إن عدوى فيروس كورونا، لا تكتفي بإلحاق أضرار بالجسم فقط، بل يمكن أن تحفز الإصابة بأمراض أخرى.

وأوضح أن اضطراب عمل منظومة المناعة والضعف العام الناجم عن الإصابة بعدوى كورونا المستجد يفسح المجال للإصابة بعدوى فيروسية أخرى.

وقال "غالبا ما يكون جلد من يعاني من كوفيد-19 رطبا نتيجة التعرق بسبب ارتفاع درجة الحرارة. هذه الحالة يمكن أن تسبب الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا والالتهاب الرئوي الفيروسي وغيرها. أي فيروس يحل محل آخر".

وأكد أن الإصابة بكورونا تسبب ضعف الجهاز العصبي ومنظومة المناعة، وذلك قد يؤدي إلى تفاقم أمراض المناعة الذاتية التي يعاني منها المريض فعلا، و"إذا كان المريض يعاني من أمراض الروماتيزم وأمراض الجهاز التنفسي، فيمكن أن تتحول هذه الأمراض إلى أمراض مزمنة".

المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الروسية + لوفيغارو + مواقع إلكترونية