مسلمو سريلانكا.. تحريض واضطهاد بوذي

Muslim men attend Eid al-Fitr prayers to mark the end of the holy fasting month of Ramadan in Colombo, Sri Lanka June 26, 2017. REUTERS/Dinuka Liyanawatte
تقديرات رسمية تشير إلى أن عدد مسلمي سريلانكا يبلغ 10% (رويترز)

يحظى المسلمون في سريلانكا بحضور ثقافي وسياسي، ولكنهم يتعرضون للاضطهاد وتستهدف أرواحهم وأملاكهم من قبل جماعات بوذية متطرفة، تقوم بالتحريض ضدهم على غرار ما يقوم به نظرائهم البوذيون في ميانمار، حيث يرتكبون جرائم فظيعة ضد مسلمي الروهينغا.

وارتبط وصول الإسلام إلى سريلانكا بوصوله إلى الهند وجزر إندونيسيا، ووفد إلى هذا البلد في نهاية القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني مسلمون من التاميل الهنود ومسلمون من الملايو وإندونيسيا.

وتتباين الأرقام بشأن عدد مسلمي سريلانكا، ففي حين تؤكد إحصائيات رسمية نشرت عام 2012 أنهم يشكلون نحو 10% من عدد السكان البالغ 21 مليون نسمة، تقول مصادر الوكالات إنهم يشكلون 7% من عدد السكان، إلا أن المسلمين يعتقدون بأن نسبتهم أكثر من ذلك.

وبحسب مختلف المصادر الإخبارية، يشكل البوذيون 70% من سكان سريلانكا، في حين يشكل المنتمون لعرق التاميل، الذين يدين أغلبهم بالهندوسية، نحو 13%. 

يعيش أغلب المسلمين في شرق ووسط سريلانكا، خاصة في منطقة كاندي (وسط)، ويقدر عدد مساجدهم بألفي مسجد موزعة على المدن والقرى المهمة التي ينتشرون فيها، كما أن لهم مدارس ومعاهد إسلامية خاصة، وتشير بعض المصادر إلى أنهم يعتبرون الفئة الأكثر تعليما في البلاد.

حضور ومعاناة
بخلاف مسلمي الروهينغا المحرومين من حقوقهم في ميانمار، يشارك المسلمون في سريلانكا في الحياة السياسية، ولهم ممثلون في البرلمان والوزارات، ولهم هيئات تمثلهم على غرار المجلس الإسلامي السريلانكي الذي يضم ممثلين من المجتمع المدني.

غير أن المسلمين في سريلانكا يتعرضون رغم ذلك للإقصاء، وتستهدف مساكنهم ومتاجرهم ومساجدهم، وعانوا بشدة من الحرب بين التاميل والسنهال خلال الفترة بين عامي 1983 و2009، إذ قامت حركة التمرد التاميلية حينذاك بتشريد أكثر من سبعين ألف مسلم من شمال البلاد.

 
وفي مارس/آذار 2006، قتل أربعة مسلمين وأصيب آخرون بجروح في انفجار قنابل يدوية ألقاها مجهولون على مسجد مدينة أكاراباتو التي تبعد 350 كيلومترا شرق العاصمة كولومبو، حيث كان مئات الأشخاص يصلون.

كما شن بوذيون هجمات عنيفة على مسجد بأحد أحياء العاصمة في أغسطس/آب 2013، مما جعل المسلمين يغلقون المسجد وينقلون مكان عبادتهم إلى مسجد قديم.

وتجددت أعمال العنف التي استهدفت المسلمين في يونيو/حزيران 2014، مستهدفة منطقتين سياحيتين ساحليتين تسكنهما أغلبية من المسلمين، ووقف وراءها بوذيون، أدت إلى مقتل أربعة أشخاص وإحراق مئات المنازل والمحلات.

وفي عام 2017، تم تنفيذ أكثر من عشرين هجوما على المسلمين على مدى شهرين في منطقة "جينتوتا" على بعد 115 كيلومترا جنوب العاصمة، تضمنت إحراق شركات يملكها مسلمون وهجمات بقنابل بنزين على المساجد.

وفي بداية مارس/آذار 2018، دُمرت منازل ومتاجر مملوكة للمسلمين في منطقة كاندي على خلفية اشتباكات بين بوذيين ومسلمين أدت إلى سقوط قتلى، ودفعت السلطات لإعلان حالة الطوارئ.

واندلعت الأحداث بعد أن هاجمت مجموعة من شباب المسلمين سائق شاحنة ينتمي للطائفة البوذية من العرقية السنهالية، بعد وقوع حادث مروري، وهو ما أدى إلى مقتله في منطقة ديجانا، وقتل شاب مسلم في السابع من مارس/آذار 2018 بعد تعرضه للاختناق جراء احتراق منزل في المنطقة نفسها.

من يستهدف المسلمين؟
تتهم قيادات مسلمة متطرفين بوذيين بالمسؤولية عن هذه الهجمات التي تستهدف المسلمين، حيث يروج هؤلاء إلى أن المسلمين يسيطرون على معظم الأعمال التجارية بالبلاد، ويحاولون الهيمنة ديموغرافيا عن طريق زيادة معدل مواليدهم وتعقيم السنهاليين والبوذيين سرا.

وخلال الأحداث التي جرت في مارس/آذار 2018، أعلنت الشرطة في سريلانكا أنها اعتقلت أشخاصا ينتمون لجماعة بوذية متشددة، وقالت إن الجماعة نشرت تسجيلات مصورة تتضمن عبارات تحض على الكراهية ضد المسلمين.

وفي أبريل/نيسان 2013، حمّلت "المنظمة الألمانية للدفاع عن الشعوب المهددة" حركة "القوى البوذية" -ذات التوجهات القومية البوذية المتطرفة- مسؤولية ما جرى من اعتداءات وتحريض على مسلمي سريلانكا، ونوهت إلى أن هذه الحركة المسماة اختصارا "بي بي أس" تتبني شعار سريلانكا للبوذيين، وتطالب بعزل الأقلية المسلمة، كما أنها أطلقت عبر شبكة فيسبوك دعوات لرفض العادات والتقاليد الإسلامية في سريلانكا، خاصة الأطعمة الحلال وحجاب النساء.

تجدر الإشارة إلى أن مئات من الرهبان البوذيين والنشطاء نظموا تظاهرة في العاصمة كولومبو في التاسع من مارس/آذار 2018 تنديدا بأعمال العنف التي طالت مسلمين، وقالت جبهة بيكو القومية إنها دعت للتظاهرة الصامتة احتجاجا على "الاشتباكات الطائفية التي تدمر وحدة الأمة".

من جهتهم، ندد قادة بوذيون معتدلون بأعمال العنف، كما نشر العديد من السريلانكيين على تويتر صورا لرهبان بوذيين يزورون المساجد خلال صلاة الجمعة للتعبير عن تضامنهم.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية