دوار اللؤلؤة.. رمز احتجاجات البحرين

Thousands of anti-government protesters gather at Bahrain's Pearl roundabout in the capital Manama, on February 15, 2011, following the deaths of two protesters in clashes with Bahraini police and sparking angry calls from young cyber-activists for regime change and a walkout of parliament by Bahrain's main Shiite opposition bloc.
هُدم النصب عام 2011 بعد اندلاع احتجاجات في البلاد (غيتي)

نصب ارتبط في الأذهان بالاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البحرين عام 2011. سُمي بدوار مجلس التعاون، لكن اشتهر بدوار اللؤلؤة. بادرت السلطات البحرينية إلى هدمه يوم 18 مارس/آذار 2011 لطي صفحة "غير سارة" في تاريخ البلاد.

اكتسب دوار اللؤلؤة الواقع وسط العاصمة المنامة، رمزية منذ أنشئ مطلع الثمانينيات، بعد عملية الدفان التي شهدتها المنطقة لإنشاء أول خط سريع للسيارات في المملكة.

الدوار الذي ينظر له على أنه أنجب الاحتجاجات عام 2011 ظل مركزا للمعتصمين الذين نصبوا فيه خياما للإقامة على مدار الساعة، حيث ارتاده المحتجون لحضور برامج خطابية، واستخدم من قبل المشاركين في المسيرات للانطلاق منه والانتهاء إليه.

وقد ترسخ اسم الدوار في أذهان البحرينيين، وحتى على لسان كبار المسؤولين في المملكة منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير/شباط 2011، كرمز للمعارضة أو أنصارها. كما أضحى اسمه من أشهر الأسماء التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية والمواقع الإلكترونية التي تابعت أحداث البحرين.

التسمية
ومع أن "اللؤلؤة" هو الاسم الشهير لأكبر دوار منتظم في البحرين، فإن الاسم الرسمي له هو (دوار مجلس التعاون) لكن منذ انطلاق أحداث 2011 أصبح البعض يطلق عليه (ميدان دوار اللؤلؤة) أو (ميدان الشهداء) نسبة إلى القتلى الذين سقطوا برصاص الجيش وقوى الأمن منذ بدء الاحتجاجات.

وشكل هذا الدوار شريانا رئيسيا للتنقل داخل المنامة من خلال مداخله الخمسة القادمة من المحافظات الجنوبية والوسطى والشمالية وحتى القادمين من جنوب العاصمة، وهو ما دفع المعتصمين لاختياره مقرا لهم لأهمية موقعه الجغرافي.

الشكل 
كان الدوار يتوسط نصبا يتكون من ستة أضلاع، تمثل دول مجلس التعاون الست، وهي تعكس مدى التلاحم والترابط بين دول المجلس، وتتوسط هذه الأضلاع من الأعلى لؤلؤة تشير إلى مهنة الغوص لاستخراج اللؤلؤ التي كانت تمثل عصب الحياة الاقتصادية في دول الخليج قبل اكتشاف النفط.

وتزامن تشييد هذا النصب مع مرور عام على انعقاد القمة الثالثة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر/تشرين الثاني 1982 التي عقدت لأول مرة في البحرين.

النصب التاريخي الذي صنع من الخرسانة المسبوكة قامت بتصميمه وتنفيذه شركة مجموعة الحاج حسن العالي مطلع 1984 وهو من بين ثلاثة مجسمات مشهورة أقيمت لأول مرة بالبحرين في تلك الفترة، وهي (نصب الشراعين) الذي صممه الفنان البحريني حامد اليماني، ونصب دلمون الذي صممه الفنان البحريني راشد العريفي.

وكان ارتفاع كل من الأضلاع الستة يبلغ 36.2 مترا، في حين تزن اللؤلؤة التي تعلوها نحو مئة كيلوغرام، وهي مصنوعة من الألياف الزجاجية (الفيبرغلاس) وقد جوفت من الداخل لتخفيف وزنها.

وقام النصب على قاعدة خرسانية مجوفة الأضلاع تبلغ مساحتها 27 مترا.

الأهمية
شهد النصب تطويرا بدأ بإعادة طلائه باللون الأبيض ثم تزيينه من خلال إنارته بتقنية حديثة ووضع نافورة وسطه. كما أقيم بالقرب من الدوار جسر عُلوي يخفف الازدحام المروري في الدوار.

أما عن أهم الأماكن القريبة من الدوار، فمن جهة الشرق يقع السوق المركزي الذي يضم أسواق الخضراوات والفواكه والأسماك واللحوم، كما يضم مجمعي المرينا واللؤلؤة، ومن جهة الغرب تقع مجمعات تجارية، أما جهة الجنوب فيقع مركز شرطة النعيم.

سياسيا، شهدت المناطق القريبة من دوار اللؤلؤة مثل منطقة النعيم الواقعة جنوب الدوار، لقاء الملك حمد بن عيسى آل خليفة مع بعض علماء الشيعة عام 2001 مع بدء الإصلاحات السياسية حيث تعهد خلاله أن يكون المجلس المنتخب القادم تشريعيا والمعين استشاريا إضافة إلى طمأنتهم على تفسير بعض البنود التي جاءت في الميثاق مقابل أن يدعوا هؤلاء العلماء الشيعة للتصويت بنعم للميثاق.

كما شهدت منطقة السنابس غربي الدوار حدثا تاريخيا تمثل في انتخاب قادة أول تنظيم سياسي في المملكة تحت اسم هيئة الاتحاد الوطني لتمثيل جميع الأطياف البحرينية عام 1954.

امتصاص الغضب
لمواجهة المطالب الشعبية، أصدر ملك البلاد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في 25 فبراير/شباط 2011 مرسوما أقال بموجبه أربعة وزراء، بعد قرار الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين، كما أسقط 25% من القروض الإسكانية على المواطنين، فيما أقرت دول الخليج دعما للبحرين اقتصاديا بمليارات الدولارات.

كما أعلن وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة عن خطة لتوظيف عشرين ألف شخص، وأعلن وزير الإسكان عن خطط لبناء خمسين ألف مسكن.

وفي 7 مارس/آذار انتقلت الاعتصامات إلى مقر الحكومة البحرينية، للمطالبة بإسقاط الحكومة وتنحية رئيسها، وتكررت المسيرات في أماكن مختلفة، فيما خرجت مسيرات ضخمة مقابلة تطالب ببقاء الحكومة.

ومع حلول 14 مارس/آذار 2011، دخلت البحرين قوات درع الجزيرة، وهي قوة مشتركة من دول الخليج بدعوة من البحرين لحماية المصالح الإستراتيجية وهو ما رفضته المعارضة، وفي اليوم التالي تمكنت قوات الأمن البحرينية من فض الاعتصام في دوار اللؤلؤة، وقتل شرطيان خلال مواجهات مع المتظاهرين، لتتراجع وتيرة الاحتجاجات بعد ذلك.

هدم الدوار
بادرت السلطات البحرينية إلى هدم الدوار يوم 18 مارس/آذار 2011.

وبحسب مصادر إعلامية بحرينية، فقد أوضحت السلطات وقتها أن قرار إزالة الدوار كان هدفه إقامة إشارات ضوئية لتخفيف الضغط على الحركة المرورية في الحي التجاري بالعاصمة.

المصدر : الجزيرة