اتفاقية الحبوب الدولية.. بوصلة الأمن الغذائي العالمي

اتفاقية الحبوب الدولية (IGA) تُعنى بتجارة الحبوب عبر العالم، وتبادل المعلومات والتحليل والمشاورات حول سوق الحبوب وتطورات السياسات المتعلقة بها. ووقّع على الاتفاقية أكثر من 35 دولة حول العالم.

وأثير الجدل حول هذه الاتفاقية بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، التي تسببت في أزمة في المواد الغذائية عبر العالم، بما فيها الحبوب، وزاد حدة الجدل إعلان مصر -في مارس/آذار 2023- نيتها الانسحاب من الاتفاقية في يونيو/حزيران 2023.

التأسيس

ومع زيادة المخزون العالمي للقمح في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، ومن أجل محاربة التذبذب في الإنتاج السنوي العالمي، وعملا على تثبيت أسعار القمح وتنظيم تجارة القمح الدولية؛ عقدت أول اتفاقية للقمح عام 1949، وضمت 50 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأميركية.

كانت هذه الاتفاقية تهدف إلى تحديد حد أدنى وحد أعلى لسعر القمح بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها لم تحقق الالتزام المطلوب من قبل الدول المشاركة، مما تطلب تحديث آليات الاتفاق من خلال تأسيس مجلس الحبوب الدولي سنة 1995.

واستند الاتفاق الدولي الجديد إلى اتفاقية تجارة الحبوب المبرمة بلندن في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1994، واتفاقية المعونة الغذائية المبرمة بلندن في الخامس من ديسمبر/كانون الأول 1994.

وفُتح باب التوقيع على الاتفاقيتين اللتين تعدّ نصوصهما متساوية في الحجية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بين الأول من مايو/أيار 1995 و30 يونيو/حزيران 1995.

وأدرجت الاتفاقية تحت مسمى "الحبوب" بداية، أي الشعير والذرة والشوفان والجودار والذرة الرفيعة والقمح ومنتجاته، وفي دورته 27 في التاسع من يونيو/حزيران 2008 قرر المجلس إدراج الأرز ومنتجاته في تعريف "الحبوب".

وفي الدورة 35 لمجلس الحبوب الدولي التي عقدت بلندن في الثامن من يونيو/حزيران 2012، تقرر إدراج لب جوز الهند وبذور القطن ونواة النخيل والفول السوداني وبذور اللفت وفول الصويا وبذور عباد الشمس ومنتجاتها في تعريف "الحبوب"، قبل أن يُدرج في القائمة العدس والبازلاء والحمص والفاصوليا والبقوليات الأخرى بأنواعها، خلال دورة المجلس 53 المنعقدة بلندن في السابع من يونيو/حزيران 2021.

الأعضاء

وقّع على الاتفاقية أكثر من 35 دولة حول العالم، من مستوردي ومصدري الحبوب الرئيسيين كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا.

كما تضمّ الاتفاقية كلًا من: الجزائر والأرجنتين وأستراليا وكندا وساحل العاج وكوبا والإكوادور ومصر والمجر والفاتيكان والهند وإيران والعراق واليابان وكازاخستان وكينيا ومالطا والمغرب والنرويج وعمان وباكستان وجزر موريشيوس وبنما وكوريا والسعودية وصربيا وجنوب أفريقيا وسويسرا وتونس وتركيا وبريطانيا.

الأهداف

تُدرج ديباجة الاتفاقية عناوين الأهداف التي التزم بها الموقعون، إذ تؤكد ضرورة تعزيز التعاون الدولي في جميع جوانب تجارة الحبوب، لا سيما في ما يتعلق بتأثيرها على حالة الحبوب الغذائية، بالإضافة إلى تعزيز توسيع التجارة الدولية للحبوب وتأمين أكبر تدفق ممكن لهذه التجارة، بما في ذلك إزالة الحواجز التجارية والممارسات غير العادلة والتمييزية لصالح الأعضاء جميعهم.

كما تلزم الاتفاقية الدول الموقعة عليها بالمساهمة إلى أقصى حد ممكن في استقرار أسواق الحبوب الدولية لصالح جميع الأعضاء، وتعزيز الأمن الغذائي العالمي، والمساهمة في تنمية البلدان التي تعتمد اقتصاداتها اعتمادًا كبيرًا على المبيعات التجارية للحبوب.

ومن الأهداف التي ترصدها الاتفاقية توفير منتدى لتبادل المعلومات ومناقشة مخاوف الأعضاء في ما يتعلق بتجارة الحبوب، وتقدم الدول المانحة بموجب الاتفاقية مساعدات غذائية إلى البلدان النامية في شكل حبوب أو نقد لشراء الحبوب.

دور اتفاقية الحبوب في حرب أوكرانيا

تعد روسيا وأوكرانيا من أهم الدول الموقعة على اتفاقية الحبوب الدولية نظرا لإنتاجهما الوفير من الحبوب، لا سيما القمح والذرة، ومع بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 تعطلت شحنات التوريد من الموانئ الأوكرانية إلى بقية دول العالم.

وكانت أوكرانيا تنتج في العادة 42% من الإنتاج العالمي من بذور عباد الشمس، و16% من إنتاج العالم من الذرة، و9% من إنتاج القمح.

وارتفعت أسعار القمح في مجلس شيكاغو للتجارة بشكل حاد، وتقول الأمم المتحدة إن الانخفاض في الإمدادات خلال النصف الثاني من عام 2022 سبّب ارتفاعا في أسعار الطحين بنسبة 42% والخبز بنسبة 25%.

استدعت هذه الوضعية العالمية المتأزمة تفعيل بنود اتفاقية الحبوب الدولية، إذ اتفقت روسيا وأوكرانيا برعاية أممية ووساطة تركية -في يوليو/تموز 2022- على تمديد اتفاق تصدير الحبوب الحيوية من موانئ أوكرانيا الواقعة جنوب البحر الأسود لـ4 أشهر إضافية.

وفُتح ممر عبور بحري محمي بموجب الاتفاق وسُمِح باستئناف الصادرات من 3 موانئ في أوكرانيا.

الانسحاب المصري

وقعت مصر الاتفاقية منذ انطلاقها عام 1995، وتقدمت في فبراير/شباط 2022 بطلب للانسحاب منها بدءا من 30 يونيو/حزيران 2023، وذلك بعد نحو 3 عقود على الانضمام إليها.

وأعلنت مصر أن عضويتها في المعاهدة "لا تنطوي على قيمة مضافة"، وهو ما عدّه المدير التنفيذي للمجلس الدولي أرنو بيتي "قرارا غريبا"، وطالب مصر بإعادة النظر فيه.

المصدر : مواقع إلكترونية