خيرسون.. مدينة السفن على البحر الأسود

تعتبر مدينة خيرسون عاصمة مقاطعة "خيرسون" جنوب أوكرانيا، والتي تعد الموطن الرئيسي لبناء السفن، سميت المدينة على اسم مستوطنة خيرسونيسوس القديمة الواقعة غرب سيفاستوبول إحدى مدن شبه جزيرة القرم المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا.

تحظى المنطقة بأهمية ومكانة إستراتيجية كبيرة لدى الروس في حربهم على أوكرانيا لاعتبارها ميناء مهما يطل على البحر الأسود ونهر دنيبرو، غير أنها تتصل جغرافيا بمناطق حيوية ومهمة.

فيها جسر "قناة الشمال" الذي كان يقطع إمدادات المياه العذبة عن القرم منذ 2014، الذي دمرته روسيا في بداية الحرب، حيث كانت خيرسون تتحكم في معظم مصادر المياه الصالحة للشرب والزراعة لشبه الجزيرة.

وبعد إعلان موسكو احتلالها تحولت قاعدة "تشرنوبايفكا" الجوية في مدينة خيرسون إلى نقطة تمركز للقوات الروسية، بما يشمل الطائرات والمروحيات والدبابات وغيرها.

الموقع

تقع مدينة خيرسون جنوب أوكرانيا، عند الضفة الغربية لنهر دنيبر، وتبعد عن مصبه 25 كيلومترا، وتقع أيضا شمال شبه جزيرة القرم التي أعلن الروس ضمها من جانب واحد عام 2014.

السكان

يعيش في مدينة خيرسون نحو 290 ألف نسمة حسب إحصاءات لسنة 2022.

التاريخ

تأسست خيرسون عام 1778 باعتبارها حصنا لحماية الواجهة الروسية على البحر الأسود، واستخدم لتأسيسها آلاف الجنود والعمال والبحارة بالإضافة للسجناء.

كانت المدينة أول قاعدة بحرية روسية لبناء السفن على البحر الأسود، وكانت تعرف وقتها باسم محافظة نيكولاييف حتى عام 1803، وبقيت مقاطعة "خيرسون" إحدى مقاطعات روسيا حتى ثورة عام 1917.

خلال 1917 و1920، عانت المدينة من حروب كثيرة واحتلتها قوى مختلفة منها الأوكرانية والبلشفية والفرنسية والأوروبية والبولندية، مما تسبب بانخفاض أعداد سكانها عام 1920 من 74 ألف نسمة حتى وصل عام 1923 لنحو 41 ألفا.

ومن عام 1923 إلى عام 1932 كانت المدينة عاصمة لـ"أوكروها" (okruha – تقسيم إداري تاريخي للجمهورية الاشتراكية السوفياتية الأوكرانية).

وفي الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) عانت المدينة وتعرضت لدمار كبير وانخفاض كبير في عدد السكان، وأعيد بناؤها وتوسيع اقتصادها بعد انتهاء الحرب، حتى ارتفع عدد سكانها إلى 158 ألفا.

الحرب الروسية على أوكرانيا

منذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط 2022، كانت منطقة خيرسون في أوج الاهتمام الروسي، وأصبحت منذ نهاية الأسبوع الأول للحرب أول منطقة تسقط تماما بيد الروس، باعتراف السلطات الأوكرانية.

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارس/آذار 2022 أن روسيا تخطط لتنظيم استفتاء شعبي في خيرسون، بما يمهد لإعلان "استقلالها"، والاعتراف اللاحق بها، على غرار الاعتراف بـ"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" في دونباس جنوب شرقي البلاد.

وقال عمدة المدينة إيهور كوليخايف إن "السلطات الروسية تخطط لفرض التعامل بالروبل الروسي، بدءا من بداية شهر أبريل/نيسان 2022".

وشهدت مدينة خيرسون بين الحين والآخر مظاهرات مناهضة لـ"الاحتلال الروسي" منذ بدء الحرب الروسية، في ظل غياب تام لأي مظاهرات مؤيدة له، على غرار ما حدث في القرم ودونباس عام 2014.

وبحسب سلطات العاصمة كييف، فإن "الممانعة الشعبية" أدخلت خيرسون ضمن قائمة المناطق المحاصرة لإخضاع السكان، وهي قائمة تشمل أيضا مناطق ومدن تشيرنيهيف وسومي وخاركيف، إضافة إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الأوكرانية من منطقتي لوغانسك ودونيتسك، بما فيها مدينة ماريوبول.

كما تدخل جبهة خيرسون ضمن جبهات أعلنت فيها هيئة الأركان الأوكرانية عن "هجمات تحرير مضادة"، مؤكدة أن المعارك مع القوات الروسية ظلت مشتعلة على عدة محاور بالمنطقة في مارس/آذار 2022.

استهدفت القوات الأوكرانية نهاية يوليو/تموز 2022 جسورا وخطا للسكة الحديد عبر نهر دنيبرو من أجل عزل القوات الروسية الموجودة غرب النهر عن الإمدادات في شبه جزيرة القرم المحتلة وفي الشرق.

وفي مطلع أغسطس/آب 2022، أعلنت أوكرانيا عن استعادتها أكثر من 50 بلدة في محيط خيرسون كانت تحت سيطرة القوات الروسية مع ارتفاع وتيرة المعارك في المنطقة.

الاقتصاد

تطورت المدينة بشكل كبير خلال القرن الـ19 بسبب نشاط مينائها في بناء السفن والشحن لتصدير الحبوب والأخشاب لأوروبا الشرقية، وظلت مركزا رئيسيا لبناء السفن في هذا القرن الـ21.

وشملت المدينة نشاطا في صناعات أخرى مثل تكرير النفط وتصنيع المنسوجات القطنية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية