"بيكلز".. الكلب الذي احتفل بكأس العالم من شرفة القصر الملكي البريطاني

David Corbett smiles as he shows the spot where his dog "Pickles" found the Jules Rimet Cup 28 March 1966 in a garden in suburban London. The trophy, bearing the name of the French president of the Federation Internationale de Football Association (FIFA) and given to the captain of the winning soccer team at the end of each World Cup, had been stolen by an unemployed docker during an exhibit. After its recovery, it was kept in a safe place and presented by Queen Elizabeth to English captain Bobby Moore 11 July 1966 at Wembley stadium in London after England defeated Germany 4-2 in extra time to earn its first World title. (Photo by STAFF / AFP)
ديفيد كوربيت وهو يعرض المكان الذي عثر فيه كلبه على كأس العالم 1966 بحديقة في إحدى ضواحي لندن (وكالة الأنباء الفرنسية)

الكلب "بيكلز" (اسمه يعني مُخلّل) من سلالة الكولي المختلطة (أبيض وأسود) يتوقع أنه ولد بين عامي 1962 و1963، ذاع صيته يوم 27 مارس/آذار 1966 بعد دوره في العثور على كأس العالم التي سرقت قبل 4 أشهر من انطلاق منافسات البطولة في إنجلترا، توفي عام 1967 وبكى آلاف المشجعين على فراقه.

واعتبرت آنذاك من أغرب قصص المونديال التي قاد بطولتها "بيكلز" بعد أن تحول من كلب عادي إلى نجم مشهور، وتصدرت صوره مع مالكه الإنجليزي ديفيد كوربيت أبرز عناوين الصحف العالمية، ووصف وقتها بالبطل القومي لأنه أنقذ كأس العالم من الضياع.

ورغم أن المهاجم البرتغالي أوزيبيو فيريرا قد سجل 9 أهداف في تلك النهائيات، والإنجليزي جيوف هيرست مرر 4 تمريرات حاسمة نتجت عنها أهداف قادت فريقه إلى الفوز باللقب، فلم يُختر أي منهما أفضل لاعب لكأس العالم ذلك العام، بل ذهبت الجائزة إلى "بيكلز".

"بيكلز" بطل فيلم "الجاسوس ذو الأنف البارد" الذي عرض بقاعات السينما ديسمبر/كانون الأول 1966 (غيتي)

يوم لندن الأسود

منذ أكثر من نصف قرن، خيم الحزن على شوارع لندن عقب سرقة الكأس الأغلى في العالم من المتحف الإنجليزي، التي كانت تسمى حينها كأس "جول ريميه"، مما تسبب في حالة من الذعر والارتباك داخل البلاد.

ووفقا لما نشره موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA)، بدأت القصة بعد أن سرق مجهول يوم 20 مارس/آذار 1966 كأس البطولة في ظروف غامضة، مما تسبب في فرض حالة طوارئ داخل وسائل النقل والمواصلات في كافة أرجاء لندن، وأعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم مكافأة لمن يقدم معلومات تؤدي إلى العثور عليها.

باتت هذه السرقة أكبر قصة في الصحافة العالمية، قبل انطلاق العرس الكروي بـ4 أشهر فقط، حتى إنها تحولت إلى برنامج تلفزيوني في القناة الرابعة بعنوان "من سرق كأس العالم؟"، ووصل الأمر إلى أن سخر رئيس الاتحاد البرازيلي من هذه الحادثة قائلا "حفظنا الكأس لسنوات، وأضاعها الإنجليز في يومين".

كان ذلك كفيلا بإحراج الإنجليز أمام العالم كله، فسارع المسؤولون إلى تصميم نسخة تقليدية للكأس حتى تكون جاهزة أثناء المونديال (الذي نظم ببلادهم في نسخته السابعة) في حال عدم العثور على الكأس الأصلية.

العثور على الكأس

في ليلة 27 مارس/آذار من العام نفسه، نشرت الصحافة البريطانية خبرا تحت عنوان "لقد عثرنا على الكأس بفضل كلب"، وذكرت أن شخصا يدعى ديفيد كوربيت (يبلغ 26 عاما وقتها) كان يبحث قرب مسكنه في ضاحية بيولا هيل، عن مخدع هاتفي لإجراء مكالمة من أجل معرفة إذا ما كان شقيقه قد رزق بمولود جديد، وكان يجر معه كلبه "بيكلز"، الذي بدأ يركض فجأة حتى توقف بعدما عثر على لفافة من ورق الجرائد كانت ملقاة وسط شجيرات في حديقة، وكانت بداخلها الكأس المفقودة، فسلمها إلى مركز الشرطة، التي سلمتها بدورها إلى الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.

كان الكلب "بيكلز" من سلالة الكولي التي تعد من أقدم سلالات الكلاب بشكل عام في إنجلترا، وهي أكثر ذكاء وتكيفا مع البشر، وتذكر الوثائق أن أول ظهور لهذا النوع يعود للقرن الـ19، وكان يستعان بها في الرعي.

الكلب "بيكلز" توج أفضل لاعب لكأس العالم في مونديال إنجلترا عام 1966 (غيتي)

بيكلز.. بطل قومي

كانت الانتخابات العامة التي أجريت في العام نفسه هي الخبر الرئيسي في الصحف البريطانية، لكن خبر عثور "بيكلز" على الكأس بعد 6 أيام من اختفائها، غطى على أخبار الانتخابات وتصدر الصفحات الأولى للصحافة المحلية والعالمية.

حضر "بيكلز" مع مالكه المباراة الافتتاحية، وجلس في أغلى الأماكن سعرا في الملعب، ورفعت إنجلترا الكأس نفسها في ملعب ويمبلي بحضور الملكة إليزابيث الثانية، وهي من سلمت الكأس لقائد المنتخب في ذلك الوقت بوبي مور.

وفي لقطة لن تمحى من أذهان الإنجليز، خرج صاحب "بيكلز" من شرفة القصر الملكي أمام الجماهير المحتفلة، وهو يحمل كلبه عاليا وفي يده الأخرى كأس العالم، حتى إن "بيكلز" قد دعي ليكون ضيف شرف مع صاحبه في عشاء احتفالي مع اللاعبين الفائزين باللقب.

الجوائز والألقاب

  • أصبح "بيكلز" أشهر كلب في تاريخ كرة القدم.
  • حاز جائزة "كلب العام" من إيطاليا.
  • منحته متاجر "سبيلرز" الطعام مجانا لمدة عام، مع طبق من الفضة به مبلغ قدره 53 جنيها إسترلينيا من موظفي الفندق.
  • حصل مع صاحبه على مكافأة قدرها نصف مليون جنيه إسترليني، وهو رقم يعادل ثروة طائلة آنذاك.
  • كان "بيكلز" بطل فيلم "الجاسوس ذو الأنف البارد" الذي عُرض بقاعات السينما ديسمبر/كانون الأول 1966.
  • شارك في برامج تلفزيونية منها برنامج "ماكبي" و"بلو بيتر".
  • عام 1967، حصل على الميدالية الفضية من الرابطة الوطنية للدفاع عن الكلاب.
  • وسجل اسم الكلب "بيكلز" ضمن قائمة 8 كلاب بطولية عبر التاريخ.
Mr David Corbett and Pickles, the famous World Cup dog, on film location outside Number 10 Downing Street. Pickles stars with Eric Sykes and laurence harvey in the film 'The Spy With The Cold Nose', 31st July 1966. (Photo by Charlie Ley/Mirrorpix/Getty Images)
الكلب "بيكلز" توفي عام 1967 معلقا من سلسلته فوق شجرة، حين كان يطارد قطة الجيران (غيتي)

الوفاة

بعد عام من مغامرته الشهيرة وبعدما عاش حوالي 5 سنوات فقط، جاءت نهاية الكلب "بيكلز" مأساوية حيث توفي عام 1967 معلقا من سلسلته فوق شجرة، حين كان يطارد قطة الجيران.

دفن بيكلز في حديقة منزل صاحبه، الذي اشتراه بأموال المكافأة، وكتب على لافتة قبره "بيكلز مكتشف كأس العالم 1966″، وعرضت ياقته في المتحف الوطني لكرة القدم في مانشستر.

وضعت لوحة في سبتمبر/أيلول 2018 بالمكان الذي عثر فيه "بيكلز" على كأس العالم، وتم سرد نسخة خيالية من القصة في دراما على قناة "آي تي في" (ITV) عام 2006 من كتابة مايكل شابلن بعنوان: "بيكلز: الكلب الذي فاز بكأس العالم" (Pickles: The Dog Who Won The World Cup)

مات "بيكلز" ومرت عقود على قصته، لكنها ترفض أن تموت؛ فالحديث عنها يتجدد كل 4 سنوات مع كل نسخة مونديال جديدة، وكشف كوربيت للفيفا قائلا "لا يزال صحفيون من مختلف أنحاء العالم يتصلون بي ليحصلوا على ذكرياتي عن تلك الحادثة، لكن الناس يتذكرون الكلب، ولا يتذكرونني!".

المصدر : مواقع إلكترونية