جزر بحر إيجه.. تاريخ حافل بالصراعات

تجمع من الجزر في بحر إيجه، أطلق عليها اسم "أرخبيلاجو" سابقا، والتي كانت تعني البحر الرئيس ثم تحول معناها إلى تجمع الجزر. وورد لفظ كلمة إيجه في كثير من الروايات والأساطير الإغريقية، ويعني البحر الأبيض في اللغات المقدونية والصربية والبلغارية.

تقع جزر إيجه بين اليونان وتركيا في حوض مائي بالجزء الشمالي للبحر الأبيض المتوسط الذي يتصل بالبحر الأسود عبر بحر مرمرة.

وكانت الجزر محل نزاع دائم تاريخيا، لكنها الآن تخضع لسيادة اليونان إبان اتفاقية لوزان، ما عدا جزيرتي بوزكادا وغوكتشة اللتان تخضعان للسيادة التركية.

الموقع:

تقع الجزر في بحر إيجه الواقع بين البحر الأبيض المتوسط شمالا وتركيا شرقا واليونان غربا وشمالا، ويتصل البحر ببحر مرمرة عبر مضيق الدردنيل.

وتبلغ مساحة الجزر مجتمعة 6470 كيلومترا مربعا، بينما تبلغ مساحة الجزيرتين التركيتين 327 كيلومترا مربعا.

تقسم جزر بحر إيجه إلى 7 مجموعات تسمى بـ"أرخبيلاجو"، الأولى مجموعة بحر تراقيا، وبعدها مجموعة جزر شرق إيجه، ومجموعة سبورادس الشمالية، ومجموعة الجزر السيكلادية، ومجموعة الجزر السارونية، ومجموعة الجزر الدوديكانية، وأخيرا جزيرة كريت وما حولها.

أهم هذه الجزر هما جزيرتا كريت ورودوس الواقعتان إلى الجنوب منه، إضافة إلى جزر أخرى مثل دلوس وإيوبوي وساموس ولسبوس ولمنوس وباتموس.

السكان:

يبلغ عدد سكان جزيرتي بوزجادا وغوكتشة التركيتين قرابة 18 ألف نسمة حسب إحصائيات الموقع الرسمي للحكومة التركية للعام 2022.

وتعتبر اللغة الرسمية للجزيرتين هي التركية، ويوجد 20 تركيا من أصل يوناني من بين السكان الأتراك في جزيرة بوزكادا.

يبلغ عدد السكان في رودوس أكبر الجزر اليونانية في المجموعة الدوديكانية 117 ألف نسمة حسب إحصائيات الموقع الرسمي للجزيرة للعام 2022.

تعتبر اللغة اليونانية اللغة الرسمية لجزيرة رودوس، ويتحدث سكانها بلغات أخرى مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والروسية.

التاريخ:

يعود تاريخ تشكل بحر إيجه إلى عام 7000 قبل الميلاد، وقد ظهرت حدود شواطئ جزره وأبعادها الحالية عام 4000 قبل الميلاد.

شهد البحر ظهور الحضارة الإغريقية التي نسبت إليه "الحضارة الإيجية" في العصر البرونزي بين الأعوام 3200 و600 قبل الميلاد، وولدت على شواطئه حضارتا الكريتيين والبيلوبونيس، كما ارتبطت به حضارات الدول المدنية في إسبرطة وأثينا.

كان البحر مسرحا لأساطيل الإمبراطوريات المتصارعة على حكم حوض المتوسط، فغزاه الفرس والرومان والبيزنطيون والبلغار والفينيسيون والجنويون والأتراك سلاجقة وعثمانيين.

وانتزعت إيطاليا الجزر الدوديكانية من تركيا عام 1912، إلا أنها ضُمَّت لليونان بسبب اتفاقيتي لوزان 1923 وباريس 1947 بعد الحرب العالمية الثانية، والتي منحت أثينا سيادة على 12 جزيرة، تبعد عن البر التركي مسافة لا تتجاوز 6 إلى 8 كيلومترات.

وخلال محادثات اتفاقية لوزان، أصرّت تركيا على عدم تسليح اليونان للجزر، بهدف منع أثينا من التفكير بمهاجمة الأراضي التركية أو تشكيل أي تهديد لها.

وبموجب اتفاقية باريس عام 1947، سلمت الجزر التي كانت تحت سيطرة إيطاليا إلى اليونان، دون أن تكون تركيا واحدة من الأطراف الموقّعة على الاتفاقية.

في هذه الأثناء، تدخل الاتحاد السوفياتي وطالب بإصرار عدم تسليح اليونان لجزر بحر إيجه، وامتناع أثينا عن تأسيس أي قاعدة عسكرية فيها. وبرر موقفه هذا بسعيه لتوفير أمن السفن السوفياتية الحربية في أثناء عبورها هذا البحر.

والتزمت اليونان بإبقاء الجزر منزوعة السلاح إلى حين نشوب صراعات في جزيرة قبرص عامي 1963 و1964، عندما أطلقت تركيا عملية "السلام العسكرية" في قبرص (أبريل/نيسان 1974)، لحماية الأتراك من الهجمات التي كانوا يتعرضون لها، فبدأت أثينا بتسليح الجزر بداعي وجود تهديد حقيقي من الجانب التركي على سلامة أراضيها.

ومنذ عام 2013 بعد الثورة السورية، تحول بحر إيجه إلى ممر لموجات الهجرة غير النظامية للمهاجرين في قوارب التسلل من تركيا إلى اليونان، نظرا لقرب الاتحاد الأوروبي.

وتحول البحر لمقبرة حقيقية للمهاجرين غير النظاميين، إذ تقدر أعداد من غرقوا أثناء محاولتهم عبوره بالآلاف، فضلا عن آلاف آخرين غرقت مراكبهم وتم إنقاذهم من قبل خفر السواحل التركي واليوناني.

ومن بحر إيجه أخرجت الأمواج جثة الطفل السوري إيلان كردي الذي غرق مع شقيقه ووالدتهما بداية سبتمبر/أيلول 2015 خلال محاولتهم الهجرة، لتلفت انتباه العالم إلى مأساة المهاجرين غير النظاميين.

وعاد التوتر عام 2022 بين تركيا واليونان بعد أن قالت أنقرة إن أثينا تنتهك معاهدتي لوزان وباريس بعسكرة الجزر القريبة من الساحل التركي. وتنتهك أيضا اتفاقية البحار 1982 لرفعها مساحة مجالها الجوي إلى 12 ميلا، رغم أن الاتفاقية تنص على وجوب موافقة الدولتين الجارتين على ذلك.

الاقتصاد:

يمثل بحر إيجه ممرا تجاريا ومرفأ مهما للسفن المتنقلة في البحر المتوسط والبحر الأسود عبر مضيقي الدردنيل والبوسفور.

تتميز الجزر بكونها مصدرا طبيعيا مهما للرخام ولمعدن الحديد الخام، كما تزدهر في بعض الجزر الخصبة أنشطة زراعية نباتية وحيوانية.

وتعتبر المدن الواقعة على سواحل الجزر مركز جذب سياحي مهم، لانتشار المناظر الطبيعية والتاريخية القديمة، مثل مدن بودروم وأفيون وفتحية التركية، إضافة إلى الجزر الخاضعة للسيادة اليونانية في البحر.

المعالم:

تتميز الجزر بانتشار موانئ الصيد فيها وكثرة القرى التاريخية، كما يوجد بها معالم تاريخية معمارية من كنائس بيزنطية وأديرة من العصور الوسطى تعود لأكثر من 4 آلاف عام.

وتشتهر جزيرة بوزجادا التركية بمتحف يوثق تاريخها منذ حرب طروادة وحملات الاستعمار الإنجليزي إلى باقي الحقبات التاريخية التي مرت بها، وتشتهر بالقلاع العثمانية مثل قلعتي ينيكال وبوزجادا.

وتعرف جزيرة كريت اليونانية بآثار مدينة خانيا التي تشتهر بالأسوار البيزنطية، والميناء البندقي، والحمامات التركية، والمسجد العثماني. كما تحتوي على قصر مينوس الذي يعود للعصر البرونزي.

كما أدرجت مدينة رودوس القديمة التابعة لليونان في قائمة اليونسكو لكونها قاعدة لفرسان القديس يوحنا الذين واجهوا الدولة العثمانية.

المصدر : الجزيرة

إعلان