حزب السعادة التركي
حزب السعادة، حزب سياسي تركي، انبثق عام 2001 عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي حلته السلطات التركية، وهو يسير على منهج زعيمه التاريخي نجم الدين أربكان. فشل في دخول البرلمان بمعظم الانتخابات التي خاضها، ولم يتمكن من كسر هذه القاعدة إلا عام 2018.
التأسيس والنشأة
تأسس الحزب في 20 يوليو/تموز 2001، ممثلا أحد جناحي حزب الفضيلة المنحل بقرار من المحكمة الدستورية التركية في 22 يونيو/حزيران 2002، فبينما مثل الجناح التجديدي حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، مثل حزب السعادة الرؤية التقليدية لنجم الدين أربكان، وأوكلت زعامة الحزب إلى رجائي قوطان كأول رئيس له.
التوجه الأيديولوجي
يتبنى الحزب التوجه الإسلامي، ويؤيد عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي مع الحرص على توسيع الحريات الديمقراطية دون المساس بالمبادئ التي تقوم عليها الجمهورية التركية من علمانية ونظام جمهوري.
المسار السياسي
يعدّ حزب السعادة آخر وأحدث الأحزاب المنبثقة عن تيار الإسلام السياسي التركي، أو ما يعرف بتيار "ميلي غوروش" (الرؤية الوطنية) الذي أسسه نجم الدين أربكان عام 1969 من خلال إنشاء حزب "النظام القومي".
وخاض التيار جميع المحطات الانتخابية بقيادة أربكان. ونتيجة القرارات التي صدرت عن المحكمة الدستورية، والتي تقضي بإغلاق وحظر حزب أربكان، كان الأخير في كل مرة يؤسس حزبا جديدا، ما أدى إلى تعاقب أحزاب "السلامة القومي" و"الرفاه" و"الفضيلة" ثم "السعادة".
راهن حزب السعادة على عودة نجم الدين أربكان إلى النشاط السياسي وقيادة الحزب في انتخابات عام 2002، لكن لجنة الانتخابات العليا أصدرت قرارا بعدم أهلية أربكان لعضوية البرلمان قبل أن يزول الحظر القانوني الذي كان مفروضا عليه، ما حمل الحزب على تسليم قيادته إلى رجائي قوطان مؤقتا حتى انعقاد المؤتمر الأول للحزب في 11 مايو/أيار 2003، الذي انتخب فيه أربكان رئيسا للحزب.
لم ينجح الحزب بدخول البرلمان في انتخابات 2002، بعدما حصل على 2.49% من الأصوات ما يعني فشله في تجاوز العتبة المتمثلة بـ10%.
في 29 ديسمبر/كانون الأول 2003، طالب مكتب المدعي العام لمحكمة النقض أربكان بالاستقالة من عضويته في حزبه نتيجة البت بقرار السجن في حقه، ما أجبره على الاستقالة وتسليم قيادة الحزب مرة أخرى إلى رجائي قوطان بالوكالة.
وحقق حزب السعادة 4.77% من الأصوات في الانتخابات المحلية لعام 2004 وتمكن من رئاسة 63 بلدية.
وفي 8 أبريل/نيسان 2006 انتخب قوطان لرئاسة الحزب بعدما كان يتولى مهامه بالوكالة. وحصل الحزب على 2.34% من الأصوات في الانتخابات العامة لعام 2007.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2008 انتخب الدكتور نعمان كورتولموش رئيسا للحزب، وأعيد انتخابه في المؤتمر الرابع بتاريخ 11 يوليو/تموز 2010.
نجح كورتولموش خلال العامين اللذين تولى فيها زعامة الحزب في رفع شعبيته إلى 5.13% في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2009 وحصل الحزب فيها على رئاسة 81 بلدية.
لكن كورتولموش تمرد على وصاية زعيم الحزب الروحي أربكان، ورفض أن يكون مجرد واجهة له كما قال، وبسبب خلاف مع شخصيات في الحزب حول تشكيل إدارته الجديدة، انشق كورتولموش عن الحزب في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2010 وأسس في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 حزب "صوت الشعب".
بعد استقالة كورتولموش، انتخب نجم الدين أربكان رئيسا للحزب للمرة الثانية في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2010، وظل في هذا المنصب حتى وفاته في 27 فبراير/شباط 2011.
بعد ذلك تولى البروفيسور مصطفى كمالك قيادة الحزب بالوكالة. حصد حزب السعادة 1.24% من الأصوات في انتخابات 2011. وفي المؤتمر الذي عقد مباشرة بعد الانتخابات، أعيد انتخاب مصطفى كمالاك رئيسا.
دخل حزب السعادة انتخابات عام 2015 من خلال التحالف مع حزب الاتحاد الكبير، ونال ما مجمله 2.06% من الأصوات.
أثار كمالك الجدل في الوسط الإسلامي التركي بسبب نسجه علاقات ودية مع إيران والنظام السوري في ذروة قمع الأخير للمظاهرات الشعبية وقصفه للأحياء الشعبية.
ففي 2012 أجرى كمالك على رأس وفد من حزبه زيارة إلى دمشق التقى خلالها برئيس النظام السوري بشار الأسد. وفي فبراير/شباط 2015 دعا حزب السعادة الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد كضيف شرف لحضور مؤتمر إحياء الذكرى الرابعة لوفاة زعيم الحزب "نجم الدين أربكان" الذي أقامه الحزب في مدينة بورصة التركية.
وفي فبراير/شباط 2015 أيضا شارك رئيس الحزب كمالك في حفل استقبال أقامته السفارة الإيرانية في أنقرة في ذكرى الثورة الإسلامية الإيرانية.
وفي المؤتمر السادس العادي للحزب -الذي انعقد في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016- تم انتخاب تيمل كرم الله أوغلو رئيسا للحزب.
شارك حزب السعادة ضمن تحالف "الأمة" المعارض في الانتخابات العامة 2018 وحصل على 1.4% من الأصوات، ورغم عدم تجاوزه للعتبة البرلمانية إلا أنه تمكن لأول مرة في تاريخه من ولوج البرلمان بفضل قانون الانتخابات الجديد، الذي يعامل التحالف الانتخابي معاملة الحزب الواحد، ونتيجة لذلك حصل على مقعدين.
شارك في الانتخابات المحلية لعام 2019 وحصل على نسبة 2.84%، وأعيد انتخاب كرم الله أوغلو في المؤتمر السابع للحزب في 2019 رئيسا للحزب.
في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع زعيم حزب السعادة في المجمع الرئاسي بأنقرة، ما أثار التكهنات حول إمكانية انضمام الحزب إلى تحالف الجمهور الحاكم، وهو ما لم يحصل.
وبمشاركة حزب السعادة، انطلقت اجتماعات 6 أحزاب معارضة في فبراير/شباط 2022، وهي عبارة عن أحزاب تحالف الأمة، ومعها حزبا المستقبل بقيادة أحمد داوود أوغلو، والديمقراطية والتقدم بقيادة علي باباجان، وهما حزبان حديثان انشقا عن العدالة والتنمية.
أظهر الحزب قدرة على الحشد الجماهيري في عدد من المناسبات، أبرزها الاحتجاجات على الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتنظيم الموائد القرآنية الشعبية، ومكنه امتلاكه لصحف يومية وأسبوعية ومجلات دورية ومحطة تلفزيونية، من الحفاظ على حضوره في المشهد السياسي والإعلامي التركي.