حزب الحركة القومية التركي
حزب الحركة القومية، حزب تركي تأسس عام 1969 على أنقاض حزب الأمة الريفي برئاسة ألب أرسلان توركيش. يمثل اليمين القومي في البلاد، شارك في تشكيل ثلاثة حكومات تركية، وأثمر تحالفه مع حزب العدالة والتنمية اعتبارا من العام 2017 عن تحويل نظام الحكم في تركيا إلى النظام الرئاسي.
التأسيس والنشأة
تأسس حزب الحركة القومية في 9 فبراير/شباط 1969 وترأسه ألب أرسلان توركيش.
التوجه الأيديولوجي
يعد أحد الأحزاب التي تمثل الفكرة القومية التركية، وفيما يميل إلى المعسكر المحافظ، يوصف بأنه أقرب إلى التوجهات "القومية المتطرفة".
يعتبر الحزب نفسه "ممثلا للمبادئ القومية" التي تبناها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك. وقال توركيش لدى تأسيسه لحزب الحركة القومية إن حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ابتعد كثيرا عن مبادئ مؤسسيه، مضيفا أنه "لو لم ينحرف حزب الشعب الجمهوري عن أيديولوجية أتاتورك، لما تأسس حزب الحركة القومية".
تمثل "عقيدة الأضواء التسعة"، التي وضعها توركيش منذ أن كان على رأس حزب الأمة الريفي الجمهوري (الذي يقوم على القومية التركية) وجهة نظر حزب الحركة القومية وبرنامج عمله.
ويؤكد توركيش أن طرحه لـ"عقيدة الأضواء التسعة" جاء من أجل الاتحاد حول وجهة نظر وطنية لحماية الدولة التركية المستقلة الأخيرة من المذاهب والأنظمة الإدارية الأجنبية، وخاصة الرأسمالية والليبرالية والشيوعية.
يعارض الحزب، على لسان رئيسه دولت بهشلي، منح الحقوق الثقافية للأكراد في الإعلام والتعليم، كما يعارض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
المسار السياسي
يعود أصل الحزب ودخوله الحياة السياسية التركية إلى مجموعة انفصلت عن حزب الشعب الجمهوري، وأسست حزب الأمة عام 1948، لكنه أغلق في 27 يناير/كانون الثاني 1954 لاتهامه بالاستناد إلى أسس دينية.
وبعد أيام من ذلك غير الحزب اسمه في 10 فبراير/شباط 1954 إلى حزب الأمة المؤيد للجمهورية بقيادة عثمان بولوكباشين، وانضم إليه سنة 1958 الحزب الريفي التركي ليصبح حزب الأمة الريفي الجمهوري.
وبعد 3 سنوات على الانقلاب العسكري عام 1960، عاد آلب أرسلان توركيش من المنفى إلى تركيا في 23 فبراير/شباط 1963، وانضم هو وزملاؤه إلى حزب الأمة الريفي الجمهوري في 22-23 فبراير/شباط 1964.
وفي هذه المرحلة بدأ تأسيس حزب الحركة القومية والتمهيد له بعدما اختير آلب أرسلان في 1 أغسطس/آب 1965 رئيسا لحزب الأمة الريفي الجمهوري.
وبعد 4 سنوات عقد حزب الأمة مؤتمرا استثنائيا في فبراير/شباط 1969، وتم تغيير اسم الحزب إلى "حزب الحركة القومية" ثم شعاره إلى "الأهلّة الثلاثة" بدل شعار الميزان.
وتأسس الفرع الشبابي للحزب باسم "الشباب المثالي"، واتخذ لنفسه شعارا هو عبارة عن هلال بداخله ذئب، ليعرف لاحقا باسم منظمة "الذئاب الرمادية".
حصل الحزب الجديد في الانتخابات التشريعية عام 1969 على 3% من الأصوات، مما مكن رئيسه آلب أرسلان توركيش من دخول مجلس النواب لأول مرة ممثلا وحيدا عن الحزب، وارتفع عدد نوابه إلى ثلاثة في انتخابات عام 1973، وشارك في حكومة الجبهة القومية برئاسة سليمان ديميريل في 31 مارس/آذار 1975.
ارتفع عدد نواب الحزب إلى 16 مقعدا بحصوله على 6,4% من الأصوات في انتخابات 5 يونيو/حزيران 1977، وشارك في حكومة الجبهة القومية الثانية، ممثلا بخمسة وزراء أحدهم توركيش الذي شغل منصب نائب رئيس الحكومة.
دعوى قضائية
واجه الحزب وأذرعه التنظيمية دعوى قضائية في أبريل/نيسان 1981، وفي 16 أكتوبر/تشرين الثاني من العام نفسه أعلنت سلطات انقلاب 1980 إغلاق الحزب كحال سائر الأحزاب السياسية.
أسفرت محاكمة 389 شخصا في المجمل عن الحكم على 5 منهم بالإعدام، و9 بالسجن المؤبد، فيما تفاوتت أحكام البقية في عدد سنوات السجن. وحكم على توركيش بالسجن 9 سنوات، إلا أنه قضى منها 4 سنوات ونصف السنة فقط.
وخلال المحاكمات التي استمرت 4 سنوات تقريبا، أسس عدد من كوادر الحزب حزبا جديدا باسم حزب المحافظين يوم 7 يوليو/تموز 1983، تم تغيير اسمه بعد ذلك إلى "حزب العمل القومي" في نوفمبر/تشرين
الثاني 1985.
رفع الحظر
وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 1987 انعقد مؤتمر استثنائي للحزب انتخب فيه آلب أرسلان رئيسا بعدما رفع عنه الحظر السياسي بموجب استفتاء أجري في العام نفسه.
شارك حزب العمل القومي في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 1991 التشريعية متحالفا مع حزب الرفاه وحزب الإصلاح الديمقراطي، وحصل على 16.9% من الأصوات ودخل البرلمان.
وفي 7 يوليو/تموز 1992، انشق النائب محسن يازجي أوغلو عن حزب العمل القومي منتقدا توركيش، ليؤسس في يناير/كانون الثاني 1993 حزب الاتحاد الكبير.
واستعاد حزب العمل القومي اسمه القديم "حزب الحركة القومي" في يناير/كانون الثاني 1993 خلال مؤتمر استثنائي، بعد شهر من قرار حل حزب العمل.
وفي الانتخابات البلدية عام 1994 تمكن حزب الحركة القومية من الفوز برئاسة 118 بلدية في 8 ولايات، وهو نصر لم ينسحب على الانتخابات العامة التي جرت في العام التالي 1995، حيث لم يتمكن الحزب من تجاوز العتبة الانتخابية 10% ما حرمه من دخول مجلس النواب.
وعقب وفاة ألب أرسلان توركش، اُنتخب دولت بهشلي خلفا له في رئاسة الحزب في 6 يوليو/تموز عام 1997.
وعاد الحزب ليحقق نصرا انتخابيا جديدا في انتخابات 1999 المحلية بفوزه برئاسة 498 بلدية. وأتبع هذا الفوز في نفس العام بنيله 17.98% من أصوات الناخبين في الانتخابات العامة، ليحصد 129 مقعدا في مجلس النواب، في أفضل نتيجة انتخابية يحققها في تاريخه.
نجم عن انتخابات 1999 تشكيل تحالف حكومي من أحزاب "الوطن" و"اليسار الديمقراطي" و"الحركة القومية"، الذي حظي بـ12 وزيرا في الحكومة الجديدة، أحدهم دولت بهشلي بمنصب نائب رئيس الوزراء.
ومع تفاقم الخلافات داخل التحالف الحكومي، على وقع الانهيار الاقتصادي الذي عاشته البلاد، قرر التحالف الذهاب إلى انتخابات مبكرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وهي الانتخابات التي أسفرت عن خروج حزب الحركة القومية من البرلمان، بعد نيله 8.3% من الأصوات أي دون العتبة الانتخابية.
وفي انتخابات 2004 المحلية، فاز الحزب برئاسة 247 بلدية، وارتفع هذا الرقم إلى 490 بلدية في انتخابات 2009.
وتمكن حزب الحركة القومية من العودة مجددا إلى البرلمان في الانتخابات العامة التي أجريت في 2007 بـ71 نائبا وبنسبة 14.29% من أصوات الناخبين. أما في انتخابات 2011، فقد تقلص عدد نواب الحزب في البرلمان إلى 53 بنسبة تصويت بلغت 14.27%.
وفي 7 يونيو/حزيران 2015 احتل الحزب المرتبة الثالثة في الانتخابات التشريعية بحصوله على 80 مقعدا، ومع فشل حزب العدالة والتنمية في نيل غالبية تسمح له بتشكل الحكومة منفردا وضع رئيس حزب الحركة القومية شروطا لتشكيل ائتلاف مع "العدالة والتنمية"، على رأسها إنهاء عملية السلام مع الأكراد.
وبعد فشل تشكيل حكومة ائتلافية، دعا الرئيس التركي طيب رجب أردوغان إلى انتخابات مبكرة يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تراجعت فيها نتائج حزب الحركة القومية وفقد فيها 39 مقعدا بحصوله على 41 مقعدا فقط .
في 2016 دعم حزب الحركة القومية مقترح حزب العدالة والتنمية لتحويل نظام الحكم في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي، وفي ضوء ذلك، أقر البرلمان التركي في 26 يناير/كانون الثاني، الدعوة إلى استفتاء شعبي على التعديل الدستوري المقترح. عقد الاستفتاء في 2017 وبلغت نسبة تأييده 51.4%.
شكل حزب الحركة القومية مع حزب العدالة والتنمية في 2017 تحالفا باسم "تحالف الجمهور" أو "الشعب"، بهدف خوض الانتخابات معا.
وفي 24 يونيو/حزيران 2018 فاز رجب طيب اردوغان المرشح عن التحالف بالانتخابات الرئاسية.
كما تمكن التحالف من الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان بواقع 53.7% في الانتخابات التشريعية التي جرت في اليوم نفسه، والتي خاضها الحزبان بقوائم منفصلة، نال فيها حزب الحركة منفردا 53 مقعدا وبنسبة أصوات بلغت 11.10%.
وبالمثل، خاض "تحالف الجمهور" انتخابات 31 مارس/آذار 2019 المحلية بقوائم منفصلة، تنافس خلالها حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية في بعض الولايات، فيما ترك الأخير المنافسة في الولايات الرئيسية لشريكه الأكبر في التحالف.
وفي 2022، أعلن زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي أن مرشح التحالف للانتخابات الرئاسية في 2023 هو الرئيس رجب طيب أردوغان.