عمان عاصمة الأردن ومدينة الجبال

عاصمة الأردن ومركز محافظة تحمل الاسم نفسه، وهي أكبر المحافظات من حيث عدد السكان، والثالثة من حيث المساحة بعد محافظتي معان والمفرق. تمثل العصب الرئيس للمملكة، إذ تضم أهم مؤسسات الدولة وأكبر مشاريعها الاقتصادية، وجميع الدوائر الحكومية المركزية.
تقع عمان وسط الأردن في منطقة جبلية ترتفع عن سطح البحر حوالي 750 مترا. ونشأت في البداية على جنبات الوديان بين الجبال، ومع ارتفاع عدد سكانها توسعت أحياؤها على السفوح والقمم حتى امتدت المدينة على أكثر من 20 جبلا.
هي المركز التجاري والإداري للمملكة، وقلبها النابض اقتصاديا وتعليميا، وتضم أعدادا كبيرة من الجاليات العربية (خاصة السورية والعراقية والفلسطينية)، كما تستقبل أفواجا من السياح من كل بقاع العالم.
وبفضل موقعها الإستراتيجي، تتحكم عمان في جزء كبير من النشاط الاقتصادي الأردني، إذ تسهم في تحريك نحو 90% من الاستثمارات على المستوى الوطني.
الموقع الجغرافي
تقع مدينة عمان وسط الأردن، وتحديدا على دائرة عرض 31° شمالا وخط طول 35° شرقا، وتتميز بوجودها على منطقة جبلية متوسطة الارتفاع، ترتفع عن سطح البحر بنحو 750 مترا.
تمتد محافظة الزرقاء على حدودها الشمالية، بينما تحدها محافظتا معان والكرك من الجهة الجنوبية، وأجزاء من محافظة الزرقاء وصحراء البادية الممتدة إلى الحدود مع المملكة العربية السعودية من الجهة الشرقية، في حين تحدها من جهة الغرب محافظتا مأدبا والبلقاء.
وتنقسم محافظة العاصمة )عمان والمناطق المحيطة( إداريا إلى 9 ألوية و4 أقضية و8 بلديات و22 منطقة أمانة.

المناخ
يتميز مناخ المدينة بتباين واضح بين الفصول، فتكون أثناء فصل الشتاء باردة وممطرة نسبيا بين نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار، مع تساقط الثلوج أحيانا على المرتفعات. أما صيفا فتكون المدينة حارة وجافة، مع درجات حرارة قد تصل إلى 35 مئوية.
تتأثر المدينة أحيانا بالتيارات الهوائية القادمة من الصحراء الشرقية، مما يزيد من جفاف الجو وارتفاع درجات الحرارة أثناء النهار، في حين تنخفض بشكل ملحوظ ليلا بسبب الموقع الجبلي للمدينة.
السكان
بلغ عدد سكان عمان نحو 5 ملايين نسمة عام 2024 وفق تقديرات دائرة الإحصاءات العامة، أي ما يمثل حوالي 42% من العدد الإجمالي لسكان الأردن.
تتميز المدينة بتنوع سكاني واضح، إذ يتعايش بها الأردنيون مع الفلسطينيين الذين توافدوا على المدينة ونواحيها على موجتين، الأولى بعد النكبة عام 1948، والثانية بعد احتلال الضفة الغربية في نكسة عام 1967.
واستقبلت المدينة مئات الآلاف من العراقيين عقب حرب الخليج الثانية عام 1991، ثم بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003. كما احتضنت المدينة أيضا آلاف السوريين بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.
يتركز السكان في الأحياء الحضرية للمدينة وقرب المناطق الاقتصادية، بينما تمتد بعض التجمعات السكنية لتشمل الهضاب والمرتفعات المحيطة بالمدينة.
المساحة
تمتد عمّان على مساحة تقدر بـ7579 كيلومترا مربعا، تشمل النطاق الحضري والمناطق المحيطة. وتتميز المدينة بتضاريس جبلية متنوعة، إذ تنتشر الهضاب والمرتفعات في معظم أجزائها.

التاريخ
- العصور القديمة
تعود أقدم آثار الاستيطان البشري في منطقة عمان إلى الألفية السابعة قبل الميلاد، إذ اكتشف علماء الآثار موقع "عين غزال" شرق المدينة، الذي يعود إلى حوالي 7500 عام قبل الميلاد.
وعثرت هذه الاستكشافات -التي أجرتها دائرة الآثار الأردنية عام 1974 بتنسيق مع جامعة اليرموك ومشاركة جامعات عربية أخرى- على مدافن وتماثيل بشرية وحيوانية تدل على وجود حضارة زراعية استقرت في المنطقة أثناء هذه الحقبة التاريخية.
- المملكة العمونية
شهدت عمان في الألفية الثانية قبل الميلاد قيام مملكة العمونيين، الذين أسسوا "ربة عمون" واتخذوها مركزا لهم على الهضاب الشرقية لمدينة عمان.
شهد ذلك العصر بناء قلاع وتحصينات ومواقع دينية، إذ كان للمعابد دور بارز في الحياة الاجتماعية والدينية للسكان.
كما ساهم العمونيون في تطوير التجارة والزراعة في المنطقة، مما جعل عمان إحدى المراكز الحضارية الهامة في بلاد الشام آنذاك.
- الحقبة الرومانية
امتدت الحقبة الرومانية في عمان من العام 63 قبل الميلاد إلى نحو 324 م، وأدرج الرومان "فيلادلفيا" -الإسم الذي أطلقوه على عمان- ضمن مدن "الديكابوليس" العشر، وهي تحالف مدن يونانية-رومانية أدت دورا مهما في نشر الثقافة والحضارة الهلنستية والرومانية في المشرق.
شهدت المدينة آنذاك توسعا عمرانيا ملحوظا، إذ تم تشييد مسارح ومعابد عدة، وأُنشئت شبكات مائية متطورة لتأمين حاجات السكان. ويعد المدرج الروماني أبرز المعالم الشاهدة على تلك الحقبة، إذ يجسد فن العمارة الرومانية ودورها في الحياة الاجتماعية والثقافية.

- الحقبة البيزنطية
امتدت من أوائل القرن الرابع الميلادي حتى الفتح الإسلامي في النصف الأول من القرن السابع، شهدت عمان حينها تحولات بارزة عكست انتشار المسيحية في المنطقة، إذ بنيت عدة كنائس جعلت من المدينة مركزا دينيا وإداريا محليا يتبع الإمبراطورية البيزنطية.
تميزت هذه الفترة بظهور طابع معماري مختلف عن العصر الروماني، إذ غلبت زخارف أرضية وجدارية تحمل رموزا مسيحية على المباني والفضاءات العامة.
- الفتح الإسلامي
دخل المسلمون مدينة عمان بقيادة القائد يزيد بن أبي سفيان عام 635م، فأصبحت جزءا من الدولة الإسلامية الناشئة. ومنذ ذلك الحين شهدت عمان تحولات دينية وثقافية واضحة، إذ اعتمد السكان الإسلام دينا رسميا، وبدأ تشييد المساجد والمراكز الإدارية التي عززت من دورها في المنطقة.
ازدهرت عمان في العصرين الأموي والعباسي، وبنيت فيها القصور والمساجد، واستمرت في أداء دورها الإداري والتجاري، مع انتشار المدارس وحلقات العلم.
وفي العهد الفاطمي، اكتسبت عمّان أهمية عسكرية لكونها محطة لتجميع القوات وإمداد الجيوش.
أما في العصر الأيوبي، فقد ارتبط اسمها بمرور القائد صلاح الدين الأيوبي في طريقه لاستعادة القدس عام 1187م.

- العهد العثماني
أصبحت عمان جزءا من الدولة العثمانية ابتداء من القرن السادس عشر ضمن ولاية الشام. وعلى الرغم من تراجع دورها في القرون الأولى من الحكم العثماني، فإنها شهدت نهضة جديدة في القرن التاسع عشر مع إعادة إعمارها على يد الشركس الذين استقروا فيها.
وبرزت أهميتها أكثر مع إنشاء سكة حديد الحجاز عام 1908، التي ربطتها بالمدينة المنورة ودمشق، وأسهمت في تنشيط التجارة والهجرة.
- مرحلة الانتداب البريطاني
بعد سقوط الدولة العثمانية عام 1918، خضعت عمان، إلى جانب بقية شرق الأردن، للانتداب البريطاني الذي أقره مؤتمر سان ريمو عام 1920.
وفي عام 1921 اتخذ الأمير عبد الله بن الحسين من عمان مقرا لحكم إمارة شرق الأردن، لتصبح العاصمة السياسية والإدارية تحت إشراف بريطاني مباشر.
واضطلعت بريطانيا بدور أساسي في تنظيم شؤون المدينة وبناء مؤسساتها الحديثة، كما أشرفت على تكوين الجيش العربي بقيادة ضباط بريطانيين أبرزهم غلوب باشا، واستمر هذا الوضع حتى إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، حين تحررت عمان رسميا من الانتداب البريطاني.
- الاستقلال والتحديث
وبعد إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، تسارعت وتيرة التوسع الحضري في المدينة، فشيدت المؤسسات الحكومية والجامعات، لتصبح عمان العاصمة السياسية والاقتصادية والثقافية للمملكة الأردنية، وواحدة من أبرز المدن في المشرق العربي.

الاقتصاد
- الأنشطة التجارية
عمان مركز تجاري رئيسي على المستوى الوطني، إذ تنتشر فيها الأسواق التقليدية مثل سوق الحسين وسوق الذهب، إلى جانب المراكز التجارية الحديثة.
كما تضطلع المدينة بدور محوري في التجارة وطنيا، نظرا لموقعها الجغرافي الذي يربط بين المدن الأردنية والمحافظات المجاورة.
- القطاع المالي والخدمات المصرفية
تستضيف عمان المقرات الرئيسية لمعظم البنوك المحلية والدولية العاملة في الأردن، إلى جانب شركات التأمين والاستشارات المالية. ويشكل القطاع المالي أحد أبرز محركات الاقتصاد المحلي، إذ يسهم في جذب الاستثمارات وتمويل المشاريع، كما يعزز مكانة العاصمة باعتبارها مركزا ماليا إقليميا في منطقة الشرق الأوسط.
- الصناعة والخدمات اللوجستية
تمثل عمان محورا للصناعات الخفيفة والمتوسطة، علاوة على أنشطة لوجستية واسعة، تشمل النقل والتخزين وتوزيع البضائع داخليا وخارجيا، مدعومة بشبكة طرق حديثة وبنية تحتية متطورة تربط العاصمة بالموانئ والمناطق الصناعية في مختلف ربوع البلاد.
- التكنولوجيا وريادة الأعمال
شهدت عمان مع مطلع العقد الثالث من القرن 21 نموا ملحوظا في قطاع التكنولوجيا وريادة الأعمال، مع تأسيس حاضنات للشركات الناشئة ومراكز ابتكار تدعم المشاريع الرقمية والتطبيقات الذكية.
وتستقطب العاصمة استثمارات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ما يعزز التنوع الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة للشباب الأردني.

- السياحة والأنشطة الثقافية
تستفيد عمان من مواقعها الأثرية وتاريخها الثقافي لتطوير النشاط السياحي، وتستقطب أعدادا كبيرة من الزوار بفضل البنية التحتية السياحية التي تتوفر عليها.
كما تنشط المدينة في استضافة المؤتمرات والمعارض الدولية، مما يساهم في نمو قطاع الخدمات والسياحة الثقافية ويزيد من مساهمة العاصمة في الناتج المحلي الإجمالي.
المعالم
تضم عمان عددا كبيرا من المعالم والمواقع الأثرية، تجعل منها وجهة سياحية جاذبة، ومن أبرزها:
- آثار عين غزال
هو موقع أثري يقع في الشمال الشرقي من مدينة عمان على الطريق الرئيسي الرابط بينها وبين مدينة الزرقاء، ويرتفع حوالي 720 مترا عن سطح البحر، ويقع بالقرب من نبع ماء ضمن سلسلة جبلية على جانب نهر الزرقاء.
تم اكتشاف الموقع لأول مرة عام 1974م، إلا أن الحفريات الرئيسية بدأت عام 1982، وكشفت عن بقايا مستوطنات زراعية ورعوية تعود إلى حقبة العصر الحجري الحديث (8500 – 4500 ق.م).
- جبل القلعة والقصر الأموي
هو أحد أقدم وأهم المواقع الأثرية في المدينة، اتخذه العمونيون مقرا لحكم المدينة، كما استخدمه اليونانيون والرومان والبيزنطيون، قبل أن يقيم الأمويون على قمته "القصر الأموي" و"دار سك العملة".
يحتضن الموقع آثارا لمعابد رومانية وبيزنطية وأبراج دفاعية وآبار محفورة في الصخر الجيري، إضافة إلى تماثيل للملوك العمونيين.
- المدرج الروماني والساحة الهاشمية
من أبرز المعالم التي خلفها الرومان في المدينة، بني إبان عهد القيصر أنطونيوس بيوس في القرن الثاني الميلادي، وتشير كتابة يونانية منحوثة على إحدى منصات أعمدته إلى أنه شيد تكريما للإمبراطور مادريانوس، الذي زار عمان عام 130م.
يقع المدرج على سفح جبل الجوفة في الجزء الشرقي من المدينة، ويتسع لحوالي 6 آلاف متفرج، واستقبل العديد من العروض والفعاليات الفنية قديما وحديثا.
وتقع الساحة الهاشمية إلى جانبه، وهي فضاء تم إنشاؤه عام 1986 لاحتضان الاحتفالات الشعبية العامة.

- قصر الحرانة
هو قصر أموي يقع في الصحراء الأردنية على محاذاة الطريق المتجه إلى الأزرق، على بعد 65 كيلومترا شرق مدينة عمان، ويرتفع حوالي 659 مترا عن سطح البحر.
سمي بهذا الاسم نسبة إلى وادي الحرانة، الذي تنتشر على سطحه آلاف الحجارة الصوانية المعروفة باسم "الحرة"، مما يفسر التسمية الشائعة له.
شيد القصر في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 92 هـ الموافق 710 م، بدليل وجود كتابة كوفية فوق باب إحدى حجرات طابقه الثاني.
- الجسور العشرة
هو جسر قوسي أثري يتألف من عشرة قناطر، ويعود تاريخه إلى الحقبة العثمانية في الأردن. يقع في منطقة القويسمة، جنوب شرق المدينة.
شيد عام 1908 على يد الأتراك ليمر عبره خط سكة حديد الحجاز الذي ربط دمشق بالمدينة المنورة مرورا ببعض المدن الأردنية.
- متحف الآثار الأردني
هو متحف وطني تأسس عام 1951، ويقع على قمة جبل القلعة وسط المدينة. يضم مجموعات كبيرة من القطع الأثرية المستخرجة من الحفريات التي أجريت في مختلف مواقع الأردن، مرتبة ترتيبا زمنيا من الأقدم إلى الأحدث، منذ العصر الحجري القديم مرورا بالعصور التاريخية حتى الفترة الإسلامية.
تتنوع معروضات المتحف بين القطع الفخارية والزجاجية والمعدنية، إضافة إلى تماثيل من الفخار والجص والحجر، ونقوش وكتابات وأختام، ومجموعات من الحلي الذهبية، فضلا عن نقود تمثل مختلف العصور التاريخية.