فايننشال تايمز: الاستثمار الأجنبي بالصين يتلاشى

حسب فايننشال تايمز فإن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين أدت لزيادة كبيرة بعدد الشركات متعددة الجنسيات التي تحول مصانعها من الصين (غيتي إيميجز)

بدأت مجموعة من القضايا السياسية والتنظيمية تنزع أحلام العديد من الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل في الصين.

وظهرت هذه القضايا بسبب السياسات الصارمة التي انتهجها الرئيس تشي جين بينغ لمواجهة "كوفيد 19" وموقفه من حرب روسيا في أوكرانيا.

وأوضح مقال "فايننشال تايمز" البريطانية (Financial Times) كتبه الكاتب الصحفي جيمس كينغي أن توقعات الشركات متعددة الجنسيات التي لم تتحقق قد تنذر بتحول في كيفية عمل الاقتصاد العالمي.

وأكد الكاتب أن الاستثمار المباشر في الصين من قبل الشركات الأجنبية ينحدر إلى الهاوية، ناقلا عن يورغ ووتكي رئيس غرفة التجارة الأوروبية في بكين، قوله إن عدم القدرة على التنبؤ يدفع مجتمع الأعمال الأوروبي إلى تعليق الاستثمارات في الصين، فـ "العديد من أعضائنا يتخذون الآن نهج الانتظار والترقب للاستثمارات في الصين".

حالة تشاؤم

ويضيف رئيس غرفة التجارة الأوروبية، مستشهدا باستطلاع مواقف لهذا الشهر لأعضاء الغرفة البالغ عددهم 1800 عضوا، أن 23% منهم بدؤوا نقل استثماراتهم الحالية أو المخطط لها خارج الصين، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، وأكد أن 77% قالوا إن جاذبية الصين كوجهة استثمارية مستقبلية قد انخفضت.

وأشار الكاتب إلى أن هذا التشاؤم أصاب مجتمع الأعمال الأميركي أيضا، إذ يحذر مايكل هارت، رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين، من أن متاعب السفر التي يواجهها التنفيذيون الأجانب الذين يسعون لزيارة عملياتهم في الصين، بما في ذلك إلغاء الرحلات الجوية، وتعقيدات التأشيرات والحجر الصحي المطول عند الوصول، ستؤدي إلى "انخفاض هائل" في الاستثمار خلال سنتين، أو ثلاث، أو أربع من الآن.

وأضاف أن اليأس والألم الذي تعيشه العائلات الوافدة المحبوسة في شققها لأسابيع، في شنغهاي وأماكن أخرى، يغري الكثيرين بالإسراع بقدر الإمكان لمغادرة الصين.

ووجدت دراسة استقصائية، أجرتها غرفة التجارة الألمانية، أن ما يقرب من 30% من الموظفين الأجانب لديهم خطط لمغادرة البلاد.

وتوقع الكاتب أن ما يجري في الصين ينذر بتحول جوهري في كيفية عمل الاقتصاد العالمي، إذ لعقود من الزمان، كانت الصين واحدة من أهم الوجهات للشركات الغربية متعددة الجنسيات التي تسعى إلى عمليات التصنيع الخارجية أو زيادة المبيعات في أكبر سوق ناشئ في العالم.

تلاشي الاستثمارات الأجنبية

كشف الكاتب أن إحصاء لمشاريع الاستثمار الأجنبي التأسيسية في الصين، والتي تشمل مصانع جديدة وخططا أخرى أعلنتها الشركات الأجنبية، أظهر أقل إجمالي ربع سنوي في الربع الأول من هذا العام منذ أن بدأت السجلات عام 2003.

وأوضح أن بعض الشركات متعددة الجنسيات لا تزال تقوم بأعمال جيدة في الصين، لكن الحكايات المتزايدة عن الانقسامات المفاجئة تتصدر عناوين الصحف، إذ أعلن أكبر عميل لشركة بوينغ في الصين هذا الشهر عن إزالة أكثر من 100 طائرة من طراز "ماكس737" (MAX 737) من مشترياتها المخطط لها بالولايات المتحدة.

كما أدى ذلك إلى أن تحول شركات متعددة الجنسيات مصانعها من الصين إلى فيتنام وماليزيا ودول أخرى جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية.

يضاف إلى ذلك -بحسب تعبير الكاتب- المخاوف بشأن ولاء الصين لروسيا مما أثار مخاوف من أن تصبح بكين أيضا ذات يوم العدو العسكري للغرب.

ركود بسبب الإغلاقات

‎من جهتها أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية (The Wall Street Journal) أن الاقتصاد الصيني انحدر إلى حالة ركود ناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الشهر الماضي، مما أثار تساؤلات عما إذا كانت تدابير التحفيز التي خططت لها بكين يمكن أن تحول دون حدوث ركود طويل الأمد.

ونقلت تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الوطني الصيني أن الإنفاق الاستهلاكي والإنتاج الصناعي انخفض في أبريل/نيسان، بينما تباطأ بشكل حاد النمو في مجال الاستثمار بالبنية التحتية، الذي كانت بكين تراهن عليه للنهوض بالنمو هذا العام.

ومن جانب آخر، ارتفع معدل البطالة الرئيسي في الصين إلى أعلى مستوى له منذ عامين عند 6.1%، وهو ما اعتبرته الصحيفة الأميركية دليلا آخر على الضرر الاقتصادي الذي أحدثته إجراءات احتواء الوباء الأكثر صرامة في هذه البلاد منذ أكثر من عامين.

ومع أن النشاط يمكن أن يتعافى سريعا إذا تم رفع الإغلاق نهاية المطاف، فإن الضرر الناجم عن التزام الصين بالقضاء على تفشي كوفيد-19 تتوالى تأثيراته على الاقتصاد ويظل باقياً، كما تقول الصحيفة.

كما أفادت جمعية مبيعات السيارات في شنغهاي قبل أيام أن الإغلاق على نطاق المدينة تسبب في عدم بيع سيارة واحدة الشهر الماضي.

وتقول "وول ستريت جورنال" في تقريرها إنه يمكن للمرء الشعور بوطأة القيود المفروضة بسبب الجائحة في قطاع التصنيع الصيني أيضا، حيث تعاني المصانع للحصول على عمال.

وترافق ذلك مع تراجع الطلب الخارجي على السلع الصينية، إلى جانب الشلل الذي أصاب الإنتاج وتعطل سلاسل التوريد.

لكن تقريرا لرويترز قال إن شنغهاي أعادت فتح جزء صغير من أطول شبكة لمترو الأنفاق في العالم يوم الأحد بعد إغلاق بعض الخطوط لما يقرب من شهرين، في حين تمهد المدينة الطريق أمام مواصلة رفع قيود الإغلاق الصارمة بسبب كوفيد-19 الأسبوع المقبل.

وأشار التقرير إلى أثر إغلاق شنغهاي والقيود المفروضة على مدن أخرى سلبا على الاستهلاك والإنتاج الصناعي وقطاعات أخرى من الاقتصاد الصيني الأشهر الأخيرة، مما دفع صناع القرار إلى التعهد بتقديم الدعم.

المصدر : رويترز + فايننشال تايمز + وول ستريت جورنال